الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الاقتصاد

نتائج الإجراءات الحكومية لتهدئة السوق العقارية

#قضية اقتصادية l 2019-03-18

© YONHAP News

مضى حتى الآن ستة أشهر منذ صدور الإجراءات الحكومية الكورية الصارمة الهادفة لاستقرار السوق العقارية. وقد أسهمت تلك الإجراءات في تهدئة السوق العقارية، بل وربما حسب رأي البعض، أدت إلى تجميدها. للتعرف على حقيقة الوضع نستضيف اليوم الخبير العقاري "باك وان غاب". 


المبيعات العقارية تمثل مؤشرا ومقياسا لحالة السوق العقارية والظروف التجارية السائدة فيها على مستوى العرض والطلب والأسعار والعروض على أساس دوري شهري. أي قراءة فوق مائة نقطة تعني أن حالة التفاؤل تفوق على حالة التشاؤم في تلك السوق. لكن المؤشر على مستوى البلاد بأسرها وصل إلى 63 نقطة في المتوسط هذا الشهر، بواقع 79.6 نقطة في العاصمة سيول، وفي ديجون 77، وفي ديغو 73. المؤشر في المناطق الإقليمية تدهور إلى ما بين 40 و60 نقطة.


عادة ما يرتفع الطلب في السوق العقارية خلال فصل الربيع، لكن الأمر لم يكن كذلك هذا العام. وكان مؤشر المبيعات العقارات في مارس في حدود 63 نقطة وهو أقل رقم يتم تسجيله منذ سبتمبر من عام 2017. ويشير ذلك إلى تراجع التوقعات الخاصة بالعرض نتيجة للإجراءات الحكومية المشددة التي أدت أيضا إلى تراجع حاد في التعاملات الخاصة ببيع وشراء المنازل، وهو ما أثر كذلك على نظام التأجير المعروف في كوريا باسم "جون سيه" الذي يتيح للساكن العيش مجانا في شقة أو منزل لفترة طويلة مقابل دفع وديعة مالية كبيرة بدلا من دفع إيجار شهري محدد، على أن يعيد مالك العقار هذا المبلغ للمستأجر بعد انتهاء فترة العقد، التي تكون عادة في حدود عامين.


الخبير "باك" : 

 بعض ملاك المنازل صاروا لا يتوقعون أرباحا مستقبلية من خلال نظام "جون سيه 전세" الذي يعكس بشكل مباشر وضعية العرض والطلب. السوق العقارية الخاصة بهذا النظام صارت تعاني مؤخرا من اختلال في العلاقة بين العرض والطلب. فقد بلغ عدد الشقق السكنية الجديدة المعروضة وفق هذا النظام أكثر من 1.2 مليون شقة خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة. وصارت السوق تفيض بالشقق والمنازل الجديدة مما منع ارتفاع الأسعار حسب نظام "جون سيه". حركة الطلب الخاصة بالاستئجار صارت هي الأخرى تعاني من انخفاض بسبب قلة التعاملات الإسكانية التجارية. وأدى ذلك إلى بقاء الأسعار كما هي منذ عامين حيث صار الكثير من السكان يفضلون تمديد عقودهم بدلا من البحث عن منازل جديدة وهو ما كان له تأثير سلبي على الأسعار.  


زيادة العرض على الطلب بشكل واضح جعلت الكثير من المستأجرين يحجمون عن التنقل من منزل إلى منزل بسبب استقرار الأسعار وربما انخفاضها. وبعد استقرار الأسعار ونجاح الحكومة في التصدي للمضاربات العقارية، ترى الحكومة أن السوق العقارية قد صارت بشكل عام مستقرة ومتوازنة.


الخبير "باك" :

 من المفترض أن السوق العقارية قد عادت للهدوء والاستقرار. لكن إذا أخذنا في الاعتبار انخفاض أسعار الفائدة ووجود سيولة كبيرة عائمة، يصبح من الصعب القول إن السوق مستقرة تماما، وإن كان أكثر الخبراء يرون أن الأمر سيستمر طوال النصف الأول من هذا العام على الأقل. ومن المتوقع أيضا أن تشهد حركة التعاملات العقارية التجارية شكلا من الركود طوال العام الجاري. ضعف معدلات التعامل مؤشر على انكماش حركة الطلب. بالطبع فإن الأمر قد يختلف من منطقة إلى منطقة، إلا أن الجميع متفقون على أن ارتفاع أسعار العقارات صار أمرا يقتضي معالجة جريئة، خاصة في مناطق معينة مثل سيول، حيث تضاعفت أسعار البيع والتأجير في بعض الأحيان خلال سنوات قليلة. لذا صار ضبط السوق أمرا مهما.


شهدت السوق العقارية في سيول خلال العام الماضي ارتفاعا مخيفا وبشكل سريع. ولكن منذ شروع الحكومة في اتخاذ إجراءاتها الصارمة، عادت السوق لتشهد شيئا من الهدوء والاستقرار بعد ستة أشهر. أسعار بيع وتأجير الشقق السكنية في سيول ظلت في حالة انخفاض على مدى 17 أسبوعا متتالية، كما انخفض كذلك ما يعرف بالفجوة الاستثمارية، أي عملية قيام الشخص الذي يؤجر منزلا بنظام "جون سيه"، بشراء الشقة التي يسكنها من مالكها بدلا من نظام الوديعة الضخمة. لكن العديد من الخبراء والمحللين يعتقدون أنه من المبكر الحكم على نجاح الإجراءات الحكومية بناء على ما يجري الآن. ورغم ذلك، فإن الإجراءات الحكومية قد أدت فعلا إلى انخفاض أسعار العقارات بدرجة كبيرة، وكان أغلب تلك العقارات تقع في مناطق تنشط فيها حركة المضاربة.  


الخبير "باك" :

استئجار المساكن بواسطة نظام "جون سيه" كان أصلا في حالة تراجع بسبب ارتفاع سعر المبلغ المطلوب كوديعة. الآن صار ملاك المنازل يجدون صعوبة في إيجاد مستأجرين بسبب ارتفاع المبلغ اللازم وبسبب أن بعض المستأجرين صاروا يجدون صعوبة في استعادة أموالهم المودعة بعد انتهاء فترة العقد المحدد. الأمر ازداد صعوبة وتعقيدا خاصة في المناطق التي تشهد زيادة كبيرة في معدلات المعروض من العقارات، وانخفاضا في معدلات الطلب، خاصة في بعض المناطق الجنوبية في مقاطعة "كيونغ كي". أعتقد إن المشكلة ستشهد المزيد من التعقيد خلال العام الجاري. ومع انخفاض أسعار الشقق السكنية، بدأت أسعار بعض الممتلكات الأخرى في الانخفاض أيضا، وبقيمة تقل عن القروض الأصلية التي تلقاها أصحابها من أجل شرائها. وقد صارت تلك الظاهرة منتشرة كثيرا.


ملاك العقارات الذين كانوا يعتمدون على نظام التأجير "جون سيه" أصبحوا يواجهون مشكلة مزدوجة عند انتهاء العقد مع المستأجر لأنه يتوجب على المالك أن يتدبّر بشكل سريع كيفية إعادة الوديعة الكبيرة إلى الساكن المتعاقد، والبحث عن ساكن جديد. وحتى في حالة وجود متعاقد آخر، فإن الأسعار الجديدة ستقل كثيرا عن السابقة حسب أوضاع العرض والطلب. ومع تدني الأسعار حسب نظام الوديعة، وصعوبة الحصول على مستأجر، يصبح من الصعب على مالك العقار إعادة مبلغ الوديعة إلى المستأجر الذي انتهت فترة تعاقده. وكل هذه مشاكل يرى الخبراء أنه يتوجب على الحكومة أن تسعى لإيجاد حلول ومعالجات سريعة وفعالة لها.


الخبير "باك" :

من الضروري متابعة آثار السياسات والإجراءات الإسكانية الحكومية وآثارها على السوق العقارية. إذا توصلت الحكومة لقناعة بأن السوق بدأت تشهد استقرارا حقيقيا، فربما سيصبح مطلوبا منها كذلك تخفيف بعض الإجراءات التي تمارسها حتى تستعيد التعاملات التجارية نشاطها وقوة اندفاعها من جديد. لا بد حينها من تنفيذ تعديلات إضافية مناسبة تشمل الإجراءات الخاصة بالملكية والضرائب والإقراض، وتساعد على تحريك السوق لتنساب حركتها بالشكل المناسب والمطلوب.


الإجراءات الحكومية الكورية الهادفة لاستقرار سوق العقارات كانت مؤثرة بالفعل حتى الآن على الأقل، فقد نجحت في احتواء الارتفاع الجنوني في أسعار العقارات كما نجحت في القضاء على الانفجار الذي كان يتخوف منه البعض في السوق العقارية. ورغم إيجابية هذه النتائج بشكل عام، إلا أن ذلك لا ينفي وجود بعض المخاوف المسببة للقلق من وجود آثار جانبية، مثل انكماش مستوى التعاملات التجارية في السوق العقارية. ولهذا لا بد أن تعمل الحكومة على معالجة الوضع عبر سياسات مرنة ومتوازنة تحفظ وتحمي تلك السوق، دون أن تفقدها حيويتها.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;