الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

حلم التسعة

2019-07-26

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، في أقاصي شرق آسيا عند الجبال الساحرة، أجرى مجموعة من الشباب تدريباتٍ روحية في معبد خاص تحت إشراف "يوغوان"، الراهب البوذي كبير المقام. وكان الراهب "يوغوان" يفضل أصغر أتباعه "صُنغ جين" لما عُرف به من ذكاء وفطنة تفوق أي من أتباعه الآخرين. وفي يوم من الأيام، أرسل الراهب تابعَهُ "صُنغ جين" إلى الملك التنين، الذي قدم له كأسًا من النبيذ. ورغم أن "صُنغ جين" كان من أتباع بوذا المخلصين، لم يستطع أن يرفض طلب الملك العظيم، فقبل كأس النبيذ وشربه. كانت هذه بداية المتاعب.

 كان "صُنغ جين" لا يزال ثملًا تحت تأثير الخمر وهو في طريق العودة إلى منزله، وعندما قابل 8 حوريات فاتنات، فُتن بهن وراح يغازلهن. وحتى بعد عودته إلى المعبد، لم يستطع "صُنغ جين" التوقف عن التفكير في وجوههن الفاتنة وأصواتهن الرقيقة، حاول قدر إمكانه أن يبعد أفكاره عن الحوريات، وأن يركز في دراساته وتعاليمه، لكنه فشل، فثارت ثائرة "يوغوان"، وطرد تابعه الذي كان الأقرب إلى قلبه في يومٍ ما، والذي سقط وفشل في الاختبار، إلى الجحيم. والعجيب أن الحوريات الثمانية كُنّ قد أرسلن أيضًا إلى الجحيم، وقد أدهش ملك الجحيم كثيرًا من قصتهن. رأى ملك الجحيم أن الراهب الشاب والحوريات الثمانية لم يخطئوا خطئًا كبيرًا إلى الحد الذي يستحق هذا العقاب الشنيع، فقرر أن يرسل التسعة إلى عالم البشر مرة أخرى.

وُلد التسعة من جديد في عالم البشر، وُلد كل منهم في أسرة مختلفة عن الآخر، ولم يذكر أيهم حياته السابقة، مثلهم في ذلك مثل بقية البشر. وُلد "صُنغ جين" في أسرة طيبة، أسمته اسمًا جديدًا هو "يانغ سو يوو". نما بطلنا ليصبح شابًا يافعًا متعدد المواهب، واجتاز اختبار الخدمة الحكومية وهو بعد في الخامسة عشرة. وقد واجه العديد من المصاعب، مثل محاولات قمع التمرد، وغيرها من الكوارث. لكنه استطاع بحكمته وشجاعته أن يتجاوزها كلها. بل بدا وكأن المصاعب التي مر بها كانت ضرورية لتطوره كبطل حقيقي ورجل شجاع. استطاع أن يحقق الشهرة والثروة، كما لعبت كل من الحوريات الثمانية اللاتي قابلهن في حياته السابقة دورًا مهمًا في حياته كزوجة أساسية أو محظية، رغم أنه لم يكن يعرف بالطبع أنه قد قابلهن في حياته السابقة. بدا وكأنه قد حقق كل شيء، الأسرة السعيدة، والسمعة الطيبة، والثروة المادية.

وفي يوم من الأيام، مر على قصر قديم للإمبراطور الصيني "شين شي هوانغ" الذي كان قد مات قبل مئات السنوات. وبينما كان مارًا بجوار القصر، خطر له أن كل البشر، حتى الإمبراطور العظيم الذي حقق من الإنجازات خلال حياته ما لا يتسنى لغيره، كلهم فانون. وما أن تملكه هذا الخاطر، حتى شعر أن نغمات الفلوت لم تعد تطربه كما كانت من قبل. كانت هذه هي اللحظة التي أدرك فيها بزوال الحياة وشعر بتفاهتها، وأدرك أن حياته ما هي إلا حلم فارغ.

رأى الراهب "يو غوان" الذي كان معلمه في حياته السابقة أن الوقت قد حان لإعادة تلميذه النجيب. وبعد فترة، استيقظ بطلنا ليجد نفسه في معبد في عمق الجبل. عاد إلى شخصيته كـ"صُنغ جين" التابع البوذي، وطبعًا، كان ذلك يعني ضياع زوجاته ومحظياته وممتلكاته وأمجاده كأنها كلها لم تكن. لكن الراهب سمح للحوريات الثمانية بالانضمام إلى المعبد، فخدم التسعة كلهم بوذا بعد أن وصلوا إلى التنوير.

هذه القصة التي تُعرف باسم "حلم التسعة" تضم قصة غير واقعية بنهاية سعيدة، في خليط مميز وجذاب، يعكس بعض أهم العناصر في الثقافة البوذية، والكونفوشية، والطاوية. ويقال إن "كيم مان جونغ"، وكان كاتبًا وسياسيًا في عصر جوسون، كتب هذه القصة في أواخر القرن السابع عشر في المنفى.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;