كان الملك "سيجو"، وهو الملك السابع من ملوك جوسون، ويعرف أكثر باسم الأمير "سويانغ 수양"، وقد اشتهر بالحادثة التي قتل فيها قريبه الملك "دان جونغ 단종" وعدد من موظفي القصر بكل قسوة قبل أن يستولي على العرش. لكنه، على الجانب الآخر، كان الابن الثاني للملك العظيم "سيه جونغ"، وعمل بكل جد على تحقيق أمنيات والده في توطيد أركان الحكم في جوسون، وترك العديد من الإنجازات للمملكة. عُرف بقدراته الرياضية الممتازة، مثل الفروسية والرماية، وكان يفضلها عن الدراسات اﻷكاديمية. لكنه كان ماهرًا في الموسيقى أيضًا، كما تذكر السجلات الملكية في عصره. وسوف نذكر بعض المواقف التي حدثت في صغره حين كان يُعرف باسم الأمير "جين بيونغ 진평". في يوم من الأيام، طلب الملك "سيه جونغ" منه ومن بقية أبنائه أن يتعلموا العزف على آلة الكومونغو. رغم أنه لم يكن قد لمس الآلة من قبل طوال عمره، استطاع أن يعزفها أفضل من إخوته، مما أدخل سرورًا عظيمًا في قلب والده. كان الملك "سيه جونغ" سعيدًا للغاية بالموهبة الموسيقية المميزة لابنه الثاني، وعندما سمع أن الأمير الصغير قد تعلم عزف الكاياغم، أثنى عليه وقال له إنه يستطيع أن يحقق أشياء عظيمة إذا تحلى بالإصرار. في يوم من الأيام، عندما كان الأمير "جين بيونغ" يعزف آلة نفخية تدعى "جوك 적"، أتى طائر كركي وراح يرقص على الأنغام العذبة، أما شقيقه الأمير "غم صُنغ 금성" فقد راح يرقص مع الكركي. ولا شك أن القصة فيها الكثير من المبالغة، لكن المغزى الواضح من القصة، هو أن موسيقى الأمير "جين بيونغ" كانت من الجمال والعذوبة حتى أنها كانت تدفع الجميع للرقص طربًا.

من الصعب معرفة الآلة النفخية التي كان الأمير "جين بيونغ" يعزفها على وجه التحديد، وذلك لأن اسم "جوك 적" هو اسم عام يشمل جميع الآلات النفخية. لكن لا بد أن شخصًا بمثل موهبته الموسيقية وحسه الفني العالي كان يدرك جيدًا مدى تأثير الموسيقى على حياة الناس. في العام الثاني عشر من حكمه، تحديدًا عام 1446، سافر الملك "سيجو" لمقاطعة "كانغ وون دو" لحضور حفل إتمام إنشاء معبد "سانغ وون سا"، الذي أنشئ لجلب الحظ الحسن لحكمه في جوسون. لم يكن من المعتاد أن يسافر ملكٌ إلى أماكن بعيدة هكذا في ذلك الزمن، لذلك عقد اختبارًا خاصًا للسماح لأهل مقاطعة "كانغ وون" بالعمل في الوظائف الحكومية. ومن ضمن الأشياء الأخرى التي خطط لها أثناء زيارته إلى "كانغ وون" هو إقامة مسابقة غنائية للمزارعين المحليين. فكان يدعو مطربي الأغاني المحلية لخيمته ليؤدوا أغانيهم. والمسابقات الغنائية تتميز بقدرتها على تحسين الأجواء حتى في عصرنا هذا، ولذا يمكننا تخيل كم ساهمت هذه المسابقة التي أقامها الملك بنفسه في إدخال السرور على قلوب المزارعين والسكان المحليين. الفائز في تلك المسابقة كان عبدًا يُدعى "دونغوري 동구리"، وقد حصل على زي جديد وباشتراكه في موكب الملك كموسيقي. بما أن الزراعة كانت أهم شيء في جوسون، فقد كان الملك "سيجو" يعرف جيدًا مدى أهمية الأغاني الزراعية للمزارعين، وكيف أنها تشجعهم على العمل بجد أكبر.

كان الملك "سيجو" قاسيًا للغاية مع ابن أخيه، لكنه حرص على اتباع تعليمات والده. وقد توج تأسيس موسيقى "جونغميو" الملكية الجنائزية سلسلة إنجازاته. فالملك "سيه جونغ" طالما أراد استخدام موسيقى كورية أصيلة من أجل أداء المراسم والطقوس الجنائزية، فلم يكن يعجبه الاعتماد على الموسيقى الصينية من أجل ذلك الغرض. لكن أمنيته لم تتحقق أبدًا، لأن موظفي البلاط المحافظين رأوا أن الموسيقى الصينية أعلى مقامًا من الموسيقى الكورية. لكن عندما اعتلى الملك "سيجو" العرش، عدّل الموسيقى الجنائزية التي ألفها والده واستخدمها من أجل الطقوس الجنائزية وطقوس تبجيل الأسلاف. وهي الموسيقى التي اختارها اليونسكو ضمن التراث الثقافي الإنساني غير الملموس بعد 500 عام من تأليفها. إذا كان الملك "سيجو" وُلد كأكبر أبناء الملك "سيه جونغ" واعتلى العرش دون الحاجة لإحداث انقلاب سياسي، ربما كان سيصبح ملكًا عظيمًا كوالده.

المقطوعات المقدمة في حلقة هذا الأسبوع:

-    مقطوعة "نالغيه 날개" أو "أجنحة"، عزف "وون جانغ هيون 원장현" على الديغم.

-     أغنية من أغاني المزارعين من منطقة "يانغ يانغ 양양군" بعنوان "نون مينِن سوري 논매는 소리" أداء "كيم جين تاك 김진탁"، و"جانغ يون غِب 장연급"، و"لي جونغ ديه 이종대".

-    فقرة من موسيقى "جونغميو" الجنائزية من أداء أوركسترا الموسيقى الملكية التابعة لمركز غوغاك.