© KBS

اجتاحت موجة برد كوريا الجنوبية الأسبوع الماضي، مما دفع الناس إلى تجهيز منازلهم بأجهزة التدفئة مثل السخانات الكهربائية والبطانيات. بالإضافة إلى وسادات الماء الساخن. يقوم البعض بتثبيت خيام التدفئة في منازلهم للشعور بالدفء والراحة، بينما تباع أغطية الهواء العازلة التي تمنع الرياح الباردة من خلال الثغرات الصغيرة بشكل جيد.

نتحدث اليوم عن كيفية شعور الناس بالدفء في كوريا الشمالية خلال أشهر الشتاء الباردة، والتي تكون أبرد وأطول من الجنوب.

البروفيسور" تشونغ يون تشان" : 

في محافظة ريانغ غانغ الواقعة في الجزء الشمالي من كوريا الشمالية المتاخم  للصين، يستمر الطقس بدرجات تحت الصفر طوال فصل الشتاء. عندما تتساقط الثلوج بشكل كبير، تتراكم المنطقة بالثلوج مما يصعب معه المشي. يكون الجو في كوريا الشمالية باردا جدا إلى درجة أن الكوريين الشماليين يقولون إنهم بحاجة إلى ثلاثة أشياء للبقاء على قيد الحياة : الأرز والماء والحرارة. بالنسبة لهم، تعد التدفئة جزءًا مهمًا جدًا من الحياة، حيث يتعين عليهم تحمل شتاء طويل وبارد.

في كوريا الشمالية ، يبدأ أول تساقط للثلوج في وقت مبكر من أواخر سبتمبر. في منطقة  جونغانغ جين على طول نهر آمروك على الحدود بين كوريا الشمالية والصين، حيث آنخفضت درجة الحرارة إلى أقل من 44 درجة مئوية في عام 1993 .

خلال أشهر الشتاء، من الصعب تأمين الأرز والماء والحرارة. فالأرز الذي تم حصاده من الخريف الماضي لا يكفي حتى نهاية فصل الشتاء الطويل، في حين أن أنابيب المياه  التي لا تعمل بشكل صحيح حتى في الأوقات العادية، تتجمد بسهولة في البرد. كما أن مرافق التدفئة ليست كافية أيضا، ومن الصعب أن تبقى دافئًا خلال فصل الشتاء حتى في العاصمة بيونغ يانغ .

البروفيسور" تشونغ يون تشان" : 

في بيونغ يانغ، يتم استخدام الماء الساخن من محطة توليد الطاقة الحرارية في حي بيونغ تشون لتدفئة بعض الشقق. لكن العديد من الشقق الأخرى تفتقر إلى نظام التدفئة، مما يضطر السكان للنوم بملابس كثيفة مبطنة أو ينتقلون إلى منازل أقاربهم المجهزة بمرافق التدفئة خلال فصل الشتاء.

تتعدد أسباب فقدان مرافق التدفئة الكافية في كوريا الشمالية. فالمواد الخام نادرة، ويتم تركيب أنابيب الحديد بشكل متناثر عند بناء نظام التدفئة. من المعروف أن الأحجار تختزن الحرارة، لكن يتم استبدالها بالقطع الخشبية بحيث لا تقوم المباني المكتملة بتخزين الحرارة بشكل فعال.

أما بالنسبة للأثرياء فيميلون إلى الحصول على أجهزة التدفئة الحديثة من الصين أو كوريا الجنوبية، ولكن أولئك الذين لا يستطيعون القيام بذلك يستخدمون نظام التدفئة الأرضية التقليدي الكوري المعروف باسم أون دول.

أنشأت كوريا الشمالية محطة كهرباء حرارية في منطقة بيونغ تشون في بيونغ يانغ لتدفئة المجمعات السكنية المركزية في العاصمة. لكن محطة الطاقة لم تعمل بشكل طبيعي، ويتم توفير الكهرباء الخاصة بها فقط للشقق في منطقة بيونغ تشون حيث يقيم ضباط الحزب. وحتى إذا ما تم توفير الكهرباء، فإن أنابيب الماء الساخن قديمة جدًا بحيث لا يمكنها تسخين المنازل بشكل ناجع.

في محاولة منهم لتخفيف مشكلة التدفئة، يحاول بعض الأشخاص إعادة تصميم شققهم سرا فيما تزداد مشكلة عدم كفاية مرافق التدفئة تفاقما في المناطق الريفية .

البروفيسور" تشونغ يون تشان" : 

تستخدم المنازل ذات الأسرة الواحدة والشقق المنخفضة في المدن الصغيرة في كوريا الشمالية نظام التدفئة أون دو، مما يعني أنها تحتاج إلى حرق الفحم. حيث يتعين على السكان المحليين شراء الفحم، فيما يضطر الكثير منهم للتخلي عن تدفئة منازلهم، بسبب ارتفاع أسعار الفحم في السوق.

من المفترض أن 4.5 مليار طن من الفحم، بما في ذلك الفحم البني والفحم "أنثراسايت"، يتم دفنها في كوريا الشمالية. لكن يتم أيضا تصدير الفحم لكسب العملات الأجنبية. وبسبب ضعف البنية التحتية من الصعب نقل الفحم المنتج من المناجم المحلية إلى مناطق أخرى. لذلك لا يستفيد سكان كوريا الشمالية من الفحم. 

على عكس كوريا الجنوبية، حيث أصبح نظام تسخين الغاز شائعًا، يعتمد معظم الكوريين الشماليين ، باستثناء أولئك الذين يعيشون في المدن الكبيرة، على الفحم للتدفئة في فصل الشتاء. تمتلك كوريا الشمالية كمية كبيرة من رواسب الفحم، ويقوم سكان المحافظات  المنتجة للفحم مثل جنوب بيونغان، وهامجيونغ، وجاغانغ، وريانغ غانغ، بتدفئة منازلهم عن طريق حرق الفحم البني والفحم الحجري. لكن الأشخاص الذين يعيشون في مناطق أخرى لا يمكنهم استخدام الفحم بقدر ما يريدون لأن الغرض الرئيسي من إنتاج الفحم هو الصادرات. كما أوضحت السيدة "تشونغ"، ليس من السهل حمل الفحم بواسطة السكك الحديدية إلى مصانع فحم حجري لأن القطارات غير مزودة بالكهرباء بشكل صحيح. رغم أن كوريا الشمالية غنية بالفحم، إلا أن العديد من السكان المحليين لا يستطيعون تحمل تكلفة استخدام الوقود المرتفع الثمن. لذلك يلجؤون إلى الحطب بدلاً من ذلك. 

البروفيسور" تشونغ يون تشان" : 

في الماضي، كانت المصانع والشركات توفر الفحم لعمالها. ولكن بعد توقف إمدادات الفحم، كان على الأفراد حل مشكلة الوقود بأنفسهم. لذلك بدأوا في قطع الأشجار المنتشرة على الجبال المملوكة للدولة لجمع الحطب. وعندما تفشت أعمال قطع الأشجار غير القانونية، بدأ مسؤلو الغابات في منع هذه الممارسة منذ نوفمبر. ولكن في كثير من الحالات، أثبتت الحملة عدم فعاليتها لأن المسؤولين يتلقون رشاوى ويغضون الطرف عن المشكلة. 

بعد توقف إمدادات الفحم في منتصف التسعينيات، جمع الكثير من الكوريين الشماليين الحطب من الغابات والجبال، مما جعل البلاد  تعاني من خطر إزالة الغابات.

 سعت كوريا الشمالية لإعادة التشجير منذ تولي "كيم جونغ أون" السلطة، لكن جبال كوريا الشمالية لا تزال جرداء. وفي محاولة لمنع قطع الأشجار، حثت وسائل الإعلام في الشمال الناس على استخدام الوقود البديل. واتجه بعض الناس إلى التدفئة بالطاقة الشمسية، فيما استخدم بعض كبار المسؤولين والأسر الثرية الألواح الشمسية الصينية أو حتى الكورية الجنوبية التي تم تهريبها عبر الصين.

البروفيسور" تشونغ يون تشان" : 

كانت أسعار الكهرباء في كوريا الشمالية في السابق منخفضة جدا. لكن الأمة رفعت الأسعار في أوائل الألفية الثانية، مما جعل الناس يشعرون بالعبء بسبب فواتير الكهرباء. لمواجهة هذه المشكلة، قام بعض الكوريين الشماليين بتوفير المال للحصول على مولد للطاقة الشمسية، مما أدى إلى تزايد عدد المنازل التي يتم فيها تركيب الألواح الشمسية على الأسطح  لتوفير التدفئة.

ومع ذلك، لا يمكن لجميع مواطني كوريا الشمالية الاستفادة من الطاقة الشمسية لأن الناس ببساطة لا يستطيعون شراء الألواح الشمسية. أعتقد أنه يتعين على سلطات كوريا الشمالية بذل المزيد من الجهود لحل قضية التدفئة.

كوريا الشمالية تحفز الجهود لتطوير الطاقة المتجددة، المتمثلة في حرارة الشمس، من أجل معالجة مشكلة نقص الطاقة المزمن والبنية التحتية لتدفئة الفقراء. لكن الطاقة المتجددة لا تشكل سوى جزء ضئيل من إمدادات الطاقة في البلاد. في حين أن الشتاء البارد قد بدأ لتوه، فإن مرافق التدفئة في كوريا الشمالية تعاني من نقص حاد . بالنسبة للناس في الشمال، فإن فصل الشتاء هو أكثر الفصول إيلاماً في السنة والفترة التي يرغبون في   مرورها بأسرع وقت ممكن .