الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الاقتصاد

الجدل حول دعم بنوك الإنترنت

#قضية اقتصادية l 2018-08-13

ⓒ YONHAP News

مضى عام كامل على انطلاق خدمة بنوك الإنترنت في كوريا. ومؤخرا أصدر الرئيس الكوري "مون جيه إين" توجيهات لدعم تمويل تلك البنوك حتى تستمر في توفير خدماتها المالية السهلة والسريعة. 


المعلق الاقتصادي "تشونغ تشول جين":

لتنشيط عمل بنوك الإنترنت والصناعة المالية في البلاد بشكل عام، طالب رئيس هيئة الرقابة المالية بضرورة تحديث وتخفيف الضوابط والإجراءات الخاصة ببنوك الإنترنت، والتي تمنع رأس المال الصناعي من امتلاك أسهم في البنوك. هكذا وجدنا أن رئيس هيئة الرقابة المالية التي ظلت تشدد على ضرورة الفصل بين رأس المال الصناعي والقطاع المالي، صار يدعو بنفسه الآن لتخفيف تلك المبادئ التقليدية السائدة. وفوق كل ذلك قال الرئيس "مون جيه إين" إن هناك حاجة لتخفيف تلك اللوائح، وبالتالي من المتوقع أن يسارع البرلمان إلى تبني قوانين إصلاحية في هذا الشأن تتعلق بقضية الفصل بين رأس المال الصناعي والبنوك.


يعتبر مبدأ تحديد قدرات الشركات غير المالية على امتلاك أنصبة كبيرة من أسهم البنوك من بين أهم المبادئ الرئيسية الخاصة بالصناعة المالية في كوريا. فسياسة الفصل بين البنوك والمؤسسات التجارية ترمي إلى منع الشركات الكبرى من السيطرة على  البنوك باستغلال مواردها المالية الضخمة. لكن بدأت أصوات متعددة تدعو مؤخرا إلى ضرورة تخفيف تلك اللوائح فيما يخص خدمات بنوك الإنترنت، باعتبار أن ذلك سيؤدي إلى المزيد من الاستثمارات في مجال شركات المعلومات والاتصالات، وهو ما سيؤدي بدوره لتطور الصناعات التكنولوجية المرتبطة بذلك، وعلى رأسها تقنية الخدمات المالية، مما يعني خلق المزيد من الوظائف الجديدة. والحكومة الكورية متفائلة جدا بمستقبل بنوك الإنترنت بناءً على ما تحقق من نجاح أولي.


المعلق الاقتصادي "تشونغ تشول جين":

أعتقد أن نجاح بنوك الإنترنت قائم على ما يمكن أن مسيه بـ"الإحساس السليم" من حيث توفير خدمات سهلة وسلسة وسريعة عبر شبكة الإنترنت. فحتى نهاية شهر مارس الماضي نجح بنك الإنترنت المعروف باسم "كي بانك" في اجتذاب 700 ألف عميل. أما بنك "كاكاو" فقد حقق نجاحا أكبر حيث بلغ عدد مستعمليه نحو 5.7 مليون شخص، حيث إن تطبيق "كاكاو توك" للرسائل الفورية المجانية هو الأكثر شعبية عبر التلفونات الذكية في كوريا الجنوبية. وقد بلغ حجم العائد المالي لودائع "كي بانك" تريليون وون، و"كاكاو بانك" خمسة تريليونات وون، كما وصل حجم القروض المقدمة منهما 850 مليار وون و4.6 تريليون وون على التوالي. ولذلك فإن أداء البنكين كان بالفعل ممتازا خلال العام الماضي. 


يمكن لمستعملي بنوك الإنترنت التمتع بالخدمات المصرفية المختلفة دون الحاجة لتحميل شهادات تفويض مالي، بما في ذلك الحصول على قروض دون القيام بزيارة شخصية للبنوك، وبرسوم أقل تكلفة، وأسعار فائدة أكثر انخفاضا، مقارنة بالبنوك العادية. وكل ذلك يتم بسهولة وسرعة فقط من خلال الهواتف الذكية. ولهذا شهدت تلك البنوك في كوريا إقبالا شعبيا كبيرا. لكن هناك من يخشى أن يكون ذلك النجاح مجرد رواج وقتي.


المعلق الاقتصادي "تشونغ تشول جين":

بنوك الإنترنت بحاجة لرؤوس أموال كبيرة لتوسيع أعمالها، مثل تقديم قروض قصيرة أو متوسطة الأجل بأسعار فائدة مناسبة. لكن اللوائح الحالية وتحديدا قواعد الفصل بين الشركات غير المالية والبنوك، تمنع ذلك. فبموجب القانون الحالي لا يمكن لأي مؤسسة غير مالية الحصول على أنصبة تزيد عن 10% من أسهم البنوك وبحقوق تصويت مقتصرة على 4% فقط.


ولهذا السبب، قامت السلطات المالية بطرح مشروع قانون أمام البرلمان من أجل رفع القيود عن بنوك الإنترنت. لكن هناك الكثيرون ممن يعترضون على ذلك المشروع. 


المعلق الاقتصادي "تشونغ تشول جين":

مؤيدو المشروع يضربون أمثلة بالصين والولايات المتحدة الأمريكية، في حين يرى المعارضون بمن فيهم منظمات مدنية ونقابات عمالية في القطاع المالي أن المناخ المالي في كوريا مختلف عن الصين والولايات المتحدة الأمريكية. ويقولون إن الهياكل العائلية لمجموعات الشركات الكورية الكبرى هي أمر واقع وقائم ولم يتغير حتى الآن، وأن تخفيف اللوائح الخاصة بالفصل بين المؤسسات المصرفية والتجارية قد يفتح ويمهد الطريق أمام رأس المالي الصناعي ممثلا في تلك الشركات الأسرية الكبرى لاستغلال الاحتياطيات النقدية الضخمة لتلك البنوك لمصالحهم الذاتية. ولهذا يرى هؤلاء أن الأمر يجب أن يبدأ أولا بتغيير الثقافة الهيكلية للشركات، قبل تخفيف اللوائح والقيود السائدة. ويقولون كذلك إن بنوك الإنترنت تتلقى استثمارات من شركات مختلفة ومتنوعة وليس فقط من مساهميها الرئيسيين مما يقتضي استمرار لوائح الفصل السائدة حاليا.


المعارضون يرون أيضا أن بنوك الإنترنت بحكم طبيعتها ليس لها أي فاعلية في توفير فرص عمل جديدة، كما أنها لم تنجح في تحديث اختراقات تذكر في مجال الذكاء الصناعي. ولذلك فهم يطالبون بعدم تحطيم القاعدة المصرفية التقليدية الراسخة في البلاد.


المعلق الاقتصادي "تشونغ تشول جين":

بنوك الإنترنت تدعي أنها مختلفة عن البنوك التقليدية من حيث ما تتمتع به من مزايا متعددة، مثل قدرة العميل على فتح حسابات مصرفية دون تكبد مشقة الحضور للبنك. لكن فيما عدا ذلك، فإن أكثر بقية العمليات والممارسات لا تختلف اختلافا يُذكر عن البنوك التقليدية العادية. لهذا يرى الكثيرون أنه ليس هناك ما يوجب ولا حتى ما يدعو لتغيير لوائح وإجراءات مهمة من أجل تسهيل أعمال بنوك الإنترنت التي هي نفسها بحاجة لشحذ قدراتها التنافسية. هم كذلك بحاجة للقيام بعمليات تحليل خاصة بعملائهم وتقديم قروض ميسرة وبأسعار فائدة منخفضة للشركات الصغيرة حتى يشعر الكثيرون بتوفر أسباب مقنعة لتعديل اللوائح. أرى أن الكرة هي الآن في ملعب بنوك الإنترنت.


من المتوقع أن يوافق البرلمان على تخفيف اللوائح والقيود الخاصة ببنوك الإنترنت، ولكن في المقابل يتوجب على تلك البنوك نفسها مراجعة أساليبها لتقديم المزيد من الخدمات المفيدة والإبداعية المتجددة من أجل عملائها.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;