الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

دموع تمثال بوذا الحجري

2021-01-29

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، عاش راهب بوذي طيب يقضي أيامه في السفر من بلد إلى بلد ومن مكان إلى مكان. وذات يوم، قادته أسفاره إلى قرية ساحلية صغيرة، وكان يشعر بالتعب والجوع من طول السفر. قرع باب أحد بيوت القرية ليطلب من أهله بعض الطعام، لكن صاحب المنزل ما إن رأى الراهب الذي بدت عليه إمارات التعب والسفر الطويل واضحة حتى صفع الباب في وجهه دون أن يسمع منه كلمة واحدة. جرب الراهب حظه في عدة منازل أخرى، لكن رد فعل أصحابها لم يختلف كثيرًا عن صاحب المنزل الأول. شعر الراهب بالحزن والمرارة من المعاملة الجافة القاسية التي تلقاها من أهل القرية، فواصل السير.

وفي نهاية القرية، رأى كوخًا صغيرًا. وقف ينشد أنشودة بوذية أمام المنزل، فخرجت منه امرأة عجوز. ألقت المرأة التحية على الراهب بكل أدب ودفء، وعرضت عليه تناول الطعام. تأثر الراهب بطيبة قلب المرأة الطيبة التي حاولت أن تطيب خاطر مسافر مرهق بطعامها المتواضع. وبعدما انتهى من تناول الطعام قال لها: "اسمعيني أيتها المرأة الطيبة. في يوم من الأيام، لا أعرف متى بالضبط، ستنهمر دموع من الدم من عيني تمثال بوذا الحجري الموجود في مدخل القرية. عندما يحدث هذا اتركي القرية وابحثي عن مكانٍ أعلى عن مستوى الأرض، إذ إنه تحذير من كارثة طبيعية وشيكة ستدمر القرية تمامًا. أرجوك، اعتني بنفسك".

تعجبت المرأة العجوز مما سمعت، لكنها حرصت على الذهاب إلى مدخل القرية كل يوم لتتأكد مما إذا كان شيئًا غريبًا قد حدث لتمثال بوذا الحجري المذكور. أخبرت المرأة أهل القرية عما سمعته من الراهب البوذي، ونصحتهم بإخلاء القرية إذا رأوا دموعًا من الدم تنزل من عيني التمثال. لكن أحدًا لم يصدق تلك القصة العجيبة. فأخذوا يضحكون على المرأة العجوز وتجاهلوا تحذيراتها. بل قرر بعضهم أن ينصبوا لها فخًّا، فلونوا تحت عيني التمثال باللون الأحمر سرًّا، وراحوا يضحكون وهم يتخيلون منظر المرأة العجوز وهي تهرب من القرية وتصعد على أقرب جبل في فزع دون أن يكون هناك سبب لذلك.

عندما ذهبت المرأة لتفقد التمثال كعادتها، رأت آثار الطلاء الأحمر فحسبته قد بكى دموعًا من دم حقّا، تمامًا كما تنبأ الراهب البوذي. شعرت بالقلق والخوف، لكنها لم تضيع وقتًا، فأسرعت تحزم متاعها في حقيبة صغيرة، وضعت فيها بعض الطعام أيضًا، وسارعت تتسلق أقرب جبل. وكما هو متوقع، غرق أهل القرية في الضحك والسخرية من المرأة العجوز. كانوا منهمكين تمامًا في الضحك والسخرية منها حتى أنهم لم ينتبهوا لارتفاع الأمواج الشديد والمد الذي راح يزحف على القرية بشكل مفاجئ غير معتاد. كان هجوم الأمواج مفاجئًا وسريعًا للغاية، فلم يستطع أحد أن يفعل أي شيء، وقد غمر الماء القرية فأغرقها تمامًا في دقائق معدودة لا أكثر، فمات جميع من فيها إلا المرأة العجوز. ورغم أنهم سخروا منها وأعدوا لها خدعة، فقد كانت خدعتهم هذه إيذانًا بتحقق النبوءة وفنائهم جميعًا، وهي قصة تدور حول محور العدالة الشعرية، حيث يكافأ الصالح ويُعاقب المخطئ في النهاية.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;