17th Asian Games INCHEON 2014

كانت دورة الألعاب الآسيوية التي جرى تنظيمها في إنشون هي عبارة عن ستة عشر يوما من التنافس الحامي الشرس جمعت 4.5 مليار نسمة سويا باسم الرياضة والسلام وجاءت النهاية أخيرا بانتهاء المناسبة الختامية الرائعة التي جرت في الرابع من أكتوبر. وبوجود ممثلين لكل الدول الآسيوية بما فيها العراق وفلسطين وكوريا الشمالية كانت دورة الألعاب الآسيوية في إنسون هي الوحيدة من نوعها التي تشارك فيها كافة الدول الآسيوية بالتمام والكمال.

وكانت الدورة هي الثالثة من نوعها في كوريا منذ أن احتضنت كوريا الجنوبية آخر منافسة ألعاب آسيوية لها في بوسان في 2002 وقبلها في سيول في 1986.وبنيلها 79 ميدالية ذهبية و71 فضية و84 برونزية تمكنت كوريا من تحقيق الهدف الذي وضعته وهو الحلول في المركز الثاني للبطولة للمرة الخامسة على التوالي.شهدت الدورة عددا من اللحظات المؤثرة التي كانت لحظات بكاء وفرح ومرح ومحبة وصراع وروح قتالية وتحديات في إطار من المحبة والصداقة الآسيوية. فقد توحدت كل القارة الآسيوية باشتعال الشمعة التي آذنت ببدء انطلاق دورة الألعاب الآسيوية في إنشون في ال19 من شهر سبتمبر المنصرم بمشاركة 9800 رياضي في 36 منافسة مختلفة ومن أجل حصد 439 ميدالية ذهبية ، وذلك في أكبر منافسة رياضية آسيوية في التاريخ الآسيوي.

نالت كوريا ميداليتها الذهبية الأولى بشكل مفاجئ في الفنون العسكرية القتالية التقليدية والتي تسمى في الصين " وو شو " وهي نمط رياضي غير منتشر كثيرا في كوريا. واستمرت كوريا في اقتطاف الميداليات الذهبية في المبارزة حيث عاد المبارزون الكوريون الذي كانوا قد أدهشوا العالم في دورة لندن الأولمبية في 2012 لممارسة هوايتهم في الإدهاش مرة أخرى وحصد المبارزون الكوريون أربع من الميداليات الذهبية الست المحددة للمباريات الفردية. وفي المنافسات الجماعية للمبارزة فاز الفريق الكوري ب8 ميداليات ذهبية وست فضيات وبرونزيتين في سجل مدهش هو الآخر.

شعار روح الفريق هو شعار جديد ساعد عددا من الفرق الكورية في الفوز في عدد من المنافسات الجماعية حيث بلغ عدد الميداليات الذهبية التي حصلت عليها كوريا في مجال الألعاب الجماعية 25 ميدالية من بين 79. ورأى البعض أن فوز كوريا بعدد من الميداليات في المباريات الجماعية شيء متسق مع الثقافة الكورية والأخلاق الكورية حيث أن الفرق الكورية بشكل عام تركز كثيرا على التدريب الجماعي في مباريات محددة مثل تنس الطاولة وكرة الريشة ويلعب الفريق في هذه الضروب من الرياضة الجماعية بتعاون وتنسيق ملحوظ. أبلى الفريق أيضا بلاءً حسنا في المنافسات الفردية فمنذ أن صارت المصارعة مناسبة آسيوية رسمية في مانيلا عام 1954 صار الكوريون يحصدون ميداليات في ذلك المضمار. كان للميداليتين التين نالتهما كوريا في إنشون مغزى خاص بعد أن فشلت في نيل أي ميدالية في ذلك المجال في الدورة السابقة في الصين قبل 4 أعوام.وكانت الملاكمة هي رياضة أخرى فشلت كوريا فيها في تحقيق أي ميدالية منذ بوسان 2002 غير أن إنشون كانت محطة تجدد فيها مرة أخرى حصول كوريا على ميدالية في الملاكمة.وفي التايكوندو فاز الكوري لي دي هون بذهبيتين موقعا هزائم سريعة بمنافسيه. وحافظت كوريا على هيمنتها وسمعتها كموطن لهذا الضرب من الرياضة بالحصول على ست ذهبيات.وحققت كوريا مفاجآت في ألعاب رياضية لم يكن لكوريا تفوق أو تميز معروف فيها. فللمرة الأولى منذ 1986 نستمع للنشيد الوطني الكوري داخل ميدان تنس أرضي عندما فاز الثنائي الكوري الصاعد ليم يون كيو وجنغ هيون ون بالميدالية الذهبية في التنس .وفي نفس اليوم انتزع شو كوانغ هي ذهبيته في سباق 200 متر فردي رجالي للمرة الأولى بعد 24 عاما .وتوالت مسيرة الذهب بعد ذلك عبر اليخوت بعد فوز كيم يي جيل بذهبية النساء فردي في التجديف كما صار الصبي الذي لم يتعد الرابعة عشر بارك سن بين أصغر آسيوي ينال الميدالية الذهبية في قيادة فردي زوارق.والبيزبول كذلك كان ساحة للانتصارات الكورية حيث خاض الفريق الكوري كل المباريات التي خاضها بجسارة ملحوظة ليحصل على الميدالية الذهبية للمرة الثانية على التوالي مؤكدا إنه أفضل الفرق الآسيوية في البيزبول..وقفز الفريقان الكوريان النسائيان في رياضتي كرة السلة وكرة الطائرة فوق سور الصين العظيم حيث هزم الأول منافسه الصيني 74- 64 وحصد الذهب للمرة الأولى منذ دورة هيروشيما في اليابان عام 1994.وفي ذات اليوم استعاد فريق كرة الطائرة ذهبيته التي طارت منه قبل عشرين عاما بعد هزيمته للصين. وفي كرة القدم التي هي الرياضة الشعبية الأولى والأوسع انتشار في كوريا ارتفع مقياس هذه الشعبية خلال ألعاب إنشون بشكل ملحوظ بسبب إن المباراة النهائية كانت شأنا كوريا خالصا ومعركة داخلية بين الكوريتين الإخوة الأعداء وبلغت الإثارة والشد العصبي قمته عندما انتهى الزمن الأصلي بالتعادل. وفي الشوط الثاني من الزمن الإضافي جاء الهدف الذي أراح وأسعد كل كوري جنوبي. واستمر مقياس الإثارة في اليوم التالي عندما حول فريق كرة السلة الرجالي الكوري هزيمته أمام الفريق الإيراني القوي إلى انتصار درامي وصعب بنتيجة 79 مقابل 77 ليحصد الذهبية بعد 12 عاما.استمر السباق والتنافس الحامي في إنشون الذي حققت فيه كوريا المركز الثاني عن جدارة. كانت دورة في منتهى التميز وسوف تذكرها الجماهير لفترة طويلة إذ اتسمت بالفن والمهارة واكتسبت أشكالا متعددة من أرواح التحدي، وكانت بالنسبة للقارة الآسيوية بمثابة تجربة وبروفة ستقودها لظهور مشرف في ريو دي جانير في البرازيل .لم يكن مهما عدد الميداليات التي حصل عليها كل فريق وإنما روح التعاون والتضامن الآسيوي الذي أظهره الجميع. .