الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

أسرة بخيلة

2019-10-18

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، عاشت أسرة بخيلة. كان كل فرد من أفراد الأسرة ينافس الآخرين في بخله، ولم يكن أيهم ينفق أي مالٍ على الإطلاق، أو يعير أغراضه لأي شخصٍ كان. فعلى سبيل المثال، زار أحد أصدقاء الابن منزل الأسرة رغبة منه في استعارة مطرقة، لكن الابن رفض طلب صديقه قائلًا: "أنا آسف، لكنني لا أستطيع أن أعيرك مطرقتي. ماذا إن اهترأت المطرقة بعد أن انتهيت من استخدامها؟ أفضل أن تذهب إلى مكانٍ آخر، فأنا لن أعيرك مطرقتي بحال". ولا تسل عن دهشة الصديق وحرجه، لكنه لم يتفوه بكلمة، وغادر المنزل خالي الوفاض. كانت هذه هي البداية لا أكثر، فزوجة الابن كانت تنافس زوجها في بخله. في أحد الأيام، جاء أحد باعة السمك الجائلين إلى القرية، فذهبت زوجة الابن إليه وراحت تتفحص كل سمكة بأصابعها، وكأنها تتفقد ما إذا كان السمك طازج أم لا. لكنها لم تشتري ولا حتى سمكة واحدة، وهي تقول إن السمك كله مبالغ في ثمنه. شعر البائع بالضيق الشديد لكنه لم يستطع أن يقول أي شيء. وعندما عادت زوجة الابن إلى المنزل، غسلت يداها في إناء ماء كبير، ثم راحت تغلي الماء لتعد حساء السمك من بقايا السمك الذي التصق بيدها! عندما شمت حماتها رائحة الحساء، جاءت لتسألها عما حدث. فشرحت له زوجة الابن ما فعلته بكل فخر، وهي تؤكد بثقة أنها يمكنها أن تعد حساء السمك بهذه الطريقة كلما اشتهاها أي شخص من أفراد الأسرة.

لكن السرور لم يبد على وجه حماتها كما توقعت، فقد قالت: "عزيزتي، أنتِ تعرفين أمرًا لكنك لا تعرفين الآخر". شعرت زوجة الابن التي كانت تنتظر مديحا على فعلها بشيء من الإحباط، فسألت حماتها: "ماذا تعنين؟" فقالت: "أتعرفين؟ ليس عليك أن تزوري بائع السمك كل مرة بهذه الطريقة، كان بإمكاننا الاستمتاع بحساء السمك الشهي لفترة طويلة جدا، بل لعدة أشهر، إن كنت غسلت يداك في البئر بدلًا من الإناء!". كانت زوجة الابن بارعة في توفير المال، لكن حماتها كانت أكثر خبرة منها في هذا الأمر.

لكن المرأتين، رغم كل هذا، لم تكونا بخيلتين إلى هذه الدرجة إن قورنتا بالأب. فحماها كان بخيلًا حقا، كان التمثيل الحقيقي، التجسيد الكامل للكلمة.

 في يوم من الأيام، اقتحم نمر مفترس المنزل، وأطبق بفكيه على عنق الأب واختطفه قافزا عبر السور في غمضة عين، فلم تتح لأي فرد من أفراد الأسرة أدنى فرصة للصراخ حتى. كان الابن هو أول من أفاق من الصدمة، فأمسك بقوسه وسهامه وخرج يجري مسرعا لإنقاذ أبيه، وعندما أبطأ النمر من خطاه، وجه الابن قوسه إلى النمر استعدادًا لإطلاق السهم، لكن الأب، الذي كان عنقه لا يزال بين فكي النمر، عندما رأى ابنه صاح مسرعا: "يا بني! لا تطلق قوسك على جذع النمر، فإن إصابة الجذع قد تفسد الفراء. بل حاول إصابة رجله". لكن الابن خشي أن يصاب والده إن هو أطلق على رجل النمر فقط. وهكذا، رغم أوامر والده الواضحة، راح يطلق سهامه على جذع النمر حتى خر صريعا. هرول الشاب ليتأكد من سلامة والده، لكن الأب لم يبدُ سعيدا على الإطلاق، فقد راح يتأمل جثة النمر التي راحت تنزف بغزارة من الجراح التي ملأت بطنه وظهره. تنهد تنهيدة طويلة قبل أن يقول: "ياللخسارة! كان من الممكن أن نحافظ على الفراء سليما ونكسب منه مالا وفيرًا!". وهكذا، رغم أن الشاب قد استطاع إنقاذ حياة أبيه بكل شجاعة، وقف مطرقا يشعر بالخزي والأسف، وكأنه ارتكب جرما ما.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;