الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

جزاء الأمانة

2019-10-25

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، عاش رجل مسن مع ابنه الشاب في قرية صغيرة نائية. كان يحب ابنه الوحيد ابنًا شديدًا، ويعامله بكل عناية ولطف. وبعد أن كبر الابن، غادر القرية متجها إلى سيول كي يدخل اختبارات الخدمة العامة. ومنذ ذلك اليوم، ظل الرجل المسن ينتظر عند بوابة القرية كل يوم، وهو لا يكاد يصبر على فراق ابنه، وينتظر بفارغ الصبر أن يعود إليه. وفي أحد الأيام بينما هو منتظر على بوابة القرية كعادته، لمح شيئًا عجيبًا على الأرض. كانت صُرة للعملات المعدنية، التقطها الرجل وفتحها، فوجدها مليئة بالعملات المعدنية. شعر بالأسف حيال صاحب الصرة الذي فقد عملاته، وقرر أن يظل منتظرًا وهو يمسك صرة العملات المعدنية، لعل صاحبها يعود باحثًا عنها. بعد فترة، رأى رجل في زي العلماء آتٍ في اتجاهه، وهو يدقق النظر في الأرض وكأنه يبحث عن شيء ما، وما إن رأى الرجل العجوز العالم الذي بدا وجهه جادا متوترا، تأكد له أنه صاحب الصرة ولا شك. سأله الرجل إن كان قد فقد شيئًا، فأجابه العالم أن نعم، وسأله إن كان قد رأى صرة للعملات المعدنية في المنطقة. ابتسم الرجل المسن وأعاد الصرة إلى صاحبها، الذي شعر بسرور شديد، وحاول أن يعطي الرجل العجوز بعضًا مما فيها إعرابًا له عن شكره وامتنانه، لكن الرجل المسن رفض في كل أدب، فشكره العالم بحرارة وانصرف سعيدًا مبتهجًا.

واصل العالم رحلته سائرًا، وفوجئ بالأمطار الغزيرة، دخل نُزُلًا مجاورًا كي يحتمي من المطر، حيث وجد جماعة من الناس كانوا قد سبقوه في دخول النزل احتماء من المطر المنهمر. وبدا على شاب ضمن المجموعة إمارات القلق الشديد والتوتر، وعندما سأله الناس عما به قال: "لا أستطيع الانتظار أكثر من ذلك، لا بد أن أبي ينتظرني بفارغ الصبر، وقد كدت أصل، يجب أن أواصل رحلتي حالا". حاول الناس إثناءه عما ينتويه، ورجوه أن ينتظر حتى يتوقف المطر، لكنه رفض ورحل، وتبعه الناس، ومن ضمنهم العالم المذكور.

وصل العالم إلى نهر كان يفيض بماء المطر، ولم يكن يزيد قبل ذلك عن جدول ماء صغير لا أكثر، لكن ماءه فاض فامتلأت المنطقة حوله بالماء تماما. وفجأة سمع أحدهم يصرخ طالبًا النجدة، كان هناك رجل يصارع التيار المتسارع، وحين دقق العالم النظر، عرف أنه الشاب الذي كان يتعجل مغادرة النزل قبل قليل. أراد أن يساعده، لكنه لم يكن يستطيع أن يسبح، فراح يلوح بصرة العملات المعدنية وهو يصيح: "سأهدي هذه العملات كلها لمن ينقذ هذا الشاب!" فقفز أحد الواقفين في النهر وأنقذ الشاب، وأعطاه العالم مكافأته كما وعد. وعندما عرف الشاب ما حدث، شكر العالم قائلًا: "سيدي! لقد أنقذت حياتي! وأنا عاجز عن شكرك. إن بيتي ليس بعيدًا عن هنا، لم لا ترافقني إلى هناك؟ فأنا أريد أن أرد لك الجميل". رفض العالم العرض، لكن الشاب أصر حتى وافق، وعندما وصلا إلى المنزل، خرج رجل مسن مهرولا من المنزل وهو يضم ابنه في شوق. واندهش العالم، فالرجل كان نفس الرجل المسن الذي وجد صرته الضائعة صباح ذلك اليوم، ولم يكن الرجل المسن أقل دهشة من العالم حينما عرف أن العالم قد أنقذ ابنه الحبيب من الغرق.

بكى الرجل المسن من شدة سعادته وتأثره، وأعطى العالم مبلغا كبيرا من المال كمكافأة، لكن العالم قال: "سيدي، إن لم تكن قد أعطيتني نقودي الضائعة، لما استطعت أن أنقذ ابنك، وهو ما يعني أنك أنت من أنقذه في الواقع، وليس أنا!". قبل العالم استعادة المبلغ الذي دفعه كمكافأة لإنقاذ الشاب، وأعاد الباقي، ثم غادر مسرورا.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;