الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

سر الكيمشي:

2018-08-07

سيول بانوراما

ⓒ Getty Images Bank

الكيمشي هو طبق لا تخلو منه أي وجبة غداء أو عشاء كورية، وعشق كوري تاريخي قديم. فالكوريون على اختلاف توجهاتهم الغذائية يعشقون الكيمشي   بشكل أقرب للوله والتقديس، فهو من الأطباق الثابتة والأساسية في كل موائد الكوريين، الغني والفقير منهم ، ذكورهم وإناثهم ، وصغيرهم وكبيرهم، وهو لذلك جزء لا يتجزأ من التراث والثقافة والتاريخ الكوري. ورغم وجوده الدائم والجوهري في كل وجبة كورية  فهو طبق جانبي وعادة ما  يكون ضمن مكونات الكثير جدا من الأطباق الكورية الرئيسية الأخرى إلا أنه لا يكون بمفرده هو الطبق الرئيسي الوحيد في المائدة رغم أن طبقه شهي ومشبع وغني بمكوناته إذ يتكوّن من عدة مواد نباتية وبحرية من خضروات وأعشاب وغلال وحبوب وصلصات وتوابل وبهارات متنوعة وذلك بحكم التربية والثقافة الغذائية الكورية التي تعتبره كنوع من المقبّلات الفاتحة للشهية ومجرد طبق جانبي يكون بمثابة جوهر المائدة ووقودها ومحركها .

ورغم الحروب والنزاعات العسكرية والتهديدات الأمنية والخلافات السياسية والاختلافات العقائدية والفكرية والأيدولوجية والأطماع والمصالح الخارجية، وما  وعكسه ذلك على شبه الجزيرة الكورية من انقسام بين الأشقاء  وتباين سياسي وفكري وثقافي بين الشعبين والنظامين في كل من كوريا الجنوبية والشمالية وتبدلات في أساليب وتقاليد ونوعيات وأشكال وطرق الحياة الاجتماعية بين البلدين، إلا أن حب وتمجيد وتقديس الكيمشي ظلّ دائما هو أبرز العوامل المشتركة بين الكوريين والشيء الرئيسي الذي ما يزال يجمع شماليهم وجنوبيهم .

وجاء في تقرير مصور تداولته بعض  وسائل الإعلام مؤخرا بخصوص التحولات الأخيرة في المواقف الكورية الشمالية والتي أدت إلى انعقاد قمتين كورية/كورية وكورية شمالية أمريكية وما تلاها من توافقات على المضي قدما في تفكيك البرامج النووية والصاروخية الكورية الشمالية والعمل على إقامة  نظام سلام دائم في شبه الجزيرة، إن كوريا الشمالية ربما فطنت لأن مصلحتها الحقيقية تكمن في البدء في عملية انفتاح وإصلاح اقتصادي وتنموي واسع،  وشرعت تنظر بجدية في دراسات جدوى وبحوث خاصة بالعديد من المشروعات الاقتصادية التنموية، ورأت أن من الأفضل والأجدى البدء في تنفيذ مشروعات سهلة وصغيرة ومؤثرة على الواقع الاجتماعي وتمس حياة الشعب الكوري الشمالي بشكل مباشر، ومن بينها مشروعات خاصة بتصنيع الكيمشي الطبق الأكثر شعبية في كوريا على أسس علمية. وقد شرعت جهات حكومية وأهلية في بذل جهود متصلة بالفعل منذ العام الماضي لإنشاء سلسلة مصانع غذائية واستهلاكية صغيرة كان آخرها هو مصنع كيمشي Ryugyong  الذي ينتج 4200 طن من الكيمشي بجودة عالية ومواصفات صحية مؤكدة في كل عام. وحسب التقرير فمن المتوقع ، في حالة استقرار الأحوال الأمنية واستمرار المزاج التصالحي ، أن يكون ذلك بداية لمشروعات كورية غذائية تعاونية خفيفة مشتركة على رأسها الكيمشي محبوب الملايين في الكوريتين الذي يمكن أن يكون مادة مفيدة في إرساء قاعدة التعاون والوفاق المشترك باعتبار أن المعدة ربما تكون أقصر الطرق وصولا للقلب كما في المثل الشائع بعدة لغات عالمية. وأيضا للإسهام في مساعي تسريع الجهود المبذولة لترويج ذلك الطبق الشعبي المحبوب على المستوى العالمي العريض .

والكيمشي بدأ يسير بخطى حثيثة للتحول لطبق عالمي مطلوب، وهو منذ عام 2015 صار ضمن قائمة اليونسكو الخاصة بالكنوز التراثية والثقافية العالمية. وحسب استطلاعات متعددة لآراء الكثيرين من الزوار الأجانب لكوريا، وبناء على تجربتي الشخصية الخاصة وتجربة جميع أفراد أسرتي، فإن علاقة الأجانب بالكيمشي كثيرا ما تبدأ بحالة نفور أو تحاشي بسبب رائحته النفاذة ، غير أنها علاقة عادة ما تتطور بسرعة لعلاقة حب وربما عشق وإدمان في بعض الحالات بعد بضعة مرات من تجربة ذلك المذاق اللذيذ الشهي حسب تأكيدات أعداد كبيرة من المستطلعين، ومنهم من ذكر إن في الأمر سر لم يكتشفه بع]، وربما يكون ذلك هو السر الذي جعل الكيمشي الآن سلعة ومنتج متواجد في العديد من رفوف كبرى المتاجر والمحلات في العديد من العواصم العالمية الكبرى.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;