الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

حكاية "بيه"

2019-05-24

ⓒ Getty Images Bank

تدور القصة في القرن التاسع عشر، في عصر مملكة جوسون الكورية. وتبدأ القصة بتعيين أحد الموظفين الحكوميين رفيعي الرتبة في منصب القاضي المحلي لجزيرة جيجو. وعندما ذهب ليتسلم منصبه، كان في صحبته موظف حكومي آخر برتبة أقل يُدعى "بيه". وقد سافر "بيه" كل هذه المسافة من من العاصمة سيول إلى جزيرة جيجو أقصى الجنوب كي يعمل مساعدًا للقاضي. وقبل أن يغادر "بيه" منزله، أقسم أن يبتعد تمامًا عن النساء فلا يقربهن، إكرامًا لذكرى زوجته الراحلة.

وفي جزيرة جيجو، عمل "بيه" بكل جد ونشاط، وكان رجلًا أمينًا حريصًا على أن يحقق كل الآداب الكونفوشية التراثية بكل تفانٍ. وعندما رأى "بيه" الرجل الذي سبقه في العمل في منصبه في أحد الأيام مفتونًا بإحدى جواري الكيسنغ، سخر منه سخرية لاذعة، ولقبه بالأحمق. شك القاضي أن "بيه" ما هو إلا رجل منافق مدعٍ للفضيلة، مبالغٍ في ادعائاته، فقرر أن يختبره. وهكذا، وضع القاضي خطة وأمر خادمه بتنفيذها لاكتشاف حقيقة "بيه"، الذي كان -في نظر القاضي- ذئب في ثياب حمل وديع. حمل الخادم رسالة سيده إلى جارية من أشهر جواري الكيسنغ، كانت تُعرف باسم "إيه رانغ"، وهي نفس الجارية التي كانت قد أوقعت الرجل الذي كان يشغل منصب "بيه" سابقًا في شباكِها. عندما قرأت الرسالة، ثار فضولها حول ذلك الرجل العجيب، وقررت أن تتعاون مع القاضي لتعرف حقيقته.

بدأت "إيه رانغ" والخادم في تنفيذ الخطة فورًا كي يوقعا "بيه". وهكذا، شجع الخادم "بيه" على الذهاب في نزهة خلوية في مكان طبيعي جميل، ولم يكن "بيه" يدري أنها خطة معدة مسبقًا، وأن "إيه رانغ" ستكون هناك مستعرضة فتنتها الطاغية وهي تتظاهر أنها لا تعرف أنه هناك من يراقبها. ما إن سقطت عينا "بيه" عليها حتى فُتن بها، ولم يستطع أن يتوقف عن التفكير فيها ليل نهار، حاول كثيرًا أن يصرف تفكيره عنها، لكن محاولاته باءت بالفشل. في النهاية، كتب لها خطابًا وأمر الخادم أن يحمله لها، وسر سرورًا عظيمًا عندما أتاه ردها مرحبًا، حيث أخبرته أن يأتي لزيارتها سرًا في الليل.

وهكذا، ذهب "بيه" لزيارة "إيه رانغ" في الليل، وهو يرتدي ثيابًا رثة وقبعة مهترئة، وعبر من شق صغير في سور منزلها حتى دخل. تحمل كل هذه التفاصيل المهينة السخيفة في سبيل أن يقابل تلك المرأة التي فتنته. استطاع أن يرى "إيه رانغ" أخيرًا، لكن سروره لم يدم، إذ سرعان ما عاد زوجها إلى المنزل، لكنه في الواقع لم يكن سوى الخادم المتآمر متنكرًا في هيئة زوج "إيه رانغ"، لكن "بيه" كان في حالة من التوتر والارتباك الشديد حتى أنه لم يتعرف على الخادم وصدّق الخدعة. وهكذا، سارع ليختبئ في جوال ضخم غير منتبه إلى أنه شبه عار. عاد الخادم يتساءل في صوتٍ غاضب متظاهرًا بأنه الزوج عن محتوى ذلك الجوال العجيب، ثم خرج من الغرفة كي يأتي ببعض النبيذ. وما إن سمع "بيه" صوت الباب حتى خرج من الجوال ودخل ليختبئ في صندوق خشبي كبير كان موجودًا في الحجرة، فعاد الخادم من جديد وقال إنه يفكر في حرق الصندوق الخشبي، وليزيد من رعب الرجل المختبي داخل الصندوق، تظاهر بأنه يحمل منشارًا لينشر الصندوق. كان "بيه" في حالة يرثى لها من الرعب والتوتر.

أخيرًا، أمر الخادم بعض معاونيه أن يحملوا الصندوق ويلقوه في البحر. شعر "بيه" أن الصندوق الذي يختبئ فيه يُحمل ويتم نقله إلى مكان ما بالفعل. وحين فُتح الصندوق أخيرًا، استعد "بيه" كي يسبح حتى يصل إلى بر الأمان، لكنه اكتشف أنه ليس في المحيط كما كان يظن، بل في الباحة الخلفية لمكتب القاضي! خرج "بيه" بصعوبة كبيرة من الصندوق وهو شبه عارٍ، ليجد نفسه أمام جمع غفير من الناس، فشعر بالمهانة والذُل. وبهذه الطريقة، فُضح أمر ذلك الرجل المنافق وخيانته.

هذه القصة التراثية شهيرة جدًا، ولها عدة نسخ، بعضها له نهاية سعيدة، لكن العامل المشترك بينها جميعًا هو النقد الشديد والسخرية اللاذعة من النظام الاجتماعي الطبقي لعصر جوسون، ومن طبقة الأرستقراطيين في ذلك العصر خاصة. وقد تم عرضها في عدة صور، كالمسرحيات والمسرحيات الغنائية الاستعراضية.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;