اعتبر القدماءُ الكومونغو أفضل الآلات الموسيقية جميعًا. قيل إنها عندما عُزفت للمرة الأولى في وانغسان في عصر كوغوريو، جاء طائر مرفاع أسود وراح يرقص على أنغامها. كما يقال إن الكومونغو كانت تخزن في مخازن كنوز الدولة في عصر شيلا الموحدة. ويحكى أيضًا أن معلم الكومونغو الشهير "أوك بو غو 옥보고" كان قد اختار العيش في عمق جبل جيري-سان، واعتزل العالم فلم يخرج مجددًا. وعليه، أرسل الملك بنفسه رجلا من رجاله إلى الجبل كي يتعلم عزف الآلة. الكومونغو آلة لا يستطيع أي شخص عزفها، ولذلك اعتز العلماء الكونفوشيون بها، واعتبروا أن عزفها يهذب القلب. ويبدو أن الكوريين قديمًا رأوا أن عامة الشعب أو غيرهم من الطبقات الاجتماعية الدنيا، إذا عزفوا الكومونغو، كان عليهم الالتزام بالتفكير كالعلماء الكونفوشيين والتصرف مثلهم. وكان من استطاع تحقيق هذه الشروط بشكل كامل هو عازف الكومونغو "كيم صُنغ غي" في أواخر عصر جوسون. مع تزايد شهرته وسمعته كعازف كومونغو بارع، كان "كيم صُنغ غي" يرى أن كسب العيش من موهبته لإطعام أسرته هو أمر يجلب العار، ولذلك ازدادت أسرته فقرًا مع الوقت. وبعدما تقدم به العمر، هجر بيته واستقر في بقعة على ضفاف نهر الهان، وكان يجد متعته في الإبحار على متن قارب وصيد السمك.

لم يكن "كيم صُنغ غي" بارعًا في الكومونغو فقط، بل كان يتمتع بموهبة فريدة في عزف آلتي الـ"تونغ سو" والـ"بيبا" أيضًا. وكان يخرج لعزف التونغسو على ضفة النهر في الليالي المقمرة التي تكون مياه النهر فيها هادئة. ويقال إنه كان يبدو أقرب للكهنة الطاويين في تلك الليالي، وكان الأوز البري يأتي طائرًا ويصيح في نبرات حزينة. كان فنانًا شديد الارتباط بالطبيعة، وكان يستمتع بأداء عروضه الفنية الساحرة بكل حرية. وكان إذا استدعاه أصحاب الثروات أو النفوذ، يتجاهلهم ويتظاهر بأن الأمر لم يبلغه. في ذلك الوقت، كان هناك رجلٌ واسع النفوذ يدعى "موك هو ريونغ 묵호룡"، كان قد حاك مؤامرة دنيئة قُتل على إثرها عشرات من الناس، ولم تكن حتى الطيور في السماء لتسلم من نفوذه وقوته. وكان قد أعدّ العدة لإقامة حفل كبير، فأرسل أحد رجاله لاستدعاء "كيم صُنغ غي" يدعوه إلى الحفل كي يؤدي فقرة موسيقية. وفي تلك الأيام، كانت شخصية الموسيقيين والمطربين المدعوين لحفلٍ ما تحدد مدى رقي الشخص الذي أقام الحفل. فكان من يدعو فنان شهير لحفلاته يعد من أعالي القوم. ولذلك فإن دعوة "موك هو ريونغ" لـ"كيم صُنغ غي" لا تعني أنه كان معجبًا بموسيقاه وفنه بكل بساطة، بل تشير إلى رغبته بالتفاخر بإثبات رقيه وقوته في المجتمع، لأنه الشخص الذي استطاع دعوة ذلك الفنان الأبي الشهير لأداء عرض في حفله. وكان الفنان الذي يقبل حضور مثل تلك الحفلات يتقاضى أجرة عالية للغاية، أما إذا رفض فلم يكن يسعه إلا الخوف والقلق من المشاكل المستقبلية التي سيلقاها بسبب رفضه. لكن "كيم صُنغ غي" كان دائمًا ما يعيد رسول الأثرياء خائب الرجا باعتذاره الدائم وتحججه بمختلف الأعذار لتجنب قبول الدعوة. ومع تكرار رفضه لدعوة "موك هو ريونغ" ثارت ثائرة الأخير، فأرسل رسوله يدعوه لمرة ثانية وهو يقول: "ائتني به بأي ثمن، حتى لو اضطررت لتهديده". كان "كيم صُنغ غي" يعزف آلة البيبا حين بلغته هذه الأنباء، فصاح في رسول "موك هو ريونغ" قائلًا: "اذهب إلى موك هو-ريونغ وبلغه الآتي: لقد بلغت السبعين من العمر، فكيف تظن أنني قد أخافك؟ يقولون إنك بارع في حياكة المؤامرات والمكائد، فلم لا تدبر لي إحدى مكائدك؟". وهكذا تصدى "كيم صُنغ غي" لـ"موك هو ريونغ" في الوقت الذي لم يكن أحد يجرؤ على مواجهته.

شق "كيم صُنغ غي" طريقه نحو الشهرة، مثله في ذلك مثل المشاهير من كل مكان وزمان، وقد توارثت الأجيال قصة تعلمه للكومونغو. كان معلمه يدعى "وانغ سيه غي 왕세기"، وربما كان عازفا ماهرًا، لكنه لم يكن يجيد تعليم الآخرين العزف. فكان إذا استلهم لحنًا جميلًا، يعزفه منفردًا في الليل، ولا يعلمه لتلامذته وأتباعه. لذلك كان "كيم صُنغ غي" يبيت ليلته واقفًا في ركن خفي خلف نافذة معلمه ليسترق السمع إلى ألحانه ويحفظها. لكن المعلم اكتشف أمره في يوم ما، فتوقف عن العزف فجأة وفتح نافذته ليرى المتسلل. جفل "كيم صُنغ غي" الذي كان مستغرقًا في اللحن بكل حواسه وسقط على الأرض. وبذلك تأكد للمعلم صدق تلميذه وشغفه الحقيقي بالموسيقى، فراح يعلمه جميع ألحانه، أي أنه لم يحقق مكانته تلك اعتمادًا على موهبته وحدها، بل عن طريق العمل الشاق والمثابرة. وفي ختام حلقتنا اليوم، سوف نستمع إلى أغنية "تشول كانغ 출강" أداء "لي جونغ جو 이정주".

المقطوعات المقدمة في حلقة هذا الأسبوع:

-    "جُنغ جونغ دُنغ 정중동" أو "حركة وسط السكون" أداء "كومونغو فاكتوري 거문고팩토리".

-     "بونغ ريو دوشي 풍류도시" أداء "بول سيه تشول 불세출".

-    أغنية "تشول كانغ 출강" أداء "لي جونغ جو 이정주".