يقال إن أول آلة موسيقية في التراث الإنساني كانت على الأغلب آلة إيقاعية. فالقبائلُ البدائية التي تعيش معزولةً تمامًا مثل الأمازون يعتمدون على الطبول وغيرها من الآلات الإيقاعية الأخرى. ربما بدأ البشر القرع على الصخور والألواح الخشبية للتنبيه من الخطر أو للفت النظر إلى فريسة في مواسم الصيد. وعندما بدأ الناس يفهمون العالم بصورة أفضل، وبدأت الثقافة في التشكل، بدأوا في قرع الطبول والآلات الإيقاعية لنقل أمانيهم إلى السماء. وفي حلقتنا اليوم، سوف نستمع إلى عدد من الأغاني التي تعتمد على الآلات الإيقاعية، وأولها "جونغ ديه يوب 정대업" ضمن مقطوعة "جونغميو" الجنائزية التي كانت تُعزف في المراسم الجنائزية لملوك وملكات جوسون. وهناك نوعان من موسيقى جونغميو الجنائزية "بوتيه بيونغ 보태평" التي كانت تشير إلى الإنجازات العلمية، و"جونغ ديه يوب 정대업" الخاصة بالإنجازات العسكرية. وتتكون كل واحدة منهما من 11 مقطعًا صغيرًا. وكانت مراسم جونغيو تحظى بأهمية كبيرة في مملكة جوسون، ولذلك كانت تدار بدقة شديدة. كما كانت الأوركسترا الخاصة بها مميزة، إذ كانت تضم عددًا من الآلات الإيقاعية التي لا تستخدم في الأوقات العادية. وفي أوقات الحرب، كان صوت الطبل يعني "تقدموا" أما صوت طبل الكونغ فكان يعني "تراجعوا". وفي مطلع "جونغ ديه يوب" يُقرع طبل "جينغو 진고" عشرة مرات قبل بدء عزف المقطوعات الأخرى. وفي منتصف المقطوعة، كانت الـ"تيه بيونغ سو 태평소" تُعزف لتحسين معنويات القوات.

غالبًا ما تُعزف موسيقى "بوتيه بيونغ" قبل "جونغ ديه يوب" أثناء عزف مقطوعة جونغميو، وذلك لأن مملكة جوسون كانت تعلي الإنجازات العلمية على الإنجازات العسكرية. وفي بداية عزف "بوتيه بيونغ" تستخدم آلة إيقاعية تُدعى "تشوك 축"، عن طريق الدق بعصا داخل صندوق مكعب الشكل. ثم تستخدم آلة "أو 어"، وهي آلة لها شكل النمر، لإعلان انتهاء العزف. وتتشكل هذه الآلة من سلسلة من الكتل التي يُسير عليها عصا من الخيزران لإصدار الصوت. وتكون الـ"تشوك 축" زرقاء اللون ممثلةً الشرق، بينما يكون لون الـ"أو 어" أبيض ممثلًا الغرب، وكانت كل آلةٍ منهما توضع في الاتجاه الذي يشير إليه لونها. وسوف نستمع الآن إلى مقطع من أغنية البانسوري الشهيرة "تشون هيانغ غا". والبانسوري لونٌ مميزٌ من ألوان الفن الغنائي، لا يكون فيه إلا مطرب يصاحبه قارع طبول. ولا يقتصر دور قارع الطبول على الحفاظ على الإيقاع فقط، بل يشجع المطرب من حين لآخر فيصيح بما يُعرف بالـ"تشو إيم سيه 추임새" من حين إلى آخر أثناء الأغنية.

وفي ختام حلقتنا اليوم، سوف نستمع إلى "بيول شين غوت 별신굿". والغوت هو نوع من المراسم الشامانية التي تقوم فيها الكاهنات الشامانيات بدعوة الأرواح كي تلبي أماني الناس. ويجب إجراء مراسم الغوت بحيوية وصدق بمصاحبة عزف ورقص بمستوى مميز حتى لا تمل الأرواح فتنصرف أو تغضب. وغالبًا ما يكون موسيقيو المراسم الشامانية من أسرٍ تعمل في إجراء المراسم الشامانية، ولذلك يكونوا على خبرةٍ كبيرةٍ بالمراسم الشامانية ويتميزون بحسٍّ فنيٍّ مميز. وتتميز موسيقى الغوت الشاماني في المناطق الشرقية بالاعتماد على الآلات الإيقاعية. وسوف نستمع اليوم إلى موسيقى "تشونغبو 청보" ضمن "بيول شين غوت"، وهو ما يعني صلاة للآلهة، وتتضمن "تشونغبو" طبل الكوينغاري حاد الصوت وطبل الجانغو المزدوج، مما يضفي جوًّا حيويًّا على المقطوعة.

المقطوعات المقدمة في حلقة هذا الأسبوع:

-    ثلاث مقاطع من "جونغ ديه يوب" بعنوان "سومو، دوك كيونغ، يونغ غوان 소무, 독경, 영관" أداء أوركسترا الموسيقى الملكية.

-    "تشون هيانغ غا 춘향가" غناء "تشوي سنغ-هي 최승희" وعزف "كيم ميونغ-هوان 김명환" على طبل البوك.

-    "تشونغ بو" غناء "صو هان-نا 서한나" وعزف "جو جونغ-هون 조종훈".