تتكون الـ"جونغاك 정악"، وهي الموسيقى التراثية التي كان القصر وطبقة النبلاء يستمعون إليها، من سيمفونية من الآلات الموسيقية المتنوعة، مثل: الكاياغم، والكومونغو، والديغم، والهيغم، والجانغو، وغيرها. لكن لم تكن تلك الأوركسترا الموسيقية تعقد كثيرًا، إذ كان جمع كل هؤلاء الموسيقيين معًا من أجل عزف المقطوعات يتطلب الكثير من المال، كما أن مساحة المكان الذي سيُقام فيه الحفل كان له دور كبير في تحديد عدد الموسيقيين الذين سيشاركون في العرض. ولذلك، لم يكن عدد الموسيقيين الذين يؤدون مقطوعة الـ"جونغاك" أحيانًا يتجاوز الاثنين أو الثلاثة، بل أحيانًا كان عازفٌ واحد يعزف المقطوعة منفردًا. ولذلك، كان صوت وأثر مقطوعات الـ"جونغاك" يختلف كثيرًا باختلاف عدد الموسيقيين ونوع الآلات المشاركة. وتتكون مقطوعة الـ"جونغاك" من عدة فصول موسيقية منفصلة، يُمكن عزف كلٍ منها على حدة، مما يعني أنه يمكن جمع ودمج عدة فصول من مقطوعات مختلفة لتكوين مقطوعة "جونغاك" كاملة. واليوم، سوف نستمع معًا إلى عدد من مقطوعات الـ"جونغاك" بالعزف المنفرد. أولُها، مقطوعة منفردة بآلة البيري بعنوان "سانغ ريونغ سان بوري 상령산 풀이"، وهي عبارة عن تجميع لعدة فصول مختلفة من "سانغ ريونغ سان"، وهي أول مقطوعة في المجموعة التي عُرفت باسم "يونغ سان هويه سان 영산회산". أما مقطع "بوري 풀이" فهو يشير إلى أن العازف يقدم تفسيره الحر وتذوقه الخاص للمقطوعة المعزوفة عوضًا عن الالتزام بعزفها كما هي. غالبًا ما تعزف هذه المقطوعة بآلة الديغم أو البيري، وهي آلات نفخية كورية تقليدية.

توجد ثلاثة أنواع رئيسية من البيري: الـ"هيانغ بيري 향피리" التي استمعنا لها منذ قليل، هي آلة نفخية مصنوعة من الخيزران، وهي بسُمك الإصبع، ويبلغ طولها 25 سم. والـ"سيه بيري 세피리" تكون أرفع قليلًا من الـ"هيانغ بيري"، وتستخدم في عزف المقطوعات التي تؤديها الفرق الصغيرة، أو ما يُعرف بموسيقى الحجرات. أما الـ"دانغ بيري"، فتُستخدم بشكل أساسيّ في عزف المقطوعات الملكية. المقطوعة التالية هي مقطوعة بعنوان "تشونغ صُنغ غوك 청성곡"، وهي اختصار للاسم الكامل "تشونغ صُنغ جا جين هانيب 청성자진한잎". والعنوان المختصر يشير إلى أن المقطوعة تُعزف بنغمات عالية. والنسخة التي سنستمع إليها اليوم عزفت بالديغم، وهي آلة موسيقية كورية تراثية مصنوعة من الخيزران تُشبه مزمار الفلوت الغربي. ويميز صوت الديغم نبرة معينة تصدر عن اهتزاز غشاء رقيق مصنوع من القصب يُدعى "تشونغ 청".

بالنسبة لهؤلاء الذين اعتادوا سماع الآلات الموسيقية الغربية مثل الفلوت والريكوردر التي تتميز بنقاء صوتها وصفائه، قد يبدو صوت اهتزاز الـ"تشونغ" الصادر من الديغم صوتًا مزعجًا يُعكر صفو الموسيقى. أما هؤلاء الذين اعتادوا صوت الـ"ديغم"، فيجدون في الأصوات الخالية من اهتزاز الـ"تشونغ" المميز نوعًا من الضعف والملل. وصوت الكومونغو يتوقف بمجرد التوقف عن العزف، فلا يمتد لفترة كما هي العادة في بعض الآلات الموسيقية، ولذلك يشعر السامع أن الصوت قد توقف فجأة في المقطوعات الهادئة بطيئة الإيقاع. وقد يبدو صوت الكومونغو في مقطوعة "دوديري" أحادي يفتقر إلى التنوع، لكن اختيار الكومونغو بالذات لتأدية هذه المقطوعة هو ما يجعلها مميزة للغاية. وقديمًا، كان العلماء الكونفوشيون يعتبرون استعراض آلات الكومونغو في مساكنهم نوعًا من الذوق الراقي، حتى إن لم يكونوا يعرفون كيفية عزفها. وكان هؤلاء الذين يتعلمون عزف الكومونغو غالبًا ما يبدأون بتعلم مقطوعة "دوديري"، وذلك لأنها لا تحتوي على نغمات منوعة، ولذلك فهي مقطوعة مناسبة جدًا للمبتدئين والمتعلمين.

المقطوعات المقدمة في حلقة هذا الأسبوع:

-    "سانغ ريونغ سان بوري 상령산 풀이"، عزف "جونغ جيه غوك 정재국" على البيري.

-    "تشونغ صُنغ جا جين هانيب 청성자진한잎"، عزف "يون بيونغ تشون 윤병천" على الديغم.

-    "سويون جانغجي غوك 수연장지곡"، عزف "لي أو غيو 이오규" على الكومونغو.