الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

المراوح والأحذية الخشبية

2019-10-11

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، عاشت أم مع ولديها. وعندما كبر الصبيان، طور كل منهما مهارات مختلفة عن أخيه. كان الشقيق الأكبر ماهرًا في صناعة المراوح، أما الصغير، فكان يجيد صنع الأحذية الخشبية، التي كانت تستخدم في ذلك العصر لحماية القدمين من البلل والاتساخ بالطين في الأيام الماطرة. صنع الشقيقان الكثير من المراوح والأحذية الخشبية، وغادر كل منهما المنزل لبيع بضاعته. وقبل المغادرة، وعدا والدتهما بجني المال الكافي الذي يضمن لهما توفير حياة كريمة لها.

شعرت الأم بالقلق، فلم تكن واثقة من أن المراوح والأحذية الخشبية التي صنعها ابنيها ستباع. فلم يكن هناك أي غيوم في السماء، واستمرت السماء الصافية والجو الجميل لعدة أيام. ولذلك شعرت بقلق أكبر على ابنها الصغير، إذ من سوف يشتري منه حذاء خشبيا في أيام ليس فيها قطرة مطر كهذه؟ زارتها إحدى الجارات لتستعير شيئًا ما، ولاحظت الجارة القلق المرتسم على وجه الأم، فسألتها: "ولكن ما بك؟ ما الأمر؟ تبدين قلقة للغاية" أجابتها الأم: "أوه! كما تعرفين، فابني الأصغر يبيع الأحذية الخشبية. لكن السماء صافية ولم يكن هناك ولا حتى قطرة مطر واحدة لأيام، فمن سيشتري منه بضاعته في ظروف كهذه؟ إن القلق ينهشني نهشًا!". حاولت الجارة أن تطمئنها، وأكدت لها أن كل شيء سيكون على ما يرام.

بعد عدة أيام، بدأ المطر في هطول، واستمر يهطل بغزارة طوال اليوم دون توقف، وقد امتدت الغيوم الداكنة لتغطي السماء تمامًا. اشتد البرق والرعد، وشعرت الأم بالتوتر مجددًا. هذه المرة، كانت قلقة بشأن ابنها الأكبر، إذ أنه كان يكسب رزقه من بيع المراوح. لكن، من سيشتري مروحة في هذه الأيام الممطرة الباردة؟ استمر المطر طوال الليل، وتمكن القلق من الأم حتى عجزت عن النوم طوال الليل. وفي اليوم التالي، زارتها الجارة وهي تقول في سرور: "لا بد أنك سعيدة الآن. فالمطر استمر طوال الليل البارحة، ولا شك أن الناس يقبلون على شراء أحذية ابنك الأصغر". لكن الأم لم تبدو سعيدة أبدًا. قالت بتنهيدة عميقة: "أنا لا تهمني الأحذية الخشبية. ما يقلقني الآن هو أنها تمطر، فابني الأكبر يبيع المراوح، ولا أظن أن أي شخص سيشتري مروحة في مثل هذا الجو البارد الماطر. ابني المسكين! لا بد أنه يشعر بإحباط كبير. أنا قلقة بشأنه للغاية". ابتسمت الجارة إذ سمعت هذه العبارة، فقد أدركت أن جارتها من نوع الأمهات دائمات الشكوى والقلق، فقالت: "لكنك تقلقين بشدة عندما لا تمطر، ويزداد قلقك عندما تمطر، هذا يعني أنك قلقة على الدوام، أليس كذلك؟" أجابت الأم: "هذا صحيح. لكن ما الذي في وسعي أن أفعله؟ فكلاهما ابني" ربتت الجارة على كتف الأم المسكينة وقالت في عطف: "أفهمك، لكن لم لا تجربي التفكير في الأمر بطريقة مغايرة؟ أعني، عندما يكون الجو صافيا، يجب أن تشعري بالسرور، فهذا يعني أن ابنك الأكبر يبيع مراوحه دون مشكلة، وعندما تمطر، اسعدي أيضًا، فهو دليل على نجاح تجارة ابنك الأصغر. مشكلتك أنك تركزين على الجانب المظلم من كل موقف، لكن إن فكرتي بشكل مختلف، إن حاولت أن تري الجانب الأفضل، الجانب المضيء وإن لم يكن كاملًا، ستشعرين أنك أفضل حالا، وستودعين ذلك القلق المزمن إلى الأبد". قالت الأم: "ياله من كلام رائع! لم لم تخطر لي تلك الفكرة من قبل؟ أنت محقة، لا يجب أن أقلق بشأن شيء".

وهكذا، انتهت أيام القلق المستمر بالنسبة للأم، فقد أدركت أن كل يوم هو يوم جيد إن عرفت كيف تنظر إليه وكيف تقيمه. وبعد فترة، عاد الابنان وكلًا منهما يحمل الكثير من الهدايا لوالدته. فكما قالت الجارة، كلاهما أبلى بلاء حسنا في النهاية، وجنى الكثير من المال، فلم يكن هناك أي داعٍ للقلق الزائد عن الحد.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;