الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

الفاوانيا التي لا رائحة لها

2019-11-22

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، عاش الملك جين-بيونغ، الملك السادس والعشرين في مملكة شيلا الكورية القديمة، وقد حكم البلاد لمدة 53 عاما، فكان حكمه عادلًا طيبًا. لكن الأرق أصابه بعد تجاوزه السبعين من العمر، لأنه لم ينجب ابنًا ذكرًا يرث العرش. كان قد أنجب ثلاث بنات، لكن أيا من الملوك القدامى لم يكن يولي أميرة على العرش. كان الأمر حساسًا أكثر من أي وقت مضى، لأن الممالك المجاورة لشيلا كانت قد بدأت تظهر أنيابها كي تستولي على أراضي شيلا. ومع مرور الوقت، ازداد قلق الملك أكثر وأكثر. وفي يوم من الأيام، أرسل الملك تاي-جونغ من مملكة تانغ الصينية هدية إلى ملك شيلا، كانت الهدية عبارة عن رسمة وبعض بذور الزهور. سر الملك جين-بيونغ باللوحة التي تظهر الزهور الجميلة التي لم يكن قد رأى مثيلتها من قبل في بلاده. وبينما كان يتأمل اللوحة، أتته ابنته الكبرى، الأميرة ضُك-مان. كانت الأميرة فتاة تتميز بالذكاء منذ نعومة أظفارها، وعندما أراها الملك اللوحة وقال: "أي أميرتي، هذه الزهور جميلة، أليس كذلك؟" تأملت الأميرة اللوحة للحظة قبل أن ترد: "بلى، مولاي. إنها زهور بديعة، لكنني لا أظنها زهورًا جيدة". تعجب الملك من إجابتها، وسألها عن السبب الذي دفعها لقول ذلك، قالت الأميرة: "إنها زهور فاتنة ولا شك، لكنها للأسف، زهور لا عبير لها". اندهش الملك مجددًا، إذ كيف لابنته أن تعرف إن كانت تلك الزهور لها رائحة أم لا! أشارت الأميرة إلى اللوحة وقالت: "انظر، هذه الزهور لم يقربها فراشة أو نحلة، إذا كانت الزهرة ذات عبير، لترددت النحلات والفراشات عليها، حتى في اللوحة المرسومة. فكما يتبع الرجال المرأة الجميلة، يتبع الناس الزهور ذات العبير الساحر. فعبير الزهرة هو مكمن سحرها. ولهذا قلت إنني لا أراها زهورًا جيدة رغم جمالها الساحر".

ذهل الملك لإجابة ابنته التي أظهرت فطنتها ودقة ملاحظتها وصحة منطقها. كان يفهم وجهة نظرها جيدًا، لكنه تساءل إن كانت صحيحة في الواقع. ولكي يختبر نظريتها، أمر رجاله بزراعة البذور التي أرسلت مع اللوحة. أنبتت البذور جذورا وساقا، وبعد فترة، أزهرت. لم يستطع الملك أن ينتظر كثيرًا، فأتى من فوره كي يرى الزهور. كانت الزهور جميلة للغاية، تماما كالتي رُسمت في اللوحة، لكن لم يكن فيها أي عبير، تماما كما لاحظت الأميرة، وكما توقعت هي، لم يقرب النبات أي نحلات أو فراشات. وهكذا، ثبتت صحة نظرية الأميرة.

تأثر الملك كثيرًا بعمق فهم الأميرة. وكانت قد اشتهرت بذكائها وفطنتها وقوة ملاحظتها ودقة أفكارها. بدأ الملك يوجه انتباهه لها، وكان كلما راقبها، ازداد اقتناعًا بحكمتها ونضجها. ورغم أنه لم يكن قد أنجب أمراء ذكور، كان لديه أميرة أذكى وأحكم من أي أمير آخر. وهكذا نصب الملك ابنته الأميرة ضُك-مان كولية عهده ووريثة عرشه بكل فخر. وعندما توفي الملك جين-بيونغ عام 632، ورثت الأميرة ضُك-مان العرش، وأصبحت أول امرأة تحكم كوريا في التاريخ الكوري كله. عُرفت باسم الملكة صُن-ضُك، الملكة السابعة والعشرين في مملكة شيلا، وقد وصلت إلى منصبها بفضل حكمتها وبعد نظرها، وهي المواهب التي مكنتها من وضع أساس خطة توحيد الممالك الكورية الثلاثة في شبه الجزيرة الكورية.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;