
أصدرت منظمة التجارة العالمية حكما لصالح اليابان بشأن حظر كوريا الجنوبية لاستيراد المأكولات البحرية اليابانية. وفي التاسع من أبريل الجاري قدمت كوريا استئنافا للمنظمة العالمية التي يقع مقرها في جينيف. اليوم نستضيف المعلق الاقتصادي "جونغ تشول جين" ليحدثنا عن أبعاد هذا النزاع التجاري بين البلدين. الاقتصادي "جونغ تشول جين" : الاقتصادي "جونغ تشول جين" : الاقتصادي "جونغ تشول جين" : الاقتصادي "جونغ تشول جين" : الاقتصادي "جونغ تشول جين" :
يرجع تاريخ هذا النزاع لعام 2011 عند تعرضت اليابان لزلزال مدمر تأثرت به محطة فوكوشيما النووية. وخوفا من التأثيرات الإشعاعية النووية المحتمل أن تكون قد أثرت على المنتجات البحرية اليابانية، قررت كوريا حظر ثمانية من وارداتها من تلك المنتجات حرصا على سلامة مواطنيها. وفي 2013 تم توسيع دائرة الحظر ليشمل 13 سلعة يابانية بحرية. وفي المقابل احتجت اليابان على الحظر ورفعت الأمر لمنظمة التجارة العالمية. وفي أول جلسة استماع لها حكمت المنظمة لصالح اليابان مشيرة إلى أن الحظر الكوري جاء مفتقرا للشفافية وهو ما دفع كوريا الجنوبية للاستئناف ضد الحكم.
في أعقاب التسانومي المدمر الذي اجتاح اليابان في عام 2011، قررت 46 دولة من بينها كوريا الجنوبية، حظر وارداتها من المأكولات البحرية اليابانية بعد تسرب معلومات تشير إلى احتمال تعرض تلك المنتجات البحرية للتلوث الإشعاعي النووي، وما زالت هناك 24 دولة تفرض ذلك الحظر. وطالبت 24 دولة، من بينها أمريكا وروسيا والأرجنتين، اليابان بتقديم شهادات موثقة تؤكد أن منتجاتها البحرية تخضع لكشف صحي يؤكد خلوها من التعرض لأي مواد إشعاعية. كما قررت تسع دول بتحديد المناطق المتاخمة لفوكوشيما كمناطق يُحظر جلب أي واردات بحرية منها.
الأمر يتعلق بالغذاء وسلامته. الشعب الكوري شديد الحساسية والقلق تجاه المنتجات البحرية التي تأتي من اليابان في أعقاب ما جاء في عدة تقارير عن احتمال تعرض تلك المنتجات لإشعاعات نووية بسبب الزلزال. كان لا بد من أن تأخذ الحكومة الكورية ذلك في الاعتبار بشكل كافٍ. المنتجات البحرية اليابانية المحظورة تتضمن أنواعا من الأسماك التي تجد رواجا وإقبالا شعبيا كبيرا في كوريا، مما يعني أن أي تلوث في تلك الأصناف قد يتسبب في أضرار كبيرة لمستهلكيها. كذلك فإن طرح المنتجات اليابانية في كوريا قد يحدث ربكة في الأسواق تتأثر بموجبها كذلك حتى المنتجات الكورية المماثلة والسليمة بسبب الإحجام الكامل المتوقع عن استهلاك تلك الأسماك سواء كانت يابانية أو كورية الأصل.
من ناحية أخرى، أصدر معهد أمريكي متخصص في شؤون البحار والمحيطات، تقريرا حول اختبار أجراه على المياه القريبة من محطة فوكوشيما، حيث توصل إلى أن نسبة السيزيوم في تلك المياه تزيد بنحو عشرة أضعاف مقارنة ببقية الأماكن الأخرى. أيضا، تحدثت تقارير صادرة عن وسائل الإعلام اليابانية عن أن المياه حول فوكوشيما ما زالت تتدفق على المحيط بنسب تركيز إشعاعي نووي عالٍ. ولكل ذلك قررت كوريا استئناف الحكم.
الاستئناف قد يمضي بصورة أسرع مما حدث في جلسة الاستماع الرئيسية. ربما يتم البت في القضية خلال مدة تتراوح بين ثلاثة وأربعة أشهر على الأكثر. في حالة صدور الحكم الخاص بالاستئناف في غير مصلحة كوريا، فإن كوريا ستقرر فيما يتعلق بقبول الحكم أو رفضه. وفي حالة القبول عليها اتخاذ الإجراءات المتعلقة برفع الحظر بشكل فوري. وفي حالة الرفض يمكن لها أن تعمد إلى إرجاء استيراد خلال فترة التداول التي قد تمتد لـ15 شهرا. ومن المحتمل صدور نتيجة الحكم خلال شهر يوليو القادم. بالنسبة لكوريا لا يبدو الأمر مشجعا نظرا لما صدر بخصوص استئنافات سابقة وفي حالات أخرى مشابهة.
في حالة عدم قبول المنظمة لطلب الاستئناف الكوري، فسوف يتم منح كوريا فترة تداول تبلغ 15 شهرا قبل رفع الحظر عن المنتجات اليابانية. لكن الحكومة الكورية ما زالت تجد نفسها في موقف صعب.
في حالة خسارة كوريا لهذه القضية ستكون خيارتها محدودة بين القبول ورفع الحظر، أو التجاهل واستمرار الحظر. وحسب القانون الدولي، فإن حكم منظمة التجارة العالمية لا يعتبر حكما ملزما واجب التنفيذ، لكن يصبح من حق الدولة التي كسبت القضية القيام بأي مواقف انتقامية ضد الدولة التي رفضت تنفيذ الحكم. هكذا سيصبح من حق اليابان فرض أي رسوم أو قيود أو إجراءات تمييزية تجاه أي واردات كورية لليابان.
ومع الخلافات الجارية حاليا بين كوريا والولايات المتحدة الأمريكية بخصوص الغسالات ومنتجات الصلب والسيارات الكورية، فإن الخلاف مع اليابان سيزيد من المصاعب التي تواجهها الصادرات الكورية. ولذلك يرى المراقبون أنه من الأفضل لكوريا في حالة صدور حكم ليس في صالحها أن تقبله، مع وضع نظام للفحص الدقيق للمنتجات اليابانية.
ليس من المعروف حاليا إذا كانت السوق الكورية سوف تستقبل قريبا أي منتجات بحرية يابانية. لكن في حالة دخول تلك المنتجات فعلى كوريا أن تفحصها بشكل جاد وشامل ومؤكد حتى تضمن سلامة مواطنيها وتعزز ثقتهم بحكومتهم. لا بد من إيجاد وسائل تواصل بين الحكومة والمواطنين في هذا الشأن من أجل تعزيز الثقة وتبديد المخاوف وتوفير الضمانات.
السلامة العامة يجب أن تكون هي الهدف. وكدولة تعتمد تماما على الصادرات لا بد على كوريا أن تضع استراتيجية واعية ومدروسة للتعامل مع حكم منظمة التجارة العالمية.