© YONHAP News

قررت الحكومة الكورية الجنوبية دعم صناعة الطيران المحلية التي تأثرت بشكل مباشر من تفشي فيروس كورونا الجديد، حيث انخفض عدد الرحلات الجوية بين كوريا الجنوبية والصين بأكثر من 70% مؤخرا. وتوقعت منظمة الطيران المدني الدولي أن يؤدي تفشي الفيروس إلى انخفاض بنسبة 40% في عمليات تشغيل شركات الطيران العالمية في الربع الأول من هذا العام. 

"كانغ مي جين 강미진" المحررة في صحيفة ديلي إن كي الإلكترونية:

إير كوريو هي شركة الطيران التجارية الوحيدة في كوريا الشمالية. يتكون أسطولها من 64 طائرة من 29 طرازا رئيسيا، و35 طائرة ثانوية، معظمها من روسيا. يعود تاريخ الطيران المدني في كوريا الشمالية إلى 10 ديسمبر 1946، عندما تم إنشاء لجنة مركزية لبناء الطائرات. في ديسمبر من عام 1953، وقعت كوريا الشمالية على اتفاقية مع الاتحاد السوفييتي السابق بشأن شركة طيران مشتركة لبدء أول رحلة طيران دولية منتظمة بين بيونغ يانغ وشرق سيبيريا عبر مدينة "شين يانغ" الصينية. وفي مايو من عام 1954، فتحت كوريا الشمالية أول طرق جوية داخلية منتظمة تربط بيونغ يانغ بمدينتين رئيسيتين في الجزء الشمالي من البلاد. وفي سبتمبر من عام 1955، جلبت طائرات من الاتحاد السوفييتي لإنشاء شركة خدمات طيران محلية، وبدأت تشغيل إدارة الطيران المدني تحت إشراف مجلس الوزراء.

ليس من المستغرب أن تكون معظم الرحلات الجوية الدولية لشركة "إير كوريو" متجهة إلى الصين، رغم أنها أوقفت مؤقتًا الرحلات الجوية من وإلى الصين وروسيا بسبب فيروس كورونا الجديد. وبالطبع، تتوفر الخدمات الجوية المحلية أيضًا في كوريا الشمالية، حيث بدأ السماح للمواطنين الكوريين الشماليين بالسفر إلى البلاد بالطائرة منذ عام 2014. لكن ذلك لم يكن أمرا سهلا كما قد يبدو.

المحررة "كانغ مي جين ": 

لا يستطيع المواطنون العاديون استخدام الطائرات لأن السفر جوا يتطلب إجراءات معقدة وتذاكر سفر باهظة الثمن. يتعين على الأشخاص الذين يأملون في استخدام الطائرة أولاً الحصول على شهادة سفر والتقدم بطلب للحصول على رقم الموافقة في المكاتب المحلية. الرشاوى ضرورية في هذه العملية. يمكن للمسؤولين الكبار الحصول بسهولة على رقم الموافقة دون الحاجة إلى تقديم رشاوى، ولكن هذا ليس هو الحال مع المواطنين من عامة الناس. وهم بحاجة أيضًا إلى الإبلاغ عن الغرض من رحلتهم إلى مسؤولي الأمن في مناطقهم. على السطح، تقول كوريا الشمالية إنها تدير رحلات جوية داخلية لراحة الجمهور. ولكن في الممارسة العملية، يكاد يكون من المستحيل على المواطنين السفر بالطائرة.

"بيونغ يانغ" ، و"هام هونغ" و"تشونغ جين" هي الوجهات المحلية الثلاث التي تسيّرالخطوط الجوية الكورية الشمالية رحلات إليها بانتظام. ولكن من الصعب على المواطنين من عامة الناس الاستفادة من هذه الخدمات الجوية. وقد بدأت كوريا الشمالية في تشغيل رحلات جوية داخلية في عام 2014 عندما كانت تكلفة السفر بين بيونغ يانغ و"سام جون" 92 دولارًا، وهو ما كان مرتفعًا للغاية بالنسبة للكوريين الشماليين، حيث يمثل 250 ضعفا من الراتب الشهري للعامل العادي. وحتى لو تمكن الناس من ركوب الطائرة، فإنهم يكونون غير راضين تماما عن طائرات إير كوريو القديمة.

المحررة "كانغ مي جين ": 

في الواقع، لدى شركة "إير كوريو" سمعة سيئة باعتبارها أسوأ شركة طيران في العالم. فقد ظلت تخضع لعقوبات من قبل العديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، بسبب إرسالها للعمال في الخارج، وتسليم الأموال التي حصل عليها دبلوماسيون كوريون شماليون في الخارج، ونقل الأسلحة، بل وحتى المشاركة في تطوير الأسلحة النووية لكوريا الشمالية. وقد حصلت إير كوريو على نجمة واحدة فقط من إسكاي تراكس، وهي وكالة تصنيف النقل الجوي التي يقع مقرها في بريطانيا، على مدار خمس سنوات متتالية من عام 2012 إلى عام 2016، وهذا يعني أنها في مستوى سيئ للغاية في مجال السلامة.

في الواقع، تعتبر شركة إير كوريو شركة متخفية كشركة طيران، لكن مهمتها هي تسهيل أنشطة الاستخبارات الكورية الشمالية في الخارج. ولذلك، في عام 2016، أضافت وزارة الخزانة الأمريكية 16 طائرة تابعة لشركة إير كوريو إلى قائمة العقوبات لصلتها بأسلحة الدمار الشامل وتصدير العمالة. وعندما اغتيل "كيم جونغ نام"، الأخ غير الشقيق للزعيم الكوري الشمالي في عام 2017، اتهمت الشرطة الماليزية موظفا في شركة إير كوريو بالضلوع في عملية الاغتيال. وفي السابق، كانت إير كوريو تدير خدمات لنحو 10 مدن في ست دول، بما في ذلك تايلاند وباكستان والكويت، لكنها خفضت رحلاتها بعد أن تورطت في عدة فضائح. لكن صناعة الطيران في كوريا الشمالية قد تتغير في المستقبل، حيث يُعرف عن الزعيم "كيم جونغ أون" بأنه معجب بالطائرات.

المحررة "كانغ مي جين ": 

لم يستخدم الزعيم السابق "كيم جونغ إيل" طائرة ولم يسافر قط إلا عبر السكك الحديدية. في المقابل، من المعروف أن ابنه الزعيم الحالي "كيم جونغ أون" مرتبط إلى حد كبير بالطائرات. وقد استخدم "كيم" طائرته عندما تفقد موقع إطلاق الصواريخ مباشرة قبل إطلاق صواريخ بعيدة المدى في فبراير 2017 وأيضًا عندما تابع سير العمل في موقع بناء في بيونغ يانغ في فبراير 2015. في ذلك الوقت، كشفت وسائل الإعلام الكورية الشمالية عن صورة له من داخل الطائرة.

قبل أول قمة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة في سنغافوره في عام 2018، برز سؤال حول ما إذا كان "كيم" سيطير إلى مكان القمة على متن طائرته الخاصة. واتضح أنه استخدم وسائل نقل مختلفة بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة. ولكن في نوفمبر من العام الماضي، استقل طائرته وتوجه إلى منطقة ساحلية لمتابعة مشروع بناء منطقة سياحية كبيرة. وبسبب اهتمامه الخاص بالطائرات، قرر "كيم" زيادة الاستثمار في قطاع الطيران.

المحررة "كانغ مي جين ": 

ظلت كوريا الشمالية تنفذ عمليات ترميم وتحسين في مطار "سونان" الدولي في بيونغ يانغ، حيث تقوم ببناء مبانٍ جديدة ومدارج جديدة. وقد أدخلت طائرات جديدة كذلك. كل هذه الجهود تهدف إلى جذب المزيد من السياح عن طريق الجو. إن مطار "ونسان" على الساحل الشمالي الشرقي، وهو مطار عسكري سابق، أصبح ثاني أكبر مطار دولي في البلاد، بعد مطار "سونان". وقد افتتح ملحق جديد له في عام 2015 ونفذ أعمال إصلاح واسعة النطاق. في العام التالي، تم تنظيم معرض جوي دولي هناك. ومنذ عام 2016، تقوم كوريا الشمالية بتطوير المنطقة المحيطة بمطار "سونان" الدولي، كبوابة إلى العاصمة. وبالنظر إلى هذه التطورات الأخيرة، أعتقد أن صناعة الطيران في كوريا الشمالية قد تتطور بشكل كبير في المستقبل.

تسعى كوريا الشمالية إلى بناء مطار بيونغ يانغ الدولي كجزء من خطة التنمية الاقتصادية التي تبلغ مدتها عشر سنوات، مما يشير إلى أن النظام المعزول يسعى إلى الترويج للسياحة من أجل إيجاد مخرج من العقوبات الدولية. ونظرًا لأن فيروس كورونا الجديد قد ظهر فجأة كعامل غير متوقع يؤثر على مسار السياحة في كوريا الشمالية، سيتوجب علينا الانتظار لنرى ما إذا كان بمقدور كوريا الشمالية مواصلة تطوير قطاعات الطيران والسياحة لديها.