ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، عاش صديقان في قرية صغيرة نائية. وعندما صارا رجلين مستقلين يكسبا عيشهما بأيديهما، فكرا في طريقة مريحة مربحة لكسب المال. تناقشا لوقت طويل في ذلك الأمر، ثم قررا أن يفتحا حانة. لكنهما اتفقا على ألا يبيعا المشروبات إلى أهل القرية دون تلقي ثمنها أولًا، حيث كان أهل القرية معتادين على أخذ الكحوليات ودفع ثمنها في وقت آجل. وهكذا، اتفق الصديقان على أن يرفضا الدفع المؤجل رفضًا تامًا، وأن تسري القاعدة على الجميع حتى الصديقين نفسيهما.

بما أنها كانت المرة الأولى التي يبدأ فيها الصديقان مشروعًا كهذا، فلم يكونا يعرفان الكثير عن بيع المشروبات الروحية. وظنا أنهما إن فتحا الحانة في حي مزدحم في القرية، فسوف يأتي أصدقاؤهما يطالبون بمشروبات مجانية، ولذلك فتحا الحانة خارج القرية، في مكان توقعا أن يأتيهما فيه الكثير من الزبائن الغرباء الذين لا يعرفوهما، وبالتالي لن يطلبوا منهما أي خدمات مجانية. لكن حانتهما ظلت خاوية تمامًا، فلم يأتها أحد. فقد اكتشفا بعد فوات الأوان أن المنطقة التي اختاراها كانت أبعد من اللازم، منطقة نائية لا يرتادها أحد، لا صديق ولا غريب.

مرت الأيام طويلة مملة، وتعب الصديقان من طول انتظار الزبائن الذين لا يأتون أبدًا، ولا يبدو أنهم سيأتوا. وفي يوم قائظ الحرارة، شعرا بظمأ لا يُحتمل، فطلب أحدهما من الآخر أن يعطيه كأسًا من خمر الأرز. ولأنهما كانا قد اتفقا على منع الدفع المؤجل منعًا باتًا، فقد أعطى صديقه ثلاث عملات معدنية ثمنًا للشراب. عندما نظر الصديق الأول للثاني وهو يشرب كأس الخمر البارد، شعر بظمأه يشتد. ولما كان قد تسلم ثلاث عملات معدنية لتوه من صديقه، فقد أعادها إليه ثمنًا لكوب من الخمر. وهكذا عادت العملات لصاحبها الأصلي الذي صب كأسًا من الخمر لصديقه. سر الرجل لاستعادة عملاته، وشعر أنه جنى ربحًا قيمًا، فكافأ نفسه بأن دفع العملات الثلاث مجددًا إلى الصديق الأول وطلب كأسًا آخر من الخمر. وهكذا، ظلت العملات الثلاث تقطع طريقها ذهابًا وإيابًا بين الصديقين، وراح مخزون الخمر ينقص وينقص. لكن الصديقين كانا سعيدين للغاية، فلقد ظنا أن تجارتهما ازدهرت أخيرًا!

لكنهما سرعان ما شعرا أن اﻷمر لا يسير على ما يرام. فرغم أنهما باعا كل مخزونهما من الخمر، لم يربحا سوى ثلاث عملات معدنية. وعندما تعجب أحدهما من الأمر قال الآخر: "لقد شربنا كل الخمر، ولا نزال نملك العملات الثلاث التي بدأنا بها العمل، ولذلك، أرى أنها تجارة عادلة"، وافقه الرجل الأول وقال: "أنت محق يا صديقي، لا نستطيع أن نشكو والحال كذلك". وهكذا، شعر الصديقان الثملان بالرضا، واستلقيا على الأرض بجوار زجاجات الخمر الفارغة، وراحا في نوم عميق طويل.