الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

قماش الثعلب

2019-06-14

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، كان هناك رجلٌ مسنٌّ يمشي وحيدًا في الطريق وهو يستند إلى عكازه. شعر أن شيئًا ما خلفه يتبعه في تؤدة. نظر خلفه ليجد ثعلبًا يتبعه، فلكزه بعكازه كي يبتعد عنه، وبالفعل، فر الثعلب بسرعة من المكان، مخلفًا وراءة قطعة من القماش الأبيض. تعجب الرجل، إذ أنه ليس من المعتاد أن تحمل الحيوانات أقمشة معها، لكنه أخذ قطعة القماش على أي حال وعاد إلى منزله.

حكى الرجل لزوجته عما حدث مع الثعلب، وأراها قطعة القماش البيضاء. أعجبت الزوجة بالقماش كثيرًا، وراحت تقلبه في يديها، وتختبر ملمسه، وأخيرًا، وضعته على رأسها. لكنها ما إن فعلت، حتى راح جسدها يتقلص، فراح حجمها يصغر ويصغر. صُعق الزوج، وسارع بإزاحة القماش العجيب من على رأس زوجته. فراحت تكبر وتكبر حتى عادت إلى حجمها الطبيعي. تأمل الرجل القماش مجددًا، ثم لفه حول عنقه. وكما حدث مع الزوجة، بدأ جسده في التقلص. لكنه لم ينزع القماش هذه المرة، لأنه أراد أن يختبر ما سيحدث في النهاية. صغر حجمه حتى صار لا يزيد عن حجم نملة صغيرة. مشى مبتعدًا عن القماش، فعاد إلى حجمه الطبيعي مرة أخرى. هنا فقط، فهم الرجل جيدًا كيفية استخدام ذلك القماش السحري العجيب.

كان بطلنا يعيش في المملكة الشرقية، وكان ملك المملكة الشرقية قد عقد رهانًا عجيبًا مع ملك المملكة الغربية: كان على كل ملك أن يخفي شيئًا ما في جيب سترته، وعلى الآخر أن يخمّن ماهية الشيء، وكان على الخاسر في الرهان أن يتنازل عن نصف مملكته للآخر. وكان ملك المملكة الغربية يستعين بقارئ طالع لا مثيل لبراعته، بينما لم يكن لملك المملكة الشرقية قارئ طالع بارع كبقية الملوك، فكان دائمًا شديد القلق على مستقبل مملكته.

أراد الرجل المسن أن يخدم وطنه وملكه، فحمل القماش السحري معه، وذهب لزيارة قارئ الطالع الشهير في المملكة الغربية. وما إن رأى قارئ الطالع، حتى رمى القماش السحري على رأسه. فراح الرجل ينكمش ويتقلص وهو يصرخ في رعب. سأله بطلنا عن سر براعته في قراءة الطالع، فسارع قارئ الطالع يخبره بأن السر كله يكمن في زائدة جلدية سحرية تحت إبطه، فأعاده الرجل إلى حجمه الطبيعي، وأزال الزائدة المعنية، ورحل.

وأخيرًا، أتى يوم الرهان. كان قارئ الطالع يرافق ملكه، وبطلنا المسن يرافق ملكه. وبينما انهمك الملكان في تأدية مراسم الترحيب المعتادة، تسلل الرجل المسن إلى الخارج ووضع القماش السحري على رأسه، وعندما عاد إلى الحجرة، لم يره أحد، لأنه كان في حجم نملة صغيرة. تسلل إلى جيب سترة ملك المملكة الغربية كي يرى ما في داخله.

عندما ظهر الرجل المسن مجددًا في الحجرة بحجمه الطبيعي، اتجه إلى ملك المملكة الشرقية وهمس في أذنه ببضعة كلمات خافتة، فابتسم الملك راضيًا وقال لملك المملكة الغربية بلهجة واثقة: "حسنًا، سوف أبدأ أنا، سوف أخبرك الآن بما في جيب سترتك. إنها سكين ذهبية صغيرة، أليس كذلك؟". امتقع وجه ملك المملكة الغربية، والتفت إلى قارئ الطالع بنظرة يائسة، لكن الأخير كان شاحب الوجه، ورغم أنه كان يفهم جيدًا ما يطلبه الملك منه، وقف صامتًا وكأنه فقد القدرة على النطق. مرت عدة دقائق مشحونة على ذلك الحال، فقال ملك المملكة الشرقية: "حسنًا إذن، لا أظنني أستطيع الانتظار أكثر. أظن أنني ربحت الرهان، أتوافقني الرأي؟"، قال هذا ثم أخرج زجاجة حبر من جيب سترته. لم يكن أمام ملك المملكة الغربية سوى أن يعترف بهزيمته. وهكذا، بفضل قماش الثعلب السحري، استطاع رجل مسن ضعيف أن ينقذ ملكه وبلاده.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;