الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

نافورة الشباب

2018-08-03

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، في قرية جبلية نائية، عاش زوجان عجوزان، كانا فقيران لكنهما كانا يعملان بكل جد، ولم يكن لهما أطفال، فكانا يشعران بالوحدة من حين لآخر، لكن هذا لم يكن مشكلة كبيرة، لأنهما كانا يحبان بعضهما مثيرا، فكانت حياتهما سعيدة رغم ما فيها من مشقة.

وفي يوم من الأيام، كانت الزوجة تنتظر عودة زوجها في المنزل، وكان قد خرج في الصباح الباكر ليقطع بعض الحطب في الغابة، لكنه تأخر في العودة. بدأ الظلام يخيم على القرية، فشعرت بالقلق، وتساءلت عما قد حل به. وفجأة، دخل منزلها شاب يافع، وكان يحمل إطار خشبي كان زوجها يحمله عند خروجه في الصباح، فانقبض قلب الزوجة واعتصره القلق، فسألت الشاب بصوت مرتجف:"هل تعرف ما حل بصاحب هذا الإطار؟" ضحك الشاب وقال:"حبيبتي، هذا أنا! لم تعرفيني أليس كذلك؟" اتسعت عينا الزوجة عن آخرهما وفغرت فاها في دهشة عارمة وهي تتأمل الشاب، الآن بعد أن سمعت صوته ودققت في وجهه تيقنت من أن الشاب الماثل أمامها ليس سوى زوجها، غير أنه أصغر سنا، أصغر كثيرا! حاولت أن تسأله عن معنى كل هذا، لكن الدهشة عقدت لسانها فلم تستطع إلى النطق سبيلا.

بدأ الزوج يقص ما حدث "عندما ذهبت إلى الجبل لجمع الحطب، وجدت طائرا مسكينا أزرق اللون عالقا في شبكة. كان المشكين يحاول الفكاك، فراح يحرك جناحيه كالمجنون، لكن هذا جعل الشبكة تلتف عليه بشكل أكثر إحكاما. أشفقت عليه، فقطعت الشباك وحررته. وما إن فعلت حتى حلق بجناحيه عاليا، ثم عاد وراح يحوم حول رأسي وكأنه يريدني أن أتبعه، فتبعته. قادني إلى نافورة ضخمة، وكان حلقي جافا فشربت حتى ارتويت، وبعدما انتهيت، شعرت بقوة وعافية تسري في جسدي." ثم أخذ نفسا عميقا وتابع:"وعمدما نظرت للماء تحتي، صعقني ما رأيت، فصورتي التي انعكست على الماء مانت لشاب قوي يافع. تذكرت الطائر فجأة فالتفت أبحث عنه، لكنني لم أجد له أثرا." وبعدما انتهى الزوج من قصته العجيبة، عرض على زوجته أن تذهب معه إلى نافورة الشباب العجيبة، فوافقت على الفور. وعندما وصلا إلى هناك، شربت من النافورة رشفة صغيرة، ورغم أنها كانت تتوقع ما سيحدث إلا أن دهشتها كانت عارمة وهي ترى شعرها الفضي الطويل يتحول إلى الأسود الفاحم، والتجاعيد التي كانت قد كست وجهها تنمحي وتنفرد، جتى صارت شابة جميلة فاتنة. كانت سعادة الزوجين عظيمة كاسحة.

على مقربة من منزل الزوجين، كان هناك زوجان آخران مسنان، غير أنهما كانا طماعين جشعين، وكانا كثيرا التشاحن والشجار. عندما رأيا التغير المذهل الذي طرأ على جاريهما ظلا يلحان عليهما حتى عرفا السر، ثم سارعا إلى النافورة فلم يكتفيا برشفة، وإنما راحا يعبان الماء في نهم حتى انتفخت بطن كل منهما.

انتظر الزوجان الطيبان جاريهما في شغف، وهم يمنيان نفسيهما برؤية جيرانهم وقد انقلبا إلى شابين يافعين موفوري الصحة. لكن انتظارهما طال، وحتى بعدما حل الليل وكسا كل شيء بظلامه الدامس، لم يعد الجاران. في الصباح الباكر، انتاب الزوجين الطيبين القلق، فذهبا إلى النافورة العجيبة ليتفقدا أمر جاريهما، لكنهما لم يجدا الجارين العجوزين ولا حتى شابين يافعين، بل وجدا طفلين رضيعين يبكيان في انهيار تام!

دهش الجاران الطيبان دهشة عظيمة، لقد شرب الطماعان من النافورة وأسرفا في الشرب حتى عادا رضيعين! ظن الزوجان أنها هدية من السماء لهما، حيث أنهما كانا عقيمين، وقررا أن يربيا الطفلين فيحسنا رعايتهما. وهكذا عادا شابين وصارا أبوين، فاكتملت سعادتهما.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;