الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

الدب والخنزير البري

2019-03-29

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، عاش دبٌ وخنزير بري في عمق الجبال. وكانا قد ضجرا بحياتهما الروتينية المملة بين الجبال البعيدة، وتشوقا لرؤية العالم الواسع. وهكذا، قررا أن يبدآ رحلة حول البلاد. كما قررا أن يتنكرا في هيئة بشرية حتى لا يخافهم أحد.

تنكرا في هيئة شابين يافعين، وبينما هما يمران على بئر في قرية، قدمت لهما فتاةٌ واقفة عند البئر ماء باردًا منعشا، فشرباه وشكراها على طيبتها.

ثم لاحظا أن الجو في القرية كان غريبًا، وأن القلق كان باديًا على وجوه الناس. سأل الدب أحد سكان القرية عما يحدث، فتنهد الرجل تنهيدة طويلة، وبدأ في الشرح:"خلف قريتنا، يوجد بحيرة يعيش فيها سرطان بحر عملاق يبلغ عمره ألف سنة، ويجب على أهل القرية أن يقدموا له شابة من القرية كأضحية كل فترة، وإلا هجم العملاق على القرية ودمرها عن آخرها، وقد تقرر التضحية بفتاة جديدة غدًا، ولذلك ترى أهل القرية في حالة من الغم والكرب الشديد".

صُعق الدب والخنزير البري عندما سمعا هذا النبأ المروع، وزاد جزعهما عندما عرفا أن الضحية المنتظرة هي ذات الفتاة الطيبة التي قدمت لهما الماء المنعش بكل لطف قبل قليل. وقررا من فورهما أن ينقذا الفتاة وقريتها، فأعلنا للقرية أنهما سيذهبا لقتال الوحش العملاق عند البحيرة. غطى الخنزير البري نفسه بملابس فضفاضة كي يبدو كأنه الأضحية الموعودة، وانتظر سرطان البحر العملاق في صبر. وعندما ظهر سرطان البحر من البحيرة، هاجم الدب والخنزير البري الكائن العملاق من مخبئهما، وكان عامل المفاجأة غير المتوقعة في صالحهما حتى كادا يجهزا عليه، لكنه استطاع الفرار منهما في اللحظة الأخيرة.

فرح أهل القرية بهزيمة الوحش، لكن الدب والخنزير البري لم يشعرا بأي سعادة، فقد كانا واثقين أنهما إن تركا الوحش على حاله سيعود لينتقم من أهل القرية المساكين، فقررا أن يعيدا الكرة، وأن يدمراه تمامًا هذه المرة. وعندما وصلا إلى بحيرة الجبل، تنكرا في هيئة سلاحف بحرية كي يغوصا في الماء. وعندما وصلا إلى عمق بعيد، قابلا سلحفاة أخرى، حيتهما وقالت إنها طبيبة. وسمعا منها أنها في طريقها لزيارة صديقها سرطان البحر العملاق لمساعدته، حيث أنه قد جرح جراحًا كبيرة. أدرك الدب وصديقه أنها لا تعني سوى عدوهما اللدود، فتظاهرا بالتأثر لحال سرطان البحر المسكين، واستأذناها في أن يزوراه كي يطمئنا على حاله ويواسياه في مرضه. وقد وافقت السلحفاة من فورها، ولم تشك لحظة أنهما ليسا من السلاحف.

لكنهما ما إن وصلا إلى مخبأه، حتى نزعا عنهما تنكرهما وعادا إلى هيئتهما الشرسة، وأخرجا سرطان البحر العملاق من الماء، حدث كل شيء في غمضة عين، حتى أن السلحفاة لم تستطع أن تحرك ساكنا.

وما أن أخرجاه من الماء حتى قتلاه بكل سهولة. ولا يُمكن للكلمات أن تصف مدى الفرحة والراحة التي عمت القرية، ومدى سعادة أهلها عندما رأوا جثة ذلك الوحش الذي عذبهم لأجيال وأجيال. وقد عبروا عن شكرهم وامتنانهم للشابين، الذين شكرا أهل القرية بدورهما وغادرا، ولم يدر أحدٌ من أهل القرية أن الشابين المنقذين لم يكونا من البشر، وما إن غادر الدب والخنزير البري القرية، حتى واصلا رحلتهما الطويلة لاستكشاف العالم.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;