ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، عاش رجل اسمه هونغ مع زوجته وأمه. عاش الثلاثة معا في سعادة وسلام حتى مرضت الأم ذات يوم فجأة. حاول الزوجان كل ما استطاعا لتُشفى الأم، فلم يدعا دواء إلا وجرباه، وحرصا على استدعاء كل طبيب اشتهر ببراعته، لكن رغم كل محاولاتهما الصادقة الجاهدة، فشلت كل مساعيهما، بل بدا أن حالة الأم تسوء باستمرار. خارت قوى الأم مع مرور الوقت، فازدادت ضعفا وامتقاعا، بينما راح قلق الزوجين وخوفهما يزيدان. وفي يوم من الأيام، طرق أحد الكهنة البوذيين باب المنزل طالبًا صدقة، فأعطاه الابن الطيب بعض الأرز. ألقى الراهب نظرة سريعة على المنزل عبر البوابة وقال: "يبدو لي أنه هناك شخص مريض في هذا المنزل. يجب عليك أن تصيد مائة حيوان جبلي بري، وأن تسلقهم وتسقي المريض من حسائهم، هذا كفيل بشفاء مريضكم". قال هذا، وغادر مسرعًا، دون أن يعطي الابن أي فرصة للرد.

منذ ذلك اليوم، حرص هونغ على الذهاب إلى الجبل كل يوم لصيد الحيوانات البرية من هناك. لم يكن واثقا من صحة كلام الراهب، لكنه كان مستعدا لتجربة أي شيء قد يساهم في شفاء والدته الحبيبة. رأى هونغ أن الدواء الذي اقترحه الراهب حتى إن لم ينفع والدته، فهو لن يضرها. لكن صيد الحيوانات البرية لم يكن أمرًا سهلًا، فقد كان يعود خالي الوفاض كل يوم، وكان كل يوم يزيده قلقا وحزنا.

وفي يوم من الأيام، بعد محاولة صيد مرهقة فاشلة، شعر هونغ بالنعاس يغلبه، وفي منامه، رأى حلما عجيبًا. رأى ملك الجبال بلحيته البيضاء الطويلة وقد أتاه وقال هامسا: "أي بني، لقد تأثرت بصدقك ومحاولاتك الصادقة لمساعدة والدتك. سوف أنصحك نصيحة قيمة فانصت لما أقول. احفر تحت الصخرة الكبيرة الموجودة في الوادي الشرقي على الجبل". وعندما استيقظ هونغ، ركض باتجاه الجبل وفعل كما أخبره ملك الجبال. وهناك، تحت الصخرة المعنية، وجد كتابا. شعر بشيء من الإحباط وهو يقلب الكتاب في يديه، ويتساءل عما إذا كان ذلك الكتاب سيساعده في مسعاه. فتح الكتاب، وقرأ أول فقرة منه جهرًا. وفجأة، شعر بشيء غريب، واكتشف أنه يتحول إلى نمر! تعجب هونغ عندما وجد أنه تحول إلى حيوان ضخم مفترس، واستطاع أن يصطاد الحيوانات الصغيرة بسهولة بالغة. اصطاد الكثير من الأرانب والغزلان، وغيرها، وحملها إلى المنزل. وعندما عاد إلى الجبل مرة أخرى، قرأ الصفحة اﻷخيرة من الكتاب العجيب، فعاد سيرته الأولى، إنسان قوي نبيل. كانت هذه هي هدية ملك الجبال إلى الابن البار، كتاب سحري يمكنه من التحول إلى حيوان مفترس كي يستطيع تنفيذ نصيحة الراهب ومساعدة والدته المريضة.

أخذ هونغ الكتاب معه إلى المنزل، وبفضل الكتاب السحري، استطاع هونغ أن يصطاد الحيوانات البرية كل يوم. نفذ هونغ نصيحة الراهب وأعد الحساء من صيد حيوانات جبلية كثيرة، حتى قاربت من المائة، وكما تنبأ الراهب، راحت صحة والدته تتحسن يوما بعد يوم. لكن هونغ أبقى الأمر سرًا، فتعجبت زوجته كثيرًا من قدرته على صيد كل هذه الحيوانات في هذه الفترة القصيرة دون مساعدة، وقررت أن تراقبه سرًا علها تفهم الأمر. وفي الصباح الباكر، راقبت زوجها وهو يخرج كتابًا ما لم تكن قد رأته من قبل ويتمتم ببعض الكلمات التي لم تسمعها، وصُعقت حين وجدته يتحول إلى نمر ضخم ويغادر المنزل! كانت صدمتها كبيرة، ولكنها أدركت أن الأمر له علاقة ما بالكتاب الذي كان مع زوجها، ولم تكن تريد لزوجها أن يتحول إلى حيوان مفترس مجددا، فحرقت الكتاب لتتخلص منه.

لم تكن هذه خطوة موفقة، فقد كان عليها أن تنتظر حتى يعود زوجها ويتحول إلى إنسان مجددًا. في تلك الليلة، حين عاد النمر إلى المنزل وهو يحمل بعض الحيوانات البرية في فمه، راح يبحث عن الكتاب دون طائل. وهكذا استطاع الابن البار أن ينقذ والدته من مرضها، لكنه اضطر أن يعيش بقية حياته كنمر.