الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

أي المعبدين أكبر؟

2021-06-11

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، تقابل أربعة رهبان من معابد مختلفة. انخرط الأربعة في حوار طويل، وتحدثوا في مواضيع متنوعة. ثم بدأ أحد الرهبان في التفاخر بالمعبد الذي يتبعه. قال إن معبده كان ضخمًا للغاية، حتى ليعجز الضيوف المقيمون فيه عن التعرف على بعضهم بعضًا حتى لو أقاموا هناك لشهور طويلة. وليضمن أن يذهل مستمعيه بكلامه، بالغ في وصفه، فقال إن المعبد يقع على أرض واسعة، فإذا أراد شخصٌ ما أن يقطعه من أول نقطة إلى آخر نقطة، لاضطر لركوب بغل لعدة ليالٍ حتى يقطع تلك المسافة، ولاضطر أن يمر على نزل بعد آخر ليقضي لياليه.

اندهش الرهبان الثلاثة الآخرون من حجم المعبد الضخم، ثم قال الراهب الثاني: "أظن أن معبدي أكبر من المعبد الذي وصفته لنا. ففي مطبخ معبدنا يوجد إناء طبخ ضخم. ولا شك أنكم جميعًا تطهون عصيدة الفول الأحمر كل شتاء، وهذا هو ما فعلناه بالضبط في الشتاء الماضي، حيث أعددنا عصيدة الفول الأحمر في الإناء الضخم. لكن الإناء كان ضخمًا للغاية، فاضطر الطاهي إلى أن يركب قاربًا ليقلب العصيدة مستخدمًا مجدافًا خشبيًّا كبيرًا. لكن لسوء الحظ، هبت رياح قوية داخل الإناء، فعصفت بالقارب وراكبه، ولا يزالا مفقودين إلى الآن".

تنهد السامعون وهم ينصتون إلى هذه القصة المأسوية، التي وقعت في معبد يضم مطبخه إناء ضخم كهذا، وخمنوا أنه إن كان هذا المطبخ فقط، فماذا عن المعبد الذي لا يشكل المطبخ إلا جزءًا صغيرًا منه؟ قطع الراهب الثالث حبل أفكارهم، إذ بدأ في وصف معبده: "لا بد أن تروا دورة المياه الخارجية في الساحة الخلفية من معبدنا. فالمرحاض فيه عميق جدًّا، حتى إذا ألقى أحدهم الماء فيه نهارًا لا يصل إلى القاع إلى ليلًا، مخلفًا صوتًا مزلزلًا. لا شك أن هذا يعني أن معبدنا لا يقل حجمًا عن المعبدين اللذين سمعنا وصفهما منذ قليل".

ثم جاء دور الراهب الرابع لينضم إلى هذا التنافس العجيب بين الرهبان. فقال: "يبدو مما سمعته أنكم تسكنون معابد رائعة. لا يقل معبدنا أيضًا عن معابدكم فيما يتعلق بالحجم. فالكثير من الرهبان يزورون معبدنا كل يوم صباح مساء. ولذلك أقمنا بوابة من الصلب أمام المعبد. لكن الصلب يبلى كل يوم من كثرة الرهبان الذين يمشون عبر البوابة فتحتك ملابسهم وأرجلهم بها".

من الراهب الذي يعيش في المعبد الأكبر إذن بين هؤلاء الأربعة؟ لا مجال لمعرفة الإجابة، كما يحدث دائمًا عندما يبالغ الناس في التباهي والتفاخر بحياتهم أو ممتلكاتهم. وهو الأمر الذي تسخر القصة منه، وقد اختارت أن يكون أبطالها من الرهبان البوذيين، الذين عرفوا بالمستوى الأخلاقي العالي وبالزهد في الحياة، إمعانًا في السخرية من شهوة التفاخر في الإنسان وتمكنها منه مهما كان مستواه وخلفيته.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;