الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

الأمنيات الثلاثة

2019-12-06

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، عاش زوجان في قرية نائية. كان الزوجان طيبا القلب، وكانا يحرصان على مشاركة كل شيء يحصلان عليه مع جيرانهما. لكنهما كانا يعيشان حياة فقر وعوز، لكنهما كانا راضيين، شاكرَين لما أوتيا من سعادة وهناء في حياتهما البسيطة. وفي نفس القرية، عاش رجل ثري فاحش الثراء. على نقيض الزوجين الفقيرين الكريمين، كان الثري طماعا جشعا بخيلا. كان يعيش في بيت ضخم فاخر، وكانت خزانته مليئة بالحبوب، لكنه لم يكن أبدًا يشارك ما في مخازنه مع جيرانه المحتاجين.

في يوم من الأيام، زار رجل يرتدي ملابس رثة بيت الرجل الثري، وطلب منه أن يسمح له بقضاء الليلة هناك. وبالطبع، صاح الرجل الثري في وجهه وطرده خارجًا بقسوة. ذهب الشحاذ العجوز المطرود إلى منزل الزوجين الفقيرين، ورغم أنه كان رجلًا غريبًا لم يره الزوجان من قبل، فقد رحبا به ترحيبًا حارا، وقدما له طبقًا من الأرز الساخن الذي كانا قد أعداه من أجل مراسم تبجيل ذكرى الموتى والأجداد. كما سمحا له أيضًا بالنوم في حجرتهما، بينما ناما على الأرض.

في اليوم التالي، قال الشحاذ للزوجين: "شكرًا على ضيافتكما الطيبة. لقد أكلت جيدًا ونمت جيدًا. وكمكافأة لكما، سوف أحقق لكما ثلاث أمنيات، فاخبراني بما تريدان". لم يصدق الزوجان الرجل، كما أنهما لم يشعرا أنهما فعلا أي شيء يستحق كل هذا الامتنان. لكن العجوز أصر على موقفه، وشعرا بالإحراج كيلا يكون رفضهما المستمر من قبيل سوء الأدب مع ضيفهما، ولذلك، قال الزوج مازحًا: "حسنًا إذن! ما دمتَ مصرًا! أتمنى أن يكون لنا بيتًا مسقوفًا بالقرميد تستطيع فيه أسرتي أن تعيش في سعادة وراحة"، وعندما نظر الرجل إلى الزوجة، قالت: "أوه، حسنا، ماذا أقول.. أتمنى لو كان عِندي طعامًا يكفي إطعام أسرتي حتى الشبع". وعندما سألهما عن أمنيتهما الثالثة والأخيرة، قالا إنهما يتمنيان لو كان لديهما بقرتان.

وبمعجزة مذهلة، اختفى منزلهما الضيق المتهالك، وحل محله منزلًا فاخرًا مسقوفًا بالقرميد! وكان المخزن الملحق بالمنزل الفاخر يكتظ بالحبوب، وعلى مقربة منه حظيرة ترعى فيها بقرتان سمينتان! فغر فاه الزوج، واتسعت حدقتا الزوجة في ذهول، ولم يستطع أي منهما أن ينطق ببنت شفة. والأمر الأكثر غرابة من كل هذا، هو أن العجوز المسكين كان قد اختفى تمامًا وكأنه لم يكن. هنا فقط أدرك الزوجان أن العجوز المسكين لم يكن مجرد متسول، بل كان ملك الجبال.

سرعان ما انتشرت القصة في القرية، حتى بلغت مسامع الرجل الثري. شعر بالندم الشديد لأنه طرد المتسول العجوز الذي أتاه أولًا قبل أن يمر على الزوجين المحظوظين. لكنه رأى أن الفرصة لا تزال سانحة أمامه. ركب حمارًا من حميره وأسرع يصعد الطريق الجبلي بحثًا عن ملك الجبال. وبعد فترة، تراءى له نفس الرجل العجوز يتجول في الطريق. ترجل بسرعة من على حماره، وقال في أدب: "سيدي، أنا عاجز عن التعبير عن مدى ما أشعر به من أسف. لم لا تزور منزلي الآن؟ سوف أقدم لك واجب الضيافة كما ينبغي هذه المرة". ابتسم ملك الجبال وقال إنه سوف يحقق له ثلاث أمنيات أيضًا، وأمره بالعودة إلى منزله. شعر الرجل الثري بالسعادة تغمره، وأسرع بالعودة إلى منزله. كان يريد أن يصل إلى المنزل بأقصى سرعة ممكنة، لكن حماره كان بطيئًا للغاية. شعر بالغيظ من شدة بطء حماره فصاح: "أيها الحمار الغبي! أفضل أن أكسر أرجلك على أن أمشي بكل هذا البطء!". وعلى الفور، انهار الحمار على الأرض إذ كُسرت أرجله بالفعل! شعر الرجل بغيظه يتزايد فصاح: "أيها الحيوان الغبي! سوف أكون أفضل حالًا من دونك! يا إلهي! أنا لا أطيق مجرد النظر إليك!". وهنا، اختفى الحمار تمامًا! وكأنه لم يكن. أدرك الرجل الثري أن اثنين من أمنياته الثلاثة قد تحققت بالفعل. شعر بإحباط شديد، لكنه راح يؤمل نفسه باﻷمنية الأخيرة المتبقية. وبينما كان يمشي نازلًا من على الجبل، آلمته ساقاه كثيرًا، فتمتم دون أن يقصد: "يا إلهي! أكاد أموت من ألم قدميّ! كم أتمنى لو كان حماري الغبي لا يزال معي على الأقل". وفي لمح البصر، ظهر حماره القديم بأرجله المكسورة من جديد. وهكذا، تحققت أمنياته الثلاث، دون أن يجني أي شيء سوى انكسار أرجل حماره، لكن الأوان كان قد فات، ولم يعد البكاء على اللبن المسكوب يجدي.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;