الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

الدواء العجيب

2020-02-28

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، عاش طبيب شهير. كان يستطيع مداواة أي مريض بأدويته وأدواته الطبية وإبره العلاجية مهما بلغت شدة أمراضهم. جرت الشائعات بأن الطبيب الماهر يستطيع حتى أن يعيد الموتى إلى الحياة، وأنه يستطيع مساعدة المسنين على استعادة شبابهم الضائع باستخدام دوائه العجيب. وأثبت الوقت صحة هذه الشائعات! فالطبيب كان لديه علاج معجز بالفعل، ولكن هذا الدواء العجيب كان يتوفر بكميات صغيرة للغاية، بما أنه كان يُصنع من أعشاب نادرة أيما ندرة. ولذلك، لم يكن الطبيب يستخدم ذلك الدواء الثمين لأي شخص، وكان يخفيه في مكان سري أمين.

وفي يوم من الأيام، مرض الطبيب نفسه مرضًا شديدًا. كان مرضًا قاتلًا، وكان يعرف أن أيامه في الدنيا معدودة. نادى الطبيب أحد طلابه، وأراه الدواء الذي كان يحرص كل الحرص على إخفائه لسنوات طويلة. طلب الطبيب من الطالب الذي كان يثق فيه بشدة أن يدهن من ذلك الدواء على جثته بعد أن يموت. وقبل مرور وقتٍ طويل، مات الطبيب بالفعل.

فعل الطالب كما أُمر، فبدأ يدهن من الدواء العجيب على قدمي جثة معلمه أولًا. وحدثت المعجزة، فما إن فعل، حتى بدأ الدفء يسري في الجثة شيئًا فشيئًا، وكلما دهن من الدواء العجيب على قسم جديد من جسده، زاد عجبه، إذ أيقن أن هذا الدواء هو معجزة ولا شك! معجزة من شأنها أن تحيي جثة هامدة!

أدرك الطالب فجأة أن معلمه لم يعلمه أبدًا كيفية صناعة هذا الدواء العجيب، وراح يتساءل عما سيحدث له بعد أن يموت هو نفسه. خطرت له فكرة مجنونة، فتوقف عن دهان الدواء، فعادت الجثة باردة من جديد بعد أن غادرها الدفء ثانية. لم يعد الطبيب الأول أبدًا للحياة من جديد. وقرر الطالب أن يحتفظ بالدواء المتبقي لنفسه.

وبمرور الوقت، تقدم العمر بالطالب المذكور، ومرض مرضًا قاتلًا. كان يعرف أنه لن يعيش طويلًا، ولذلك نادى ابنه. وتماما كما فعل معلمه من قبل، راح يشرح لابنه كيفية استخدام الدواء،وطلب منه أن يدهنه على جثته بعد أن يفارق الحياة. وعندما مات الرجل، بدأ الابن في دهان الدواء العجيب على جثة أبيه، كما فعل أبيه مع معلمه من قبل. وبالفعل، بدأ الدفء يسري في الجثة الهامدة، وبدأ القلب يخفق من جديد على استحياء، لكن بكل أسف، لم يعد يتبق ما يكفي من الدواء لتغطية الجثة كلها.

كان الطبيب الأول قد أبقى جرعة تكفي لشخص واحد قبل سنوات طوال، وكان الطالب قد استخدم نصفه بالفعل على جثة معلمه، وما تبقى من الدواء لم يكن يكفي لإحيائه من موته. وتماما كما حدث مع معلمه من قبله، أصبح جسد الطالب باردًا من جديد، ومات بعد فترة بسيطة.

لو كان الطالب قد أدى أمانته واتبع تعليمات معلمه إلى النهاية، لكان الطبيب قد علمه كيفية إعداد الدواء على الأرجح. وبالتالي، كان كلاهما سيعيش لفترة أطول. ولذلك، فرغم أن الطبيب كانت لديه المعجزة، فإنه لم يستطع أن يستفيد منها، أو أن يفيد غيره، بسبب طمع طالبه وجشعه.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;