الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الاقتصاد

وجهات النظر المختلفة حول النمو الاقتصادي

#قضية اقتصادية l 2020-08-03

ⓒ YONHAP News

وسط التداعيات الاقتصادية المطولة لوباء كورونا، تقلص الناتج المحلي الإجمالي لكوريا الجنوبية بنسبة 3.3% على أساس ربع سنوي في الفترة من أبريل إلى يونيو، مسجلا أكبر انخفاض منذ 22 عاما، أي منذ الربع الأول من عام 1998. وبعد الانخفاض بنسبة 1.3% في الربع الأول من هذا العام، سجل الاقتصاد الكوري نموا سلبيا لربعين متتاليين. ويقول بعض الخبراء إن المخاوف أصبحت حقيقة، بينما يرى آخرون أن أداء الاقتصاد الكوري كان جيدا نسبيا في خضم أزمة كورونا.


"بيه مين غُن" الباحث في معهد "إل جي" للبحوث الاقتصادية:

يعد هذا أكبر انخفاض منذ اندلاع الأزمة المالية الآسيوية في عام 1997، وقد أدى الأداء الضعيف إلى صدمة للاقتصاد الكوري، الذي يعاني بالفعل من شَرَك النمو المنخفض. وفي الوقت نفسه، عاد الاقتصاد الصيني إلى النمو الإيجابي في الربع الثاني، وهو بالتأكيد علامة مشجعة. للأسف، هذا ليس هو الحال مع الاقتصادات الكبرى الأخرى. فمن المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي لليابان بمعدل سنوي من 8 إلى 9% في الربع الثاني، في حين من المتوقع أن تتقلص اقتصادات منطقة اليورو بما في ذلك ألمانيا بمعدل سنوي يقارب 20% في نفس الفترة.


في يوم 30 يوليو، أعلنت وزارة التجارة الأمريكية أن الولايات المتحدة سجلت انخفاضا في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من هذا العام بمعدل سنوي بلغ 32.9%، وهو ما يمثل أسوأ انكماش. وشكلت الانتكاسة في الاقتصاد العالمي العامل الأكبر وراء الأداء الضعيف للاقتصاد الكوري، حيث وجهت ضربة مباشرة لصادرات البلاد، حيث انخفضت الشحنات الخارجية الكورية بنسبة 16.6% في الربع الثاني، مسجلة أكبر انخفاض لها منذ 56 عاما. وسجلت مساهمة الصادرات الصافية في نمو الناتج المحلي الإجمالي سالب 4.1%. وبالنظر إلى الانكماش بنسبة 3.3% في الربع الثاني، فقد نما الاقتصاد الكوري، باستثناء قطاع التصدير، بنسبة 0.8%. يعتمد الاقتصاد الكوري بشكل كبير على الصادرات، والتي تتركز على قطاعات التصنيع مثل السيارات والهواتف الذكية والسفن وأشباه الموصلات. وقد أدى انخفاض المبيعات في الخارج في قطاع الصناعة التحويلية إلى انخفاض حاد في نمو الاقتصادي الكوري في الربع الثاني. ومع ذلك، أدت الميزانيات التكميلية وصناديق الإغاثة في حالات الكوارث إلى دعم الاستهلاك، وهو ما منع معدل النمو من التراجع أكثر.


الباحث "بيه مين غُن": 

في الوقت الحالي، يبدو أن الاقتصاد الكوري في مكان جيد نسبيا. في المرحلة الأولى من تفشي فيروس كورونا في كوريا، انتشر المرض شديد العدوى بسرعة في منطقة ديغو. لحسن الحظ، استقر الوضع بسرعة. كان الناس على دراية تامة بمدى خطورة تفشي المرض واتبعوا بدقة تعليمات الحجر الصحي التي وضعتها الحكومة، بما في ذلك تدابير التباعد الاجتماعي. ساهم رد كوريا السريع والفعال على كورونا وانخفاض عدد الحالات المؤكدة في ارتفاع الاستهلاك الخاص. لعب الإنفاق الحكومي أيضا دورا رئيسيا في دعم الاقتصاد.


ومع ذلك، هناك مخاوف من أن الاقتصاد الكوري قد دخل في حالة ركود، حيث سجل نموا سلبيا لربعين سنويين على التوالي. وتتوقع الحكومة أن ينتعش الاقتصاد في الربع الثالث بعد أن بلغ القاع في الربع الثاني، موضحة أنه من المتوقع ألا تزيد عمليات الإغلاق العالمية الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، وأن الانتعاش الاقتصادي السريع للصين في الربع الثاني سوف يكون مفيدا للاقتصاد الكوري.


الباحث "بيه مين غُن": 

من المتوقع أن يكون الاقتصاد الكوري قد وصل إلى القاع في الربع الثاني وأنه صار يتوجه نحو الأفضل في الربع الثالث. لكن الآراء منقسمة حول ما إذا كان الاقتصاد سوف ينتعش بالفعل، وإذا كان الأمر كذلك، فكيف سيكون مدى سرعة نموه. تعتمد كوريا بشكل كبير على الصادرات، والأسواق في الولايات المتحدة وأوربا تتعافى ببطء أكثر مما تبدو عليه. ولكن مما يثير القلق أن هناك مخاوف بشأن موجات جديدة من الإصابة بفيروس كورونا، ولذلك قد لا يكون الإنفاق الحكومي كافيا لتحقيق انتعاش اقتصادي في كوريا. أوافق على أن الأمور ستكون أفضل خلال الربع الثالث، ولكن من غير المؤكد ما إذا كان سيكون في الواقع انتعاشا كبيرا.


غالبا ما تخلق الأزمة فرصا جديدة. ويقول رئيس كوريا الجنوبية "مون جيه إين" إن الوقت الآن مناسب للانتعاش الاقتصادي، موضحا أن المؤشرات الاقتصادية المختلفة مثل الاستهلاك المحلي والصادرات تظهر علامات على الانتعاش. وقد وعد بحل الصعوبات التي يواجهها المصدرون المحليون وتوفير تدابير دعم مختلفة للتعافي السريع في الشحنات الصادرة. كما شدد على أن حكومته ستخلق المزيد من فرص العمل وستزيد من الاستثمارات من خلال مشروع الصفقة الكورية الجديدة. ولكن من غير الواضح مدى فعالية الإجراءات الحكومية.


الباحث "بيه مين غُن": 

في النصف الأول من هذا العام، قامت الحكومة الكورية بتحسين ظروف السيولة في السوق المالية وأنفقت قدرا كبيرا من المال لتعويض خسارة دخل أصحاب الأعمال الحرة والشركات الصغيرة. يمكن أن تعمل هذه الإجراءات على المدى القصير، ولكن من المشكوك فيه أن التأثير سيستمر لفترة أطول. تشدد الحكومة على أهمية الاستثمار في النصف الثاني من العام، حيث من المتوقع أن يكون الإنفاق المالي أكثر كثافة. الإنفاق الحكومي سيكون له بالتأكيد تأثير على تعزيز الاقتصاد، لكن سياسات الحكومة لتشجيع الاستثمار، بما في ذلك مشروع الصفقة الكورية الجديدة، تحتاج إلى مشاركة من القطاع الخاص لتحقيق التأثير المطلوب. إلا أنه من المشكوك فيه ما إذا كانت الشركات والمستثمرون الآخرون على استعداد للقيام بالاستثمار.


ويقول الخبراء إنه سيتعين على كوريا حتما مراجعة تنبؤاتها السابقة للنمو. ففي مايو الماضي، توقع البنك المركزي الكوري نموا سنويا للاقتصاد المحلي يبلغ سالب 0.2%. ولكن كي يتحقق ذلك، ينبغي تحقيق نمو ربع سنوي بنسبة 3% في الربعين المتبقيين من هذا العام. وفي حين أن النمو الاقتصادي الكوري لهذا العام سيعتمد إلى حد كبير على المسار المستقبلي لوباء كورونا، فإن البنك المركزي والحكومة في كوريا يهتمان بعنصرين اقتصاديين، الأول: تسعى البلدان إلى تخفيف عمليات الإغلاق عند التعامل مع الوباء، على الرغم من استمرار انتشار الفيروس. ثانيا: انتعش الاقتصاد الصيني بشكل حاد. والصين هي ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر سوق تصدير لكوريا. وبالنظر إلى هذين العاملين، يمكن أن يتحسن معدل النمو الكوري هذا العام، على الرغم من الانكماش الأكثر حدة من المتوقع في الربع الثاني.


الباحث "بيه مين غُن": 

الأوضاع المالية الكورية جيدة نسبيا، مقارنة بالدول الأخرى، وكوريا لديها القدرة الكافية على تنفيذ نفقات مالية إضافية. ولكن من الضروري أيضا ضمان السلامة المالية. في النصف الأول من العام، كانت الحكومة منشغلة في رعاية المشكلة الأكثر إلحاحا، وهي تفشي فيروس كورونا. من غير المحتمل أن يهدأ الوباء في أي وقت قريب، لذا يجب على الحكومة الآن وضع خطط مالية طويلة المدى. الشركات والأسر ليست في وضع جيد بما يكفي لإنفاق المال حتى الآن، وهو ما يتضح في ارتفاع معدل الادخار تماشيا مع انخفاض ميل الاستهلاك.


وسط الركود المحتمل الناجم عن وباء كورونا-19، يجب ألا نفرط في التفاؤل أو التشاؤم بشأن الظروف الاقتصادية. وبدلا من ذلك، من الضروري الاستعداد لاتخاذ تدابير فعالة للانتعاش الاقتصادي، مع مراعاة العوامل المتوقعة. ويبقى أن نرى ما إذا كان الاقتصاد الكوري سوف يحقق انتعاشا سريعا على شكل  حرف "في V"، بعد أن كان قد وصل إلى القاع في الربع الثاني.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;