الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الاقتصاد

التأثيرات المتوقعة لميزانية العام القادم على الاقتصاد الكوري

#قضية اقتصادية l 2019-12-16

© YONHAP News

أقر البرلمان الكوري ميزانية الحكومة للعام القادم، والتي يتجاوز حجمها 500 تريليون وون، أي حوالي 420 مليار دولار أمريكي، وهي أكبر ميزانية للحكومة الكورية على الإطلاق. وبينما يُتوقع أن يقل النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية عن 2% هذا العام، من المنتظر أيضًا أن يظل في نطاق أقل من 2% في العام القادم 2020. ومن ثم، يتحول الانتباه إلى ما إذا كانت هذه الميزانية ستعمل كمحرك لتسريع الانتعاش الاقتصادي. 


"تشيه بيه كون" أستاذ الاقتصاد بجامعة "كونكوك": 

في الأسبوع الماضي، أقر البرلمان ميزانية العام القادم بقيمة 512.3 تريليون وون، أي ما يقارب 431 مليار دولار أمريكي، بانخفاض طفيف عن الاقتراح الأولي الذي قدمته الحكومة والبالغ 513.5 تريليون وون. هذه الميزانية أكبر بنسبة 9.1% مقارنة بميزانية العام الجاري. سيتم تخصيص جزء كبير من هذه الميزانية لتنفيذ التدابير التي تهدف إلى تحسين الهيكل الصناعي وتعزيز الأساسيات الاقتصادية بشكل أكبر. وتتضمن الميزانية أيضًا الإنفاق على الرعاية الاجتماعية، خاصةً لعائلات المسنين وذوي الدخل المنخفض، حيث يزداد عدد الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم مستوى 60 عامًا في المجتمع الكوري بمقدار 580 ألفًا كل عام.


سيكون العام القادم هو العام الثاني على التوالي الذي تزيد فيه ميزانية الحكومة الكورية بنسبة أكبر من 9% على أساس سنوي، كما سيشهد المرة الأولى من نوعها منذ عام 2009 عندما عانت البلاد من آثار الأزمة المالية العالمية. وتتضمن الميزانية القادمة قفزة كبيرة بنسبة 26.4% في الإنفاق على الصناعة والشركات الصغيرة والمتوسطة والطاقة، و18% في الإنفاق على البحث والتطوير، و17.6% لرؤوس الأموال العامة الاجتماعية. أيضا، سوف تنفق الحكومة أكثر في مواجهة التحديات الاقتصادية المعلقة.


الأستاذ "تشيه بيه كون":

قررت كوريا الجنوبية في شهر أكتوبر التخلي عن مكانتها كدولة نامية في منظمة التجارة العالمية في القطاع الزراعي. وهذا يعني أن كوريا لم تعد قادرة على الحصول على الفوائد التي كانت تتمتع بها عند استيراد المنتجات الزراعية، وبالتالي ستواجه صناعة الزراعة المحلية أزمة جديدة. ولمعالجة هذه المشكلة، قررت الحكومة الكورية زيادة الميزانية الزراعية بمقدار 180 مليون دولار. وتتضمن ميزانية العام القادم أيضا زيادة كبيرة قدرها 180 مليون دولار أخرى لمواجهة تدهور التلوث الناجم عن الغبار الدقيق الذي أصبح مشكلة صحية كبيرة هنا في كوريا. بالإضافة إلى ذلك، رفعت الحكومة ميزانيتها بأكثر من 1.8 مليار دولار لزيادة القدرة التنافسية في تصنيع المواد وقطع الغيار والمعدات. ولا شك أن هذه الزيادة لها علاقة كبيرة بقيود التصدير اليابانية على المواد الصناعية الرئيسية إلى كوريا الجنوبية.


ويقول المراقبون إن خطة الإنفاق الإجمالية لميزانية الحكومة الكورية للعام القادم تستهدف التغلب على حالة الضعف في الاقتصاد الكوري.


الأستاذ "تشيه بيه كون":

لقد فَقَد الاقتصادُ العالمي قوته وتدهورت البيئة التجارية الدولية بشكل كبير بسبب تنامي حالة عدم اليقين نتيجة لمختلف العوامل غير المواتية، بما في ذلك الحرب التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين. كما تأثر الاقتصاد الكوري بعدد من العوامل الخارجية السلبية. وفي هذا الوقت الذي تعاني فيه الأسر والشركات من صعوبات اقتصادية، تلعب الحكومة عادة دورًا ماليًا نشطًا لدعم القطاع الخاص لأن تدهور الاقتصاد سيؤدي إلى انخفاض عائدات الضرائب.


في الشهر الماضي، قام البنك المركزي الكوري بتعديل توقعاته للنمو الاقتصادي لهذا العام من 2,2% إلى 2%، ومن 2,5% إلى 2,3% للعام القادم 2020. كما قرر بنك التنمية الآسيوي تخفيض توقعاته للنمو الاقتصادي الكوري لعام 2019 من 2,1% إلى 2%، ومن 2,4% إلى 2,3% للعام القادم. وعلى هذه الخلفية، قررت الحكومة الكورية التغلب على الأزمة من خلال إجراءات التوسع المالي، ولذلك فهي تخطط لاستخدام أكثر من 70% من ميزانية 2020 في غضون النصف الأول من العام القادم، وذلك من أجل خلق قوة دفع لتحقيق الانتعاش الاقتصادي. لكن هناك مخاوف من أن تلك الميزانية الضخمة قد تقوّض السلامة المالية للبلاد.


الأستاذ "تشيه بيه كون":

المزيد من الإنفاق الحكومي سيؤدي حتما إلى زيادة الدَيْن الوطني. لكن نسبة الدين القومي إلى الناتج المحلي الإجمالي ستبقى أقل من 40%. تبلغ نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في اليابان حوالي 240%، في حين أن هذا الرقم في الولايات المتحدة يتجاوز 100%المائة. حتى بالنسبة لألمانيا، التي تتمتع بأعلى مستوى من السلامة المالية في أوربا، فإن النسبة في نطاق 60%. في ظل حكومة "بارك كون هيه" السابقة، قالت وزارة الاقتصاد والمالية إنها ستدير نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في حدود 45%، لكنه سيظل أقل من 40% العام القادم، على الرغم من الزيادة الحادة في الميزانية. لذلك، أقول إن السلامة المالية للحكومة قوية بما فيه الكفاية.


تخطط الحكومة الكورية لإصدار سندات حكومية بقيمة 60 تريليون وون، أي ما يعادل حوالي 54 مليار دولار، في العام القادم، من أجل تمويل الميزانية الضخمة. ومن ثم سترتفع نسبة الدين القومي إلى الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من نقطتين مئويتين لتصل إلى 39.8%. لكن الحكومة تقول إنها قادرة على إدارة الموقف بشكل كامل. ويرى صندوق النقد الدولي ووزارة الخزانة الأمريكية أيضًا أنه من المناسب أن تتبنى كوريا سياسة مالية توسعية، لكن الأمر الأكثر أهمية هنا هو كيفية استخدام هذه الميزانية الكبيرة للغاية لتنشيط الاقتصاد في الواقع.


الأستاذ "تشيه بيه كون":

يجب استخدام الميزانية بما يؤدي إلى خلق العديد من الوظائف عالية الجودة. تمكّن الوظائف الأشخاص من كسب الدخل، مما يشجعهم على إنفاق المزيد، وسيؤدي المزيد من الاستهلاك إلى حث الشركات على زيادة الاستثمار. لذلك، يعتمد التنفيذ الناجح للميزانية على ما إذا كان سيولد العديد من الوظائف اللائقة. ولهذا الغرض، يجب على الحكومة الكورية تعزيز الصناعات الجديدة، وهو ما يجعل الحكومة فعليا تلتزم بالتركيز على تعزيز الأسس الاقتصادية.  


مع تدهور الاقتصاد العالمي بشكل متسارع، فإن الميزانية التوسعية التي أقرها البرلمان الكوري مؤخرا لم تكن مسألة اختيارية، بل ضرورية. وقد وسعت الحكومة الكورية بجرأة ميزانية العام القادم لتنشيط الاقتصاد الراكد، ولكن يجب استخدام هذه الميزانية بشكل صحيح وفعال من أجل مساعدة الاقتصاد على زيادة قوته وتحسين أسسه.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;