الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

حكاية الدودة وجراد البحر

2019-06-21

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، عاش جراد بحر بلا عينين. صحيح أنه لم يملك عينين، لكنه كان يملك ربطة عنق حريرية رائعة يحرص على ربطها حول عنقه دائمًا. كانت الحيوانات الأخرى تحسد جراد البحر على ربطة عنقه الرائعة. وكانت هناك دودة أرض ضمن الحاسدين. كان للدودة عينان جميلتان، لكنها كانت تريد الاستيلاء على ربطة العنق.

وفي يوم من الأيام، ترددت الدودة قليلًا قبل أن تقترب من جراد البحر وتقول له: "اسمعني يا جراد البحر. لم يسبق لك أن رأيت الشمس والقمر. كنت تسمع عن شكلهما فقط من أصدقائك. كما أنك لن تتمكن قط من تقدير جمال الزهور. ألا تتمنى أن تتمكن من رؤية كل هذا بعينيك؟". بدا الحزن على جراد البحر، وقال: "بالطبع أريد. لكن، كما تعرفين، ليس لدي عينان. كيف إذن سأتمكن من رؤية أي شيء دون عينين؟". سارعت الدودة تتحدث، وكأنما كانت تنتظر أن يقول ذلك، مقترحة على جراد البحر الاقتراح التالي: "ما رأيك إذن يا عزيزي أن تستبدل ربطة العنق بعينيّ؟". أعجب الاقتراح جراد البحر. رأى أن ربطة العنق الحريرية ليس لها أي قيمة حقيقية، خاصة أنه عاجز عن رؤيتها على أي حال. كان يتحرق شوقًا ليرى بنفسه كل تلك الأشياء التي سمع عنها من قبل. قرر جراد البحر، دون تردد كبير، أن يوافق على الاقتراح، وهكذا، أعطى ربطة عنقه إلى الدودة، التي أعطته عينيها بدورها.

تغير كل شيء. كانت الدودة سعيدة للغاية بالحصول على ربطة العنق الرائعة التي لطالما حلمت باقتنائها. راحت تزحف هنا وهناك مستعرضة ربطة العنق الجديدة بكل فخر. وكما هو متوقع، أعجب الجميع بربطة العنق، وحسدوها عليها، حتى أقرب أصدقائها شعروا بالحقد والغيرة تجاهها. لكن سعادتها تلك لم تدوم على أي حال، فسرعان ما شعرت بالضيق وعدم الراحة بسبب عجزها عن رؤية أي شيء. كانت ربطة العنق تعجبها بالطبع، لكنها أدركت أن ما تحتاج إليه حقًا هو عينيها. شعرت بالندم لأنها فرطت في عينيها لقاء ربطة العنق الجميلة عديمة الفائدة. لم تستطع أن تتحمل أكثر من ذلك، فعادت إلى جراد البحر وقالت: "اسمع، أنا أريد أن أستعيد عينيّ. إن أعطيتني عينيّ سأعيد لك ربطة عنقك الجميلة". لكن جراد البحر لم يكن يرغب في التنازل عن العينين، كان راضيًا سعيدًا بالاقتراح السابق، ولم يكن هناك أي سبب يدفعه لتغيير ذلك. كانت عينيه تمكنه من رؤية واختبار كل شيء بنفسه دون مساعدة، كما أنه لم يفتقد ربطة عنقه القديمة ولو للحظة واحدة. لم يتردد في حسم قراره: "اسمعيني أيتها الدودة، أنا أفهم ما تقولينه جيدًا، لكنني أعتذر. أنا لا أحتاج إلى ربطة العنق، وأنا سعيد جدًا بالعينين. وعليه، فأنا أرفض اقتراحك". 

حاولت الدودة بكل الطرق الممكنة ترغيب جراد البحر وترهيبه لاستعادة عينيها. كانت الدودة تشعر بالغضب والحرج. كانت فكرة واحدة تسيطر عليها: يجب أن تستعيد عينيها مهما كان الثمن. وفي لحظة يأس، هجمت الدودة بضراوة على جراد البحر وحاولت انتزاع عينيه بالقوة، لكنه تملص منها وفر إلى الخلف. وتقول الأسطورة، إنه لهذا السبب، لا زال جراد البحر يمشي إلى الخلف حتى يومنا هذا، وعينيه بارزتان. أما دودة الأرض التي فشلت في استرداد عينيها، فقد شعرت بالخجل والعار، وقررت أن تخفي نفسها تحت الأرض. ولا نزال نراها اليوم وهي تعيش تحت الأرض بما يشبه ربطة العنق الملونة حول عنقها، ودون أن تمتلك عينين.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;