ⓒ Getty Images Bank

قضى الناس في جميع أنحاء العالم وقتا أطول في المنازل خلال العام الماضي بسبب جائحة كورونا، مما أدى إلى ارتفاع مبيعات الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر الشخصية والأجهزة المنزلية، وبالتالي زاد الطلب على أشباه الموصلات المستخدمة في تلك المنتجات. وقد أنتج صانعو أشباه الموصلات شرائح ذاكرة لتلبية الطلب الذي تجاوز المعروض، كما زاد الطلب على أشباه الموصلات أيضا لدعم طفرة صناعة أشباه الموصلات. ونظرا لأنه من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه لفترة من الوقت، يتحول الاهتمام إلى المنافسة بين شركة سام سونغ الكورية للإلكترونيات، والشركة التايوانية لتصنيع أشباه الموصلات "تي إس إم سي". 

"آن كي هيون" المدير التنفيذي لاتحاد صناعة أشباه الموصلات الكورية:

تعمل مرافق إنتاج أشباه الموصلات بكامل طاقتها الآن لتلبية الطلب الهائل على الرقائق وسط اتجاه الاستهلاك اللاتلامسي. من المتوقع أن تتمتع سوق أشباه الموصلات "بدورة فائقة" أخرى من ارتفاع الطلب. في الوقت الحاضر، يتركز إنتاج الرقائق على الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة المنزلية أكثر من السيارات. ولكن مع ارتفاع الطلب على السيارات أيضا، أعتقد أنه سيكون هناك نقص في أشباه الموصلات الخاصة بالسيارات.

في يوم 28 يناير، أعلنت شركة سام سونغ للإلكترونيات أن أرباحها التشغيلية في عام 2020 بلغت 32.5 مليار دولار أمريكي، بزيادة تقارب 30 بالمائة على أساس سنوي، لتحقق رابع أكبر مستوى من الأرباح على الإطلاق. ويعود معظم الفضل في ذلك إلى أعمال أشباه الموصلات. ففي العام الماضي، بلغت مبيعات الشركة من أشباه الموصلات 65.6 مليار دولار أمريكي، فيما بلغت أرباح التشغيل في هذا القطاع 17 مليار دولار، وهذا يعني أن أعمال أشباه الموصلات تمثل أكثر من نصف إجمالي أرباح التشغيل لشركة سام سونغ في العام الماضي. لكن أرباح سام سونغ من أشباه الموصلات لا تعتبر مرتفعة، بالمقارنة مع ما حققته الشركات المنافسة مثل "إنتل Intel" و"تي إس إم سي"، اللتين حققتا أرباحا أعلى من سام سونغ في العام الماضي. ويقول المحللون إن أسعار رقائق الذاكرة من إنتاج سام سونغ، التي شكلت ما يقرب من 90 في المائة من أرباحها من أشباه الموصلات العام الماضي، تتأثر بشدة بالعرض والطلب. ولذلك، من الصعب تأمين ربح تشغيلي ثابت في هذا المجال. وعلى النقيض من ذلك، فإن شركة "تي إس إم سي" العملاقة لا تتأثر كثيرا بالتقلبات في أسعار رقائق الذاكرة.

المدير التنفيذي "آن كي هيون" :

تنتج سام سونغ للإلكترونيات كلا من رقائق الذاكرة وأشباه موصلات النظام. في الواقع، ظلت أسعار الذاكرة ضعيفة في عاميْ 2019 و2020، وكان من المفترض أن يسهم هذا العامل في توسيع فجوة الربح بين سام سونغ و"تي إس إم سي TSMC" التي تقوم بتصنيع أشباه موصلات النظام بناء على أوامر من شركات تصميم الرقائق. بالنسبة لشركة "إنتل" فهي تمتلك مرافق الإنتاج الخاصة بها، إلا أن العديد من الشركات الأخرى لا تمتلك مثل تلك المرافق لأن إنشاء مرافق تصنيع أشباه الموصلات يتكلف كثيرا. وبدلا من ذلك، تقوم تلك الشركات بالاستعانة بمصادر خارجية للتصنيع، بينما تقوم هي فقط بالبحث وأعمال تصميم أشباه الموصلات للنظام، وبالتالي يتم الإنتاج في شركات التصنيع مثل "تي إس إم سي"، التي تعتبر أكبر مُصنّع لأشباه الموصلات في العالم.

في العام الماضي، حققت "تي إس إم سي" أرباحا تشغيلية بلغت 20 مليار دولار أمريكي، بزيادة حوالي 3 مليارات دولار عن أرباح سام سونغ للإلكترونيات، مع هامش تشغيل يصل إلى 42.3%. وكانت الأرباح التشغيلية للشركة التايوانية قد بلغت في عام 2018 ثلث أرباح سام سونغ للإلكترونيات، حيث تواصل "تي إس إم سي" رفع مكانتها العالمية، بعدما صارت أكبر شركة لأشباه الموصلات في العالم من حيث القيمة السوقية. وتقول الأرقام إن القيمة السوقية لشركة إنتل تقل عن نصف القيمة السوقية لشركة "تي إس إم سي"، كما تتخلف شركة سام سونغ للإلكترونيات عن "تي إس إم سي" في القيمة السوقية. وفي حين أن شركة التكنولوجيا الكورية العملاقة شهدت ارتفاعا في سعر أسهمها بنسبة 50 في المائة خلال العام الماضي، ارتفعت أسعار أسهم "تي إس إم سي" بأكثر من 100 في المائة في نفس الفترة.

المدير التنفيذي "آن كي هيون" :

بدأت شركة "تي إس إم سي" أعمال تصنيع أشباه الموصلات في وقت أبكر من أي شركة أخرى، ولديها أكبر مرافق للإنتاج، وبالتالي فهي تستحوذ على أكثر من نصف حجم السوق العالمية لتصنيع أشباه الموصلات. ولأنها مجهزة بكافة تقنيات الإنتاج، يمكن للشركة التايوانية تصنيع ما يريده عملاؤها.

يرجع النمو السريع لشركة "تي إس إم سي" باعتبارها أكبر مصنع لأشباه الموصلات في العالم، إلى التغيير الكبير في سوق الرقائق. فبالتوازي مع مع ظهور وانتشار تقنيات الجيل الخامس من الاتصالات والذكاء الاصطناعي والمركبات ذاتية القيادة، تتراجع الرقائق القياسية، بينما تصمم شركات مثل "آبل" و"أمازون" و"غوغل" رقائقها المخصصة. وتسيطر شركة "تي إس إم سي" على أكثر من نصف حجم سوق تصنيع أشباه الموصلات في جميع أنحاء العالم.

المدير التنفيذي "آن كي هيون" :

أنشأت "تي إس إم سي" مجالا جديدا وهو تصنيع أشباه الموصلات حسب الطلب، وظلت في الصدارة في هذا المجال. وقد استثمرت "تي إس إم سي" و"سام سونغ" للإلكترونيات فقط في منشآت تصنيع أشباه الموصلات ذات التقنية العالية. لذلك، يجب على أولئك الذين يرغبون في إنتاج أشباه موصلات متقدمة أن يذهبوا إلى إحدى هاتين الشركتين، اللتين سيتعين عليهما تلبية الطلب المتزايد على أشباه الموصلات.

استحوذت شركة سام سونغ للإلكترونيات على 16.4 في المائة من أعمال تصنيع أشباه الموصلات العالمية العام الماضي، لتحتل ثاني أكبر حصة في السوق، بعد شركة "تي إس إم سي"، التي تخطط لاستثمار ما يصل إلى 27 مليار دولار أمريكي في بناء المرافق هذا العام، بينما أعلنت سام سونغ خطة في عام 2019 لاستثمار 115 مليار دولار في السنوات العشر القادمة لتوسيع أعمالها غير المتعلقة بالذاكرة الرقمية وتصميع أشباه الموصلات. ولذلك يرى المحللون أن المنافسة في صناعة أشباه الموصلات العالمية قائمة أساسا على السباق بين "سام سونغ" و"تي إس إم سي".

المدير التنفيذي "آن كي هيون" :

تعد سام سونغ للإلكترونيات أكبر صانع لشرائح الذاكرة على مستوى العالم، ولديها تكنولوجيا للتصنيع منقطعة النظير. للتنافس مع "تي إس إم سي" في مجال إنتاج أشباه الموصلات المتقدمة، تحتاج سام سونغ إلى توسيع مرافق التصنيع بسرعة وتجميع الخبرات والتقنيات في هذا المجال حتى تتمكن من تأمين المزيد من العملاء. يتوقع المراقبون أن تقود هاتان الشركتان المهيمنتان السوقَ العالمية. وقد كشفت سام سونغ عن خطتها الاستثمارية في عام 2019، وأتمنى أن تحقق هدفها الطموح بنجاح.

أعربت سام سونغ عن التزامها بتوسيع الاستثمار الاستراتيجي للمنشآت على مدى السنوات الثلاث القادمة، والدفع باتجاه عمليات دمج وشراء مهمة. وبالإضافة إلى ذلك، تعمل شركات تصنيع أشباه الموصلات الكورية الأخرى بكل طاقتها من أجل زيادة قدراتها التنافسية. ونأمل أن تستفيد الشركات الكورية من التغييرات الهائلة التي تحدث حاليا فيما يسمى بـ"دورة أشباه الموصلات الفائقة"، وأن تحقق قفزة أخرى إلى الأمام.