الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

أكثر شيء مخيف

2020-12-04

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، رجل مسن عجوز في قرية جبلية نائية. وفي ليلة من الليالي المقمرة، خرج الرجل العجوز في باحة منزله ليشاهد القمر البديع، وكان بدرًا مضيئًا مهيبًا. كان منهمكًا في مشاهدته الليلية مستغرقًا في أفكاره حين سمع صوتًا ما آتيًّا من حجرته. دخل الرجل العجوز منزله ليتفقد الصوت، وعندما دخل الغرفة المذكورة، وجد هناك شيئًا عجيبًا! فهناك، على أرض الحجرة، جلس عِفريتٌ ذو قرنين. ولا تسل عن دهشة الرجل العجوز عندما رأى العفريت العجيب! لكن العفريت سارع بطمأنة الرجل وقال: "لا تقلق، أيها الرجل العجوز الطيب. فأنا لن أؤذيك مطلقًا. كل ما هنالك أنني أتمنى أن أكون صديقك". كان الرجل العجوز يعيش وحيدًا، فأعجبته الفكرة، ووافق دون تردد كبير. ومنذ ذلك اليوم، أصبح العفريت يتردد على منزل الرجل العجوز كل يوم ليتبادل معه الحديث، أو ليلعب معه لعبةً من الألعاب اللوحية.

 وفي يوم من الأيام، خرج الرجل العجوز ليتنزه في الجوار، وعندما رأى جدول ماء، ذهب ليروي ظمأه منه. لكنه ما إن اقترب من صفحة الماء حتى راعه ما رأى. فلقد كان انعكاس وجهه في الماء يشبه كثيرًا العفريت القبيح. لقد بدأ العجوز –لسبب ما- يتحول لعفريت قبيح! فكر الرجل العجوز في الأمر، ورأى أن صحبة العفريت المستمرة هي السبب في تحول شكله. ولذلك، قرر أن يفارق صحبة العفريت، رغم أنه كان يستمتع كثيرًا بالوقت الذي يقضيه مع صديقه الفريد من من نوعه.

في تلك الليلة، أتى العِفريت لزيارة صديقه العجوز كعادته. وبينما كانا يتبادلان الحديث، سأل الرجل العجوز العفريت عن مخاوفه قائلًا: "أخبرني يا صديقي. هل لديك مخاوف؟ وإن كانت لديك مخاوف مثلنا، فما هي مخاوفك تلك؟"، أجابه العفريت: "ياله من سؤال يا صديقي! لا يخيفني في هذا العالم سوى شيء واحد لا غير، وهو دم الحيوانات. فأنا أجد دم الحيوانات أكثر شيء مخيف في هذا العالم. لكن ماذا عنك؟ ما الذي يخيفك؟"، أجابه الرجل العجوز قائلًا: "المال. أخشى المال كثيرًا. فإن نقص المال يشكل مشكلة بالطبع، لكن كثرة المال تؤدي بصاحبها إلى حياة من الهم والقلق أيضًا، وهذا ما أخشاه. ولهذا تجدني أعيش هنا وحيدًا في عمق الجبل". في اليوم التالي، استيقظ الرجل العجوز واتجه فورًا إلى مذبح القرية، وهناك، حصل على وعاء كامل من دم الحيوانات. رش الرجل العجوز بعض الدم أمام منزله، ووضع الوعاء أمام غرفته. وعندما انتصف الليل وخيم الظلام الشديد على كل شيء، سمع الرجل العجوز صرخة العِفريت العالية تشق ستار الليل. سمعه يصيح: "يا إلهي! يوجد دم حيوانات هنا! ما الذي يحدث؟"، اندفع العفريت المفزوع داخل الغرفة، فتعثرت قدمه في وعاء الدم، وسقط في بركة الدم التي خلفها سكب الوعاء، فغُطي وجهه بالدم تمامًا. تخطى رعبه كل الحدود فلم يقدر على أن يتفوه بكلمة، فهرع يركض هاربًا.

بعد فترة قصيرة، عاد العفريت الغاضب. قال: "أيها الأحمق! إنه دورك الآن". ألقى العفريت أكوامًا وأكوامًا من العملات الذهبية في باحة منزل الرجل العجوز. وسرعان ما غطت العملات الذهبية أرض الباحة التي تكدست فوقها تلالًا صغيرًا من المال. شعر العفريت بسرور بالغ، إذ ظن أن هذا هو خير انتقام، وأن الرجل العجوز حين يرى كل ذلك المال يغطي باحة منزله سيشله الرعب والفزع، فلا يرى في حياته يومًا هانئًا أبدًا. أو ربما حتى يموت من شدة الرعب! كان الرجل العجوز الذكي قد وضع خطة محكمة، ففاز بكل هذا المال. وعندما رحل العفريت، استخدم الرجل العجوز الطيب ثروته الجديدة في مساعدة جميع المحتاجين في قريته. عاش الرجل العجوز الحكيم الطيب حياته في سلام وهدوء كما اعتاد من قبل، لكنه كان من حين لآخر يشعر بشوق شديد إلى صديقه العفريت، الذي لم يعد أبدًا.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;