الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الاقتصاد

الآثار المتوقعة لتحقيق الحياد الكربوني على الاقتصاد الكوري الجنوبي

#قضية اقتصادية l 2021-11-22

ⓒ YONHAP News

تم اعتماد اتفاقية "غلاسكو" للمناخ في اجتماعات الأمم المتحدة الأخيرة التي حضرها 197 دولة، والهدف الرئيسي من تلك الاتفاقية هو تقليل استخدام الفحم، مما يدل على أن الحياد الكربوني أصبح مرتبطا بالنظام الاقتصادي العالمي. وعلى الرغم من ذلك، فإن تحقيق الحياد الكربوني لا يزال أمرا صعبا. فحاليا، تحاول العديد من الدول حول العالم تقليل استخدام الفحم في توليد الطاقة، لكن التعافي الاقتصادي العالمي من جائحة كورونا والصراع التجاري بين الصين وأستراليا قد يتسببان في أزمة طاقة عالمية. ومن المعروف أن استهلاك الطاقة يزيد بصورة خاصة في فصل الشتاء، وهذا يعني زيادة أسعار الفحم والبترول والغاز الطبيعي، مما يتسبب في زيادة نسبة التضخم. 

مدير معهد "ريال غود إيكونومي" السيد "لي إين تشول":

تم اعتماد اتفاقية "غلاسكو" للمناخ في مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين للتغير المناخيّ، وقد عُقد المؤتمر على مدار أسبوعين تقريبا بدءا من يوم 31 أكتوبر في مدينة غلاسكو باسكتلندا، وقد زادت مدة المؤتمر يوما إضافيا بسبب تضارب المصالح بين الدول المشاركة. وبعد مفاوضات شاقة، اتفقت الدول على تقليل استخدام الفحم تدريجيا لمعالجة أزمة التغير المناخي، والتزمت الدول المتقدمة اقتصاديا بزيادة الميزانية المخصصة لحل المشكلات المناخية حتى عام 2025. وقد وافقت الدول المشاركة على مراجعة نسبة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري مرة أخرى في العام القادم، من أجل إبقاء نسبة زيادة حرارة الكرة الأرضية في حدود 1.5 درجة مئوية.

ركّزت الاتفاقية على أهمية تسريع التخلص التدريجي من الفحم الحجري وإلغاء الدعم للوقود الأحفوري. وتضمنت مسودة الاتفاقية عبارة "المنع التدريجي" فيما يتعلق باستخدام الفحم، لكن الصياغة تم تخفيفها في النهاية إلى "التخفيض التدريجي"، بسبب احتجاج الدول الباعثة لغازات الاحتباس الحراري مثل الهند. وللأسف انتهت المفاوضات بنتيجة غير مرضية، بسبب الاختلافات الكبيرة في وجهات النظر بين المشاركين. وعلى الرغم من أن هذه الاتفاقية لم تفِ بالتوقعات، إلا أنه من المنتظر أن يكون لها تأثير كبير على الصناعات الكورية التي ينتج عنها انبعاث كميات كبيرة من الكربون.

مدير معهد "ريال غود إيكونومي" السيد "لي إين تشول":

 تحث الاتفاقية دول العالم على تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري. من المتوقع أن تؤثر الاتفاقية على صناعة الصلب في كوريا بصورة خاصة، حيث تنتج هذه الصناعة أكبر كمية من الكربون بالمقارنة مع الصناعات الأخرى. ينبعث 117 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا بسبب صناعة الصلب، وهو ما يمثل 30 بالمائة من الانبعاثات الصناعية في كوريا. تعمل صناعة الصلب على تطوير تقنية جديدة لاستبدال الفحم بالهيدروجين، ولكن من المرجح أنه لن يتم استعمالها قبل عام 2050 على أقرب تقدير. وتعمل الصناعات الأخرى التي ينبعث منها كميات كبيرة من الكربون، مثل صناعات البتروكيماويات والإسمنت، على تطوير تقنيات لتخفيض انبعاثات الكربون، لكن الأمر سيستغرق وقتا طويلا ليتم استعمالها تجاريا على نطاق واسع. هناك مخاوف من أن اتفاقية المناخ الأخيرة قد تضع عبئا على صناعة الكيماويات الثقيلة في كوريا، حيث إنها تعتمد على الفحم. وقد تضع الاتفاقية عبئا على الاقتصاد الكوري بشكل عام.

الحكومة الكورية أكدت حرصها على تحقيق الحياد الكربوني، ففي أواخر العام الماضي أعلن الرئيس "مون جيه إين" التزام الدولة بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050. وبعد ستة أشهر، تم إنشاء لجنة رئاسية معنية بالحياد الكربوني، وكشفت هذه اللجنة بعد ثلاثة أشهر من إطلاقها عن السيناريوهات المتوقعة لعام 2050. وفي محادثات المناخ الأخيرة للأمم المتحدة، صرّح الرئيس "مون" في خطاب مهم بأن كوريا ستقوم بتخفيض نسبة انبعاث غازات الاحتباس الحراري بنسبة 40 في المائة مقارنة بمستويات عام 2018، حتى عام 2030. وسوف تمنع كوريا استخدام الفحم لتوليد الطاقة بحلول عام 2050. وقد جاءت كل تلك التعهدات لأن الكوارث العالمية مثل حرائق الغابات في أستراليا والفيضانات الشديدة في قارة أوربا، قد نبهت العالم إلى أخطار الاحتباس الحراري. ورغم ذلك، فإن كبرى الدول المستهلكة للفحم، مثل الصين والولايات المتحدة الأمريكية، لم تلتزم بقرارات تقليل استهلاك الفحم في محادثات المناخ الأخيرة، ويبدو أن السبب في ذلك هو نقص كميات الطاقة مؤخرا.

مدير معهد "ريال غود إيكونومي" السيد "لي إين تشول":

 إن الاعتماد على الطاقة المتجددة وإنهاء عصر الوقود الأحفوري واستبدال محركات الاحتراق الداخلي بالبطاريات لم تعد أمور مثيرة للجدل، بل هي الآن إجراءات مهمة يتوجب القيام بها. لكن الوضع الحالي يقودنا في اتجاه آخر، حيث تعاني العديد من الدول من نقص في كميات الوقود والطاقة، وحتى الدول المتقدمة التي دعت إلى الحياد الكربوني تقوم الآن باستهلاك المزيد من الوقود الأحفوري كإجراء مؤقت. أيضا تعاني الاقتصادات الناشئة من اضطرابات في اللوجستيات والإنتاج. ووسط تزايد الطلب على الطاقة الخضراء، أثر ارتفاع أسعار المواد الخام على العديد من الصناعات وعلى توليد الكهرباء، كما ارتفعت أسعار المنتجات الزراعية والسمكية وكذلك أسعار الضروريات اليومية بشكل حاد، وقد أدى ذلك كله إلى زيادة نسبة التضخم.

تسبب الارتفاع في أسعار النفط العالمية في زيادة أسعار الواردات الكورية في شهر أكتوبر بنسبة 35.8 في المائة مقارنة بالعام الماضي، وكانت تلك هي الزيادة هي الأكبر منذ 13 عاما. فقد بلغت أسعار خام دبي في شهر أكتوبر 81.61 دولار للبرميل، بزيادة نسبتها أكثر من 100 في المائة عن السعر في شهر أكتوبر من العام الماضي. ويقول البنك المركزي الكوري إن أسعار الغاز الطبيعي في أوربا ستبقى مرتفعة حتى النصف الأول من العام القادم على الأقل، حيث تتنافس الدول في أوربا وآسيا على توفير الغاز الطبيعي لفصل الشتاء القادم، مما يؤدي إلى زيادة الأسعار. وهذه الزيادة في أسعار المواد الخام تؤثر على صناعة البتروكيماويات الكورية. فقد حققت هذه الصناعة أفضل نتيجة مبيعات على الإطلاق في الربع الثاني من العام الحالي، لكن المبيعات انخفضت في النصف الأخير من العام. وهناك أربع شركات كورية كيميائية كبرى شهدت انخفاضا في أرباحها التشغيلية بنسبة 51 في المائة. ونظرا لهذه المشكلات في العديد من الدول بما في ذلك كوريا، يعارض الكثيرون السياسات الصديقة للبيئة وسياسات الحياد الكربوني.

مدير معهد "ريال غود إيكونومي" السيد "لي إين تشول":

يتساءل الكثيرون عما إذا كان سيتم تطبيق السياسات الصديقة للبيئة بسهولة، حيث أدت العديد من المشكلات الاقتصادية، بما في ذلك التضخم، إلى رفض الكثيرين لهذه السياسات ورفضهم للسياسات الاجتماعية والإدارية والبيئية. وحتى في الولايات المتحدة سيزيد حرق الفحم لتوليد الكهرباء بنسبة 22 بالمائة بالمقارنة مع العام الماضي، وهو ما يمثل أول زيادة سنوية في استهلاك الفحم هناك منذ عام 2014. حكومة "بايدن" التي شددت على أهمية الحياد الكربوني في السابق، تواجه العديد من الانتقادات الآن، بسبب مخالفتها لسياساتها الصديقة للبيئة. وبما أن ارتفاع أسعار المواد الخام قد أضر بالاقتصاد والأنشطة التجارية والأسر، فإن هناك مخاوف من أن السياسات الصديقة للبيئة في العديد من البلدان قد تنتهي في لمحة.

يشير مصطلح "لحظة مينسكي" إلى حدوث أزمة مالية في أعقاب انهيار كبير ومفاجئ للأنظمة المالية، ويُخشى أن تؤدي السياسات المتعلقة بالحياد الكربوني إلى حدوث "لحظة مينسكي". وهذا يعني أن مخطط الحياد الكربوني قد يكون قنبلة موقوتة أخرى للاقتصاد العالمي، مما سيؤدي إلى أزمة في كميات الطاقة وارتفاع مفاجئ في أسعار المواد الخام وزيادة التضخم. وبالتالي فإنه من الضروري أن يتم اتخاذ إجراءات مضادة مناسبة.

مدير معهد "ريال غود إيكونومي" السيد "لي إين تشول":

نحن جميعا نتفق على أهمية تنفيذ سياسات صديقة للبيئة على المدى الطويل. ولكي نقوم بتحقيق الحياد الكربوني، يجب أن تطور الشركات من إمكانياتها، من خلال الجهود المكثفة في البحث والتطوير، وأيضا من خلال التطوير التكنولوجي. يجب على كوريا إصلاح هيكلها الصناعي الذي يعتمد بشكل مفرط على الصناعات الكيماوية الثقيلة. العالم يواجه الآن معضلة بين المناخ والطاقة، حيث إنه من الضروري التوقف عن استخدام الوقود الأحفوري لمنع تغير المناخ، ولكن من الصعب العثور على مصادر طاقة بديلة في الوقت الحالي. ومع ذلك، يجب على كوريا أن تستمر في جهودها لتحقيق الحياد الكربوني. ولهذا فإنه من الضروري تعويض أوجه القصور التي تم الكشف عنها في المرحلة الأولية وتحفيز التطوير التكنولوجي لتسهيل الانتقال إلى الطاقة النظيفة.

المخاوف المتعلقة بأزمة الطاقة وبالتضخم الناتج عن السياسات الصديقة للبيئة، تُظهر لنا بوضوح مدى ارتباط استهلاك الكربون بحياتنا. ومع ذلك، تظل أزمة المناخ قضية خطيرة وملحة يجب حلها، ونأمل أن يحافظ الاقتصاد الكوري على قوته خلال عملية تغيير مصادر الطاقة التي تجري حاليا على المستوى العالمي.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;