ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في الماضي البعيد، تحديدًا في عصر جوسون، عاش عالمٌ يُدعى "جون وو تشي"، وكان له قوى سحرية. وكانت البلاد تعاني من الكوارث، فاجتاحتها مجاعة قاسية، وراح القراصنة يهجمون على السواحل الجنوبية للبلاد بكل قسوة. وكنتيجة لذلك، لم يجد العامة ما يقتاتون به، وكانوا يعانون من شظف العيش وقسوة الظروف.

قرر "وو تشي" أن يفعل كل ما بوسعه لمساعدة الفقراء. فطار -مستعينًا بقواه السحرية- إلى القصر الملكي، وطلب من الملك أن يتبرع له بالذهب والفضة لبناء قصر جديد في السماء. اندهش الملك من ذلك الرجل الذي جاءه طائرًا، وقد ظهر فجأة وكأنه قفز إلى الوجود من العدم، وظنه أحد الرُسل القادمين من مملكة السماء، فأعطاه بعض الذهب بكل سرور. استخدم "وو تشي" ذلك الذهب في مساعدة الفقراء. وبلغ ذلك الأمر مسامع الملك فغضب غضبًا شديدًا، وأمر رجاله بإلقاء القبض عليه، لكنهم فشلوا في مساعيهم، فكل مرة يهمون بالإمساك بـ" وو تشي"، كان يغلبهم بقواه السحرية ويفر منهم. لكنه كره ألا يكون مطيعًا لملك بلاده، فذهب إلى القصر وسلّم نفسه إليه طواعية. حاول رجال البلاط قتله لكنهم فشلوا، وانبهر الملك بذلك الرجل الوفي المخلص ذي القدرات السحرية العجيبة، فعرض على "وو تشي" العمل في منصب حكومي. لكن "وو تشي" رفض عرض الملك بكل أدب واحترام، ثم اختفى وكأنه لم يكن.

ركب "وو تشي" سحابة طافية في السماء، وراح يواصل أعماله الخيرة، فكان يتصدق بالطعام على الجوعى، ويساهم بكل ما يستطيع لحل مشاكل الناس. حتى أنه أمسك بأحد زعماء العصابات وسلمه لرجال القصر ليُدخل السرور على قلب الملك. لكن كل هذا كان كافيًا لإثارة غيرة الفاسدين والحاقدين من رجال القصر، الذين أكل الحسد قلوبهم من شدة غيرتهم من قواه السحرية وشهرته، فاتهموه زورًا بأنه يحيك مؤامرة دنيئة. صدق الملك كذبتهم، وأمر بإعدام "وو تشي". طلب "وو تشي" من الملك أن يسمح له بتحقيق أمنية أخيرة قبل موته، وعندما وافق الملك، طلب "وو تشي" أن يُسمح له برسم لوحة، ثم رسم حِصانًا قويًا بديعًا، وباستغلال قواه السحرية، دخل اللوحة وركب الحصان وفر هاربًا من المشهد المرسوم وسط ذهول الحاضرين. واصل هو أفعاله السحرية المذهلة والممتعة في آن، فدخل في معركة في السحر مع رجل يُدعى "صو كيونغ ضُك"، وانهزم في المعركة، فأكن لخصمه احترامًا كبيرًا واعترف بقدراته، وقرر أن يعتبره أستاذًا له. وكأي تِلميذ نجيب، تتبع "وو تشي" أستاذه الجديد إلى أعماق الجبال كي يبدأ تمارينه الروحية وتدريباته النفسية.

كانت هذه هي الحبكة الأساسية الأصلية للقصة التراثية الكورية الشهيرة، لكن نسخ الأفلام والمسلسلات التي روت تلك القصة، غيرت بعض تفاصيلها. ففي الفيلم الذي عُرف باسم "جون وو تشي: الساحر الطاوي" في 2009، ظهر "وو تشي" كساحر طاوي جامح متمرد، وهو فوق ذلك زير نساء، يدور الفيلم في القرن السادس عشر، ويُظهر "وو تشي" كرجل يستغل سحره لممارسة النصب والاحتيال، قبل أن يُتهم بقتل معلمه الذي مات أثناء محاولته حماية مزمار "فلوت" سحري من الغيلان الشريرة، وأثناء محاولة إثبات برائته، يجد نفسه أسيرًا وسط لوحة عتيقة. يظهر الغيلان في سيول المعاصرة الحديثة، ويحاولون البحث عن الفلوت السحري، فيجتمع السحرة الطاويين ويستدعون "وو تشي"، ويفكون أسره الذي استمر مئات السنين في اللوحة العتيقة. ويعده السحرة بأن يخلعوا عليه لقب "المعلم الطاوي" إن هو استطاع الإمساك بالغيلان. وهذا الفيلم من أفلام الحركة والإثارة الكوميدية، وهو أول الأفلام التي تتخذ من تلك الشخصية الأسطورية موضوعًا لها. وعلى عكس الشخصية الأصلية، نجد "وو تشي" في الفيلم هو نقيض البطل، الذي يستغل قدراته وقواه لخداع الناس عوضًا عن مساعدتهم.

وفي الدراما التلفزيونية التي عرضت في 2012 بعنوان "جون وو تشي"، يكتسب البطل قواه السحرية الخارقة عن طريق ابتلاع قلادة ثعلب سحرية، ويستغل قواه المكتسبة للسفر إلى عصر جوسون لمساعدة الفقراء والمساكين. ورغم الاختلافات في الحبكة، تبقى البذرة الأساسية الساحرة في شخصية "جون وو تشي"، الساحر الطاوي خفيف الظل الذي يساعد الناس باستخدام قواه المذهلة.