الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

المسنان اللذان سلقا الحجارة

2020-01-31

ⓒ Getty Images Bank

يُحكى أنه في قديم الزمان عاش رجلان مسنَّان، وكانا صديقين حميمين. وكانا يعلمان أن أيامهما في الدنيا معدودة، فقررا أن يقيما طقوسًا خاصَّة ليدخلوا الجنة بعد موتهم. وكان الناس يعتقدون أنه إذا غلى المرء حجرًا في مِرجَلٍ حتى يصبح طريًّا ليَّنًا فسوف يُبعث في الجنة بعد موته. ولذلك، جاء كل من هذين الرجلين المسنَّين بمرجلٍ أسودَ كبير، وأشعلا النار تحت المرجلين، وملآهما بالماء. ثم وضعوا حجرًا في كل مرجل، وكل ما كان عليهم فعله هو إضافة الماء إلى المرجل من حين إلى آخر، والإبقاء على النيران مشتعلة حتى يظل الحجر يغلي إلى أن يصبح ليِّنًا.

وفي أحد الأيام، رأى أحدهما رؤيا عجيبة في نومه، فقد رأى اثنين من ملائكة الجبال يتحدثان. فقال أحدهما: "انظر. هذان الرجلان هناك يغليان الحجارة. ولكن إذا كان رجلان يغليان الحجارة في وقت واحد، فلن يدخل الجنة إلا الذي يغلي حجره أسرع من الآخر"، فأجابه الآخر وهو يطقطق بلسانه: "أنت محق، لكن البشر لا يعلمون ذلك. يا للأسف!".

استيقظ الرجل المسنُّ فجأة. لم يكن يرغب في تصديق الحلم الذي رآه، لكنه كان واضحًا إلى الحد الذي لم يستطع أن يتجاهله. وقد كان يأمل بالطبع أن يدخل الجنة مع صديقه، ولذلك فقد قاما بتلك الطقوس معًا، ولكن إذا لم يكن سيدخل الجنة إلا رجل واحد فقد كان يعتقد أنه يجب أن يكون هو ذلك المحظوظ، وليس صديقه. فأسرع كما لو كان ممسوسًا بإضافة المزيد من الحطب أسفل مرجله، على أمل أن يغلي حجره أسرع من صديقه. ولكن على عكس توقعاته، فقد كانت النيران أسفل مرجل صديقه أكثر إضاءة وسطوعًا. ما أغرب هذا! أضاف الرجل في جنون المزيد من الحطب إلى تَنُّوره، لكن النيران اشتعلت أكثر في التنُّور الآخر. ثم بعد ذلك أمطرت السماء فجأة، فانطفأت النيران في كلا التنُّورين حتى قبل أن يتمكن من فعل أي شيء.

هطلت الأمطار، وأسرع الرجل الآخر راكضًا نحو المرجل. ثم فوجئ عندما رأى النيران قد انطفأت، فبدأ في يأس يحاول إشعال النيران مرة أخرى، ليس في تَنُّوره بل في تنور صديقه. فلما رأى الرجل صاحب الرؤيا هذا الأمر ندم على جشعه وأنانيته أشد الندم، وشعر بالأسى لصديقه الذي كانت علاقتهما طيبة طيلة هذه السنوات. فحاول والدموع في عينيه أن يشعل النيران في تنور صديقه. وبينما كان الرجلان يبذلان جهدًا كبيرًا لإشعال النيران، كل منهما يحاول في تنور صاحبه، إذ سقطت دموع الرجل صاحب الرؤيا على الحطب، فاشتعلت فيها النيران بمعجزة. ثم سرعان ما اشتعلت النيران في كلا التنورين. فبفضل دموع الندم عاد كل شيء إلى طبيعته. وبعد ذلك مات الرجلان المسنَّان ميتة هادئة، ودخلا الجنة معًا.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;