مُجتبى الصادق: كوريا هي الأمان، والسودان هو الحب
2024-03-22
تشكل مساحة الجبال في كوريا حوالي 70 بالمائة من إجمالي الأراضي في كوريا الجنوبية، ولكن لم تكن الأراضي الكورية في الماضي على شاكلتها اليوم، بسبب الحكم الاستعماري الياباني، والحرب الأهلية الكورية. حيث كانت الغابات في بداية الخمسينيات من القرن الماضي في أسوأ أحوالها نتيجة لسوء استغلالها من قبل المستعمر الياباني، وبسبب الحرب الأهلية الكورية أيضا. وكان إجمالي مساحة الأشجار في كوريا الجنوبية يقدر بنحو خمسة وستين مليون متر مكعب في عام 1942، وانخفض في عام 1952 إلى حدود ستة وثلاثين مليون متر مكعب. أي أن مساحة الأشجار شهدت انخفاضا بسبب الحقبة الاستعمارية اليابانية أكثر منه خلال الحرب الاهلية الكورية.
وشهد استهلاك الأخشاب لدى النازحين ارتفاعا كبيرا خاصة مع قلة الكهرباء والفحم ومصادر الطاقة مما أدى إلى اختفاء ما لايقل عن 17 بالمائة من الأشجار في مختلف أرجاء الوطن والتي انتهى مصيرها إلى الأفران خلال عام 1955 وحده. وكان قد حذر الخبراء من أنه في حال استمر الوضع على ما هو عليه وتواصل نزيف استهلاك الأشجار بتلك الصورة دون اتخاذ إجراءات ناجعة، فستصبح كل الجبال في البلاد خالية من الأشجار في غضون عشر سنوات. وفي مواجهة هذا الوضع الخطير، وضعت حكومة الرئيس "بارك جونغ هي" أول خطة وطنية للتنمية الاقتصادية في عام 1962، وبموجب الخطة، تم إمداد المدنيين في خمس وثلاثين مدينة بالفحم عام 1964 من أجل وقف استخدام أخشاب الأشجار للتدفئة والطهي.
وشكلت زيارة الرئيس "بارك جونغ هي" لألمانيا الغربية في عام 1964 نقطة تحول كبيرة في مشروع التشجير، حيث صدم "بارك" خلال الزيارة بالمساحات الشاسعة للغابات الألمانية المترامية الأطراف، وتعهد بعدم زيارة أوروبا مجددا حتى تتحول جميع الجبال في كوريا إلى مساحات خضراء. حيث تم تنفيذ مشروع التشجير على نطاق واسع في البلاد وبإشراف حكومي بدءا من عام 1965، وحضر الرئيس فعاليات غرس الأشجار بشكل يومي.
وكان قد تم تنفيذ هذا المشروع بالتنسيق مع حملة "سيه ماوول" أي "حملة لبناء قرية جديدة"، التي تم خلاها مد الطرقات والأرصفة داخل الأرياف ليتم نقل الفحم الحجري إلى المنازل بشكل آمن، وشكلت هجرة سكان الأرياف إلى المدن في ظل التحول الصناعي في البلاد أحد عوامل نجاح مشروع التشجير. وبفضل الخطط الوطنية لتشجير الأراضي الكورية، إرتفعت المساحة الإجمالية للأشجار في كوريا في عام 2017 إلى نحو تسعمائة وثلاثة وسبعين مليونا وستمائة ألف متر مكعب، أي تضاعفت سبع وعشرين مرة مقارنة بعام 1952. وحسب بيانات إحصائية صادرة عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، فإن حجم الأشجار لكل هكتار واحد في المناطق الجبلية في كوريا بلغ عام 2015 نحو 148.5 متر مكعب، وهي نسبة أقل من ألمانيا أو سويسرا، لكنها تفوق الولايات المتحدة.
تجدر الإشارة الي أن الغابات تقدم فوائد كبيرة لكوريا مثل تنقية الهواء، ومنع انزلاق التربة، وامتصاص الغازات الدفيئة، فضلا عن منح الناس شعورا بالراحة والاسترخاء. وحسب إفادة تقدم بها معهد علوم الغابات فإن القيمة الاقتصادية الجملية التي شكلتها الغابات في عام 2016 بلغت مائة وستة وعشرين تريليون وون.
2024-03-22
2024-03-22
2024-03-22
يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;