الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

نمر المطحنة

2019-07-19

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، عاش صبيٌّ صغير مع والدته. كان يربي كلبًا، وديكًا، وحمارًا في باحة منزله. وكان يكسب عيشه بطحن الحبوب في المطحنة وجمع الحطب. وفي يوم من الأيام، ذهب الصبي للجبال لجمع بعض الحطب، وهناك قابل نمرًا. تجمد الصبي من الرعب، وظن أن أمره قد انتهى ولا شك، وأغمض عينيه في انتظارٍ مستسلم للموت. وبعد فترة، فتح عينيه، وصعق مما رآه. فلقد كان النمر القوي الضخم يبكي وينوح. قال نمر: "أوه، كم تؤلمني! لقد جرحت رجلي بينما كنتُ أهرب من الصياد". هنا فقط، لاحظ الصبي أن النمر كان ينزف، وشعر بالأسف والشفقة حيال الحيوان الجريح. واصطحب النمر لمنزله، وهو يحمله على إطار خشبي على ظهره.

شعرت والدة الصبي وحيواناته الأليفة بالرعب الشديد من النمر الشرس. لكن الصبي اعتنى بالنمر عناية شديدة، واهتم بإطعامه وعلاج رجله الجريحة. وبفضل عناية الصبي وتفانيه، استعاد النمر صحته وتعافى تمامًا. وعندما حان وقت عودة النمر إلى الجبل، كان اﻷخير قرر ألا يعود، ففي منزل الصبي، كان يجد دائمًا ما يأكله، ولا يقلق أبدًا من خطر الصيادين. لكن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة إلى الصبي، فقد اضطر للعمل أكثر كي يوفر الطعام المناسب للنمر.

شعر الديك والكلب بالضجر من النمر الكسول الذي لا يفعل شيئًا سوى تناول الطعام والنوم، فطلبا منه الرحيل. قال الديك: "سيدي النمر! يبدو أنك قد شفيت الآن. لم لا تعود إلى منزلك؟ إن الصبي المسكين يعمل بكل جد كي يطعمك. لكن كل ما تفعله أنت في المقابل هو تناول الطعام والتنزه هنا وهناك". غضب النمر، فسأل: "وما الذي تفعلونه أنتم هنا؟ فيبدو من حديثكم أنكم تفعلون أشياء على قدر عظيم من الأهمية". رد الديك قائلًا: "أنا أصيح كل فجر لأوقظ الصبي مبكرًا" وقال الكلب: "أما أنا، فأحرس البيت ليل نهار حتى لا يدخله اللصوص". لم يرد النمر عليهما، لكن لم يبد عليه الرضا مما سمع.

في الصباح التالي، استيقظ الفتى متأخرًا لأن الديك لم يصح، راح يبحث عنه في كل مكان لكنه لم يجده. كما اكتشف اختفاء الكلب أيضًا. سأل الصبي حمارَه عن الحيوانين وما حل بهما، ارتعد الحمار خوفًا وهو يقول: "لقد التهمهما النمر الشرس مساء أمس". شعر الفتى بالغضب الشديد، لكنه لم يفعل شيئًا لأنه كان يخاف النمر أيضًا. كان يخشى أن يلتهم النمر أسرته بالكامل، بما فيها هو نفسه. قال الحمار إنه قد خطط لحل المسألة، وهمس في أذن الصبي.

في تلك الليلة، اقترب النمر من الحمار استعدادًا للهجوم عليه. ظل الحمار هادئًا وقال: "حسنًا أيها النمر. كنت أتوقع مجيئك من أجلي الليلة. لا أستطيع تجنب الأمر. لكن بعدما تلتهمني، من سيقوم بسحب الرحى الثقيل في المطحنة الضخمة؟ إنها ثقيلة جدًا، ولا يستطيع أحد سواي سحبها وجرها" استفز كلام الحمار النمر، فزأر قائلًا: "عم تتحدث أيها المخرف؟ من تظنني؟ أنا أقوى حيوان في العالم". لم يبد أن الحمار قد اقتنع بكلامه حين قال: "حتى إن كنت قويًا، فأنت لست قويًا بالقدر الكافي لجر المطحنة الضخمة". هنا، ظهر الصبي وقال: "لم لا ترينا قدر قوتك أيها النمر؟ نريد أن نرى بأنفسنا". وافق النمر على الفور وهو يشعر بالفخر، فوضع الحامل الخشبي المذي أوثق رباطه إليه بكل سرور، واستعدّ لجر الحجر الثقيل ليثبت مدى قوته. لكن صوت ضحك الفتى والحمار بلغه، واستدار فقال الفتى: "والآن، يا عزيزي النمر، صرت نمر المطحنة! سوف نحظى بقسط من الراحة، بينما تجر أنت الحجر إلى الأبد، أيها النمر الغبي!". حاول النمر الأحمق أن يفك الحامل بكل الطرق الممكنة، لكنه لم يستطع، إذ أنها كانت مربوطة بإحكام شديد في الحجر الثقيل. كان قد سقط في المصيدة! وبعد بضعة أيام قليلة، تضور النمر جوعًا حتى مات. باع الصبي جلد النمر وجنى الكثير من المال لقاءه، وعاش مع والدته وحماره في سعادة وهناء ورخاء.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;