الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

النمر الكاهن

2019-11-01

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، عاش حطاب يجيد عزف المزمار بشكل ساحر. كان كلما ذهب إلى الغابة لقطع الحطب، يأخذ مزماره معه ليعزف الأنغام الساحرة في فترات راحته. وفي يوم من الأيام، بينما كان يقطع الحطب في عمق الجبل، ظهر نمر كبير فجأة وبدأ في الاقتراب من الحطاب. فزع الحطاب، فتسلق شجرة صفصاف قريبة من فوره في فزع، زأر النمر زئيرًا عاليًا، وحاول أن يتسلق الشجرة لينقض على الرجل ويلتهمه، لكن الشجرة كانت طويلة وزلقة، فعجز الوحش الضخم عن تسلقها. حاول النمر أن يتسلق الشجرة مرارا وتكرارا، لكنه كان يفشل في كل مرة. وأخيرًا، اختفى النمر وسط الغابة. ورغم رحيل النمر، ظل الحطاب في مكانه أعلى الشجرة، وهو يحتضن أفرعها بشدة. أراد أن ينزل من على الشجرة وأن يذهب إلى منزله بأسرع ما يمكن، لكنه لم يكن يعرف ما إذا كان المكان آمنا بعد. كان يخشى أن يكون النمر مختبئًا في انتظاره، أو ربما يجوب الغابة في مكان غير بعيد. وبينما كان الحطاب المسكين غارقًا في التردد، شهد شيئًا مرعبًا، إذ إن النمر كان قد عاد بصحبة خمسة أو ستة نمور أخرى. اجتمعت النمور تحت الشجرة وهي ترمق الرجل المسكين بنظرات نارية، وتأكد له أنه لن يستطيع أبدًا النزول من على تلك الشجرة.

لكن الرعب لم ينتهي هنا، بل كانت هذه البداية فقط، فقد رأى بطلنا مشهدًا مرعبًا. رأى نمرًا يتسلق ظهر نمرًا آخر ليقف على كتفيه، ويليه آخر، وآخر، وآخر. كان النمور قد اتفقوا على أن يصنعوا من أجسادهم برجًا يستعينون به على الوصول إلى الرجل. بدا وكأن دقائق قليلة لا أكثر تفصلهم عن الوصول إلى فريستهم أخيرًا، وما إن أدرك الحطاب هذا حتى هوى قلبه بين قدميه. كلما ضاقت المسافة بينه وبين النمور، قلت فرص نجاته بشكل كبير. ظن أن الأمر قد قضي، وأنه لا مخرج من هذه المصيبة، فأخرج مزماره من جيبه. كان يريد أن يعزف مزماره الحبيب للمرة الأخيرة. بدأ يعزف المسمار، وانسابت الأنغام الرائعة عبر الغابة. ولم يكن يدري أن هذه هي الخطوة الفارقة.

لم يكن الرجل يعرف أن النمر الذي يحمل كل النمور الأخرى هو نمر كاهن شاماني. والنمور الشامانية كانت تحب الرقص عند سماع الموسيقى. سحرت الأنغام العذبة الشجية النمر الشاماني بالأسفل، فلم يستطع أن يسيطر على شجنه، وراح يرقص رغما عنه. راح كتفاه يتحركان مع الموسيقى، وجسده يتمايل، وأرجله تخطو خطوات للأمام وأخرى للخلف. وكنتيجة لذلك، بدأ النمور الواقفين فوقه يفقدون توازنهم. عندما رأى الحطاب ذلك، راح يعزف نغمات أكثر سرعة ومرحا، مما دفع النمر الشاماني للرقص بسرعة وحماس أكبر. هنا، فقد النمور الواقفين فوقه توازنهم تماما وسقطوا على الأرض. كانت سقطاتهم عنيفة، فمات بعضها، وجرح البعض الآخر وفر. أما النمر المذكور، فكان سكرانًا بالموسيقى، غارقا في نشوة رقصه حتى لم يكن يدري بما يدور حوله وقد سلبته الأنغام عقله. وبينما كان النمر يرقص، نزل الحطاب من على شجرته في بطئ وحرص دون أن يتوقف عن العزف. واستمر النمر في الرقص حتى بعدت النغمات واختفت، واختفى معها الحطاب تمامًا عن الأنظار. بعد فترة، عاد الحطاب إلى المكان ليأخذ جثث النمور، التي باع جلودها وفراءها الثمين وجنى منها ثروة طائلة. وهكذا، أنقذ المزمار حياة صاحبه.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;