الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الاقتصاد

التعافي الاقتصادي السريع للصين وتأثيره

#قضية اقتصادية l 2020-10-26

ⓒ YONHAP News

عاد الاقتصاد الصيني إلى التعافي بعد أن خرج عن مساره لبعض الوقت في أعقاب جائحة كورونا. ففي الربع الثالث من هذا العام، نما الاقتصاد الصيني بمعدل أسرع من الربع السابق، مما يشير إلى انتعاش على شكل حرف "في V"، بعد صدمة فيروس كورونا، كما يعد هذا انتعاشا قويا بالنظر إلى أن الفيروس نشأ في الصين.


"جو يونغ تشان" مدير معهد البحوث الاقتصادية الأمريكية الصينية:

نما الناتج المحلي الإجمالي للصين بمعدل 4.9 في المائة في الربع الثالث على أساس سنوي، ارتفاعا من نمو الربع السابق البالغ 3.2 في المائة. يُظهر الربعان المتعاقبان من النمو الإيجابي أن الاقتصاد الصيني قد تعافى تماما من صدمة فيروس كورونا.كما نما الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة تراكمية بلغت 0.7 في المائة في الأرباع الثلاثة الأولى من هذا العام، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وبينما لا تزال الاقتصادات الرئيسية الأخرى في المنطقة السلبية من النمو، حققت الصين انتعاشا على شكل حرف "في V"، وهو ما أعتقد أنه مهم للغاية. يقول مركز الأبحاث البريطاني "كابيتال إيكونوميكس" إن الصين فريدة من نوعها من بين الاقتصادات الكبرى، حيث عادت إلى مستوى النمو الذي كانت عليه قبل انتشار الفيروس، وذلك بفضل استجابة الحكومة السريعة للوباء وإجراءات التحفيز الفعالة. لقد كان أداء الإنتاج والاستثمار والصادرات في الصين جيدا، وحتى الاستهلاك البطيء انتعش لشهرين متتاليين. وخلال فترة الأسبوع الذهبي في أوائل هذا الشهر، سافر ما يصل إلى 637 مليون شخص داخل الصين. وخلال فترة الثمانية أيام تلك، بلغت عائدات السياحة في البلاد 69.7 مليار دولار أمريكي، وبلغت مبيعات شركات التجزئة والمطاعم الرئيسية 238 مليار دولار. وعلى خلفية هذه المؤشرات المشجعة، من المتوقع أن يتجاوز معدل النمو في الصين في الربع الأخير 5% أو ربما حتى 6%.


عانت الصين من ضربة مباشرة بسبب تفشي فيروس كورونا، حيث تقلص اقتصادها بنسبة 6.8% في الربع الأول، وكان ذلك أول انخفاض منذ عام 1992 عندما بدأت بكين في تجميع بيانات النمو ربع السنوية. ومع ذلك، فإن الاتجاه الهبوطي لم يدم طويلا. فقد نما الاقتصاد الصيني بنسبة 3.2 في المائة في الربع الثاني، ثم حوالي 5 في المائة في الفترة من يوليو إلى سبتمبر. وكانت السلطات الصينية قد فرضت خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام عمليات إغلاق في بعض المناطق لمنع انتشار فيروس كورونا، لكنها أعادت تشغيل المصانع في الربع الثاني لاستعادة الإنتاج وركزت على تنشيط الإنفاق المحلي في الربع الثالث للهروب في النهاية من أزمة فيروس كورونا.


المدير "جو يونغ تشان": 

توقع صندوق النقد الدولي، في تقريره الأخير الصادر في أكتوبر، أن تكون الصين الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي يحقق نموا إيجابيا هذا العام، حيث توقع أن ينمو اقتصادها بمعدل 1.9 في المائة هذا العام، و8.2 في المائة في عام 2021. ويظهر الاستهلاك، على وجه الخصوص، بوادر انتعاش. فنتيجة للإجراءات الحكومية الصارمة لتعزيز الإنفاق، زادت مبيعات التجزئة في سبتمبر بنسبة 3.3% على أساس سنوي، ومن المتوقع أن ترتفع أكثر في أكتوبر. عام 2021 هو العام الأول من الخطة الخمسية الرابعة عشرة للدولة الصينية، ومن المرجح أن تشهد الصين فيه زيادة في الاستثمار والإنتاج الصناعي، لتكون بمثابة محرك نمو للاقتصاد العالمي.


أدى زخم نمو اقتصاد الصين إلى تقوية عملتها "يوان" في سوق صرف العملات الأجنبية، كما ارتفعت قيمة الوون الكوري مقابل الدولار بالتوازي مع ارتفاع قيمة اليوان الصيني، نظرا للعلاقات الاقتصادية الوثيقة بين البلدين. وهكذا، من المتوقع أن يؤدي الانتعاش الاقتصادي القوي في الصين إلى تأثير إيجابي على الاقتصاد الكوري.


المدير "جو يونغ تشان": 

يعتبر التعافي السريع في الصين علامة جيدة للاقتصاد الكوري. ستتمكن الشركات الكورية التي تصدر السيارات والأجزاء الإلكترونية ومستحضرات التجميل إلى الصين من استعادة قدراتها التنافسية التصديرية بسرعة. ستعقد الدورة الكاملة الخامسة للجنة المركزية الـ19 للحزب الشيوعي الصيني يوم 26 أكتوبر للانتهاء من الخطة الخمسية الـ14. يذكر أن الصين ستستثمر 1.6 تريليون دولار أمريكي في مجالات التكنولوجيا الفائقة، مثل أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة وإنترنت الأشياء، لتصبح قوة تصنيع عالمية. تستورد الصين أشباه موصلات بقيمة 300 مليار دولار كل عام. من المؤكد أن الشركات المصنعة الكورية للرقائق ومنتجات العرض سوف تستفيد من ذلك. أظهر استطلاع حول الشركات الكورية التي تمارس الأعمال التجارية في الصين أن مؤشر مسح الأعمال الخاص بتوقعات المبيعات في الربع الثالث وصل إلى أعلى مستوى منذ عامين. ومع تحسن بيئة الأعمال في الصين، من المتوقع أن يرتفع هذا المؤشر أكثر في الربع الرابع من هذا العام.


بينما يتسارع الاقتصاد الصيني، تتزايد المخاوف بشأن الركود المزدوج في الولايات المتحدة وأوربا، حيث ينتشر فيروس كورونا مرة أخرى. أيضا فإن الموجة الثانية في أوربا أسوأ من الأولى، حيث إن مستوى الإصابات هذا الخريف أعلى منه في مارس وأبريل. ولذلك فقد أغلقت العديد من البلدان في جميع أنحاء أوربا أبوابها، مما يشير إلى تدهور أدائها الاقتصادي في الربع الرابع من هذا العام. أيضا يدق فيروس كورونا ناقوس الخطر في الولايات المتحدة. فبسبب التأخير في المفاوضات بين البيت الأبيض والحزب الديمقراطي بشأن خطة الإغاثة من فيروس كورونا، قرر كل من بنك "غولدمان ساكس" و"بنك أوف أمريكا" تخفيض توقعاتهما للنمو الاقتصادي الأمريكي في الربع الأخير من هذا العام. ويقول المراقبون إنه من الصحيح أن الانتعاش الاقتصادي في الصين هو خبر سار للاقتصاد الكوري، لكن مخاطر عودة ظهور فيروس كورونا في الولايات المتحدة وأوربا تشكل ظلالا قاتمة على الاقتصاد العالمي ككل.


المدير "جو يونغ تشان": 

تحقيق كوريا للتعافي الاقتصادي الكامل يعتمد على مدى سرعة استقرار وضع فيروس كورونا في الولايات المتحدة وأوربا. فوفقا لتحليل أجراه معهد كوريا للبحوث الاقتصادية استنادا إلى بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإن الانخفاض بمقدار نقطة مئوية واحدة في نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي للصين يؤدي إلى تباطؤ النمو الكوري بمقدار 0.4 نقطة مئوية، وربما يكون للاقتصاد الأمريكي تأثير مماثل على الاقتصاد الكوري.


تواجه كوريا العديد من المخاطر السلبية الناتجة عن عوامل خارجية غير مواتية. فالاقتصاد العالمي في حالة ركود، وقد أغلقت العديد من البلدان حدودها لمنع انتشار فيروس كورونا، ومن غير المؤكد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتخذ خطوات تحفيزية ضخمة بعد الانتخابات الرئاسية. والآن، لا تزال حالة عدم اليقين قائمة في الاقتصاد الكوري، الذي يعتمد بشكل كبير على الأسواق الخارجية. أيضا، ستشعر الولايات المتحدة بعدم الارتياح إزاء حقيقة أن الصين هي الدولة الوحيدة التي تتمتع بانتعاش اقتصادي، وبالتالي فإن هناك مخاوف كبيرة من أن الصراع التجاري بينهما سوف يتعمق أكثر، وهو عامل سلبي آخر قد يؤثر على الاقتصاد الكوري.


المدير "جو يونغ تشان": 

تتعرض كوريا الجنوبية لضغوط وسط التوتر بين حليفتها الأمنية التقليدية، الولايات المتحدة، وأكبر شريك تجاري لها، أي الصين. إذا حافظت كوريا على موقف غامض، فقد تفرض واشنطن رسوما جمركية أعلى على السلع الكورية بما في ذلك السيارات المتجهة إلى الولايات المتحدة، وقد تضغط أيضا على كوريا للانضمام إلى شبكة الدفاع الصاروخي العالمية التي تقودها. أيضا يمكنها تهميش كوريا الجنوبية في المفاوضات بشأن القضية النووية لكوريا الشمالية. ومن جانبها، قد تفكر الصين في تقييد صادراتها من المعادن الأرضية النادرة إلى كوريا الجنوبية، أو القيام باستفزازات عسكرية في البحر الغربي. لقد عانت كوريا الجنوبية في السابق من انتقام من الصين لنشرها نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي "ثاد". وإذا انضمت كوريا الجنوبية إلى الولايات المتحدة، فقد ينشب مثل هذا النزاع مجددا. لذلك يجب ألا تصنع كوريا الجنوبية أعداء من أجل مصلحتها الوطنية. بالتالي تحتاج الحكومة الكورية إلى إيجاد استراتيجية للتواصل مع القوى العالمية، كما يجب على الشركات الكورية وضع خطة بديلة بسرعة استعدادا لسيناريو أسوأ الحالات. فبدون أي استراتيجية وطنية واضحة، ستمتنع الشركات عن ضخ استثمارات جديدة، وسوف يتوقف التعاون التقني والاستثمار في البحث والتطوير، وبالتالي سينحسر التوسع في سوق التوظيف. في الوقت الحالي، من المهم أن تقدم الحكومة الكورية هدفا ورؤية وطنية.


يكتسب التعافي الاقتصادي الصيني قوة دفع، في حين تتزايد المخاوف من أن الاقتصاد الأمريكي والاقتصاد الأوربي قد ينزلقان إلى ركود مزدوج. وهكذا سيواجه الاقتصاد الكوري كلا الجانبين، المشرق والمظلم، في الاقتصاد العالمي. ولذلك من الضروري أن تتوصل كوريا إلى إجراءات مناسبة لإدارة اقتصادها بطريقة أكثر استقرارا وسط هذه الأزمة.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;