ⓒ Getty Images Bank

تحتفل منظمة الصحة العالمية يوم 31 مايو باليوم العالمي للامتناع عن التدخين. في كوريا الجنوبية، يُسمح للمدخنين بالتدخين فقط في غرف مخصصة في بعض الأماكن العامة، وتحدد بعض المباني منطقتها بالكامل كمنطقة يمنع فيها التدخين. فماذا عن كوريا الشمالية؟ 

"كانغ مي جين" المحررة في صحيفة "ديلي إن كيه": 

كوريا الشمالية هي جنة المدخنين، وأعتقد أن الكوريين الشماليين هم الأكثر حبا للتدخين في العالم. في مرحلة ما، كان معدل التدخين للذكور البالغين في كوريا الشمالية 54.7%، وهو أعلى من المتوسط العالمي. ووفقًا لتقرير نشرته منظمة الصحة العالمية في يونيو 2017، كان 52.4% من الرجال الكوريين الشماليين مدخنين، وبعد ذلك بعامين، انخفض الرقم إلى 43.9%. لكن البعض يقدر أن المعدل أعلى بكثير، ففي كوريا الشمالية لا يُحظر التدخين في الفنادق والمطاعم والمقاهي ولا حتى في وسائل النقل العام. كما أن محطة التليفزيون والأفلام والصحف لا تشوش مشاهد التدخين ولكن تكشف عنها كما هي.

الزعيم الكوري الشمالي "كيم جونغ أون" نفسه معروف بحبه للتدخين. وفي أثناء سفره إلى العاصمة الفيتنامية هانوي  بالقطار لعقد قمته الثانية مع الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في فبراير من العام الماضي، شوهد كيم وهو يدخن في محطة "نانينغ" في الصين. وهناك، وقفت شقيقته الصغرى "كيم يو جونغ" إلى جانبه، ممسكًة بمنفضة السجائر. وغالبًا ما يُشاهد كيم وهو يدخن في أثناء زياراته للوحدات العسكرية والمصانع والمؤسسات وحتى المنشآت التي يُحظر فيها التدخين، مثل المستشفيات ومراكز الرعاية النهارية. وقد أثار ذلك بعض الانتقادات الدولية.

المحررة "كانغ مي جين":

 غالبًا ما يشعل الزعيم الكوري الشمالي الشاب السجائر أمام كبار المسؤولين في الستينيات والسبعينيات من العمر، في خطوة واضحة لإثبات قوته. درس "كيم جونغ أون" في سويسرا عندما كان أصغر سناً، وربما جرب بعض أنواع التبغ الأجنبي هناك. ويقال إنه كمدخن شره بدأ التدخين عندما كان في سن المراهقة. يميل الرجال الكوريون الشماليون إلى ربط التدخين بسلطتهم. وكثيرا ما يشاهد كيم بسيجارة مشتعلة في يده في صوره على التلفزيون والصحف. أعتقد أنه يريد تعزيز صورته كزعيم قوي. واحدة من أكثر أنواع التبغ المفضلة لديه هي العلامة التجارية "727"، ويدعي البعض أنه بدأ في استخدام علامة تجارية محلية أخرى في عام 2018. 

تنتج كوريا الشمالية المئات من أنواع السجائر، وهو ما يعتبر أمرا مذهلا بالنظر إلى أن الدخل القومي الإجمالي لكوريا الشمالية أصغر 26 مرة من دخل كوريا الجنوبية، التي تنتج حوالي 50 نوعًا فقط من السجائر. وتظهر العديد من أسماء السجائر الكورية الشمالية خصائص النظام الشيوعي.

المحررة "كانغ مي جين":

هناك سيجارة كورية شمالية تسمى "النجمة الحمراء"، التي ترمز إلى ثورة "جو تشيه" الوطنية، أي الاعتماد على الذات. اسم آخر هو "القمر الصناعي"، الذي يشير إلى تطوير كوريا الشمالية صواريخ بعيدة المدى. هناك أسماء أخرى مثل: "تشون جي"، وهي فوهة بحيرة على قمة جبل بيكدو. في الشمال، هناك سجائر مفلترة وأخرى غير مفلترة بالإضافة إلى تبغ الأوراق. يتم تمييز السجائر عالية الجودة المقدمة لكبار المسؤولين باللون الأزرق. هناك مجموعة كبيرة ومتنوعة من السجائر، كما يتم توفير أنواع مختلفة من التبغ اعتمادًا على الوقت من السنة. أوضحت بعض التقارير أنه منذ عام 2010، فإن العلامات التجارية للسجائر المستوردة صارت متاحة في المتاجر في بيونغ يانغ.

يعتبر معدل التدخين في كوريا الشمالية مرتفعا جدا، كما توجد أنواع مختلفة من السجائر في الشمال. وقد ارتفع معدل التدخين في كوريا الشمالية بشكل حاد في منتصف التسعينيات عندما تضررت البلاد بشدة من نقص حاد في الغذاء. وقد يتساءل البعض عن كيفية حصول الناس على تبغ في ذلك الوقت، بينما لا يمكنهم الحصول على أي طعام. ويعتقد المحللون أن العديد من الكوريين الشماليين يلجؤون إلى التدخين وشرب الخمر كوسائل مفضلة لتخفيف التوت، وعلاوة على ذلك، فإن السجائر الكورية الشمالية رخيصة الثمن ويسهل العثور عليها، لذلك ليس لدى المواطنين الشماليين أي مشكلة في الحصول عليها.

المحررة "كانغ مي جين":

قد تعتقد أن كوريا الشمالية تدير نظام احتكار التبغ أو تبيع السجائر فقط في أماكن محددة. هذا ليس صحيحا. هناك العشرات من مصانع التبغ في الشمال. يتم توزيع السجائر المنتجة بسرعة إلى الأسواق في أنحاء مختلفة من البلاد. يمكن العثور بسهولة على بائعي التبغ في الأسواق الخاصة المعروفة باسم جانغ مادانغ. من الشائع رؤية تجار الجملة يحملون كمية كبيرة من التبغ في القطارات أو استخدام المركبات اللوجستية الفريدة في البلاد التي تسمى خدمة "تشا". هذا يدل على أن التبغ هو أحد أكثر العناصر المطلوبة في أسواق جانغ مادانغ. 

السجائر الكورية الشمالية رخيصة للغاية. فثمن العلبة من أغلى نوع يبلغ 1300 وون كوري شمالي، أي حوالي 15 سنتا. وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن انخفاض ثمن التبغ في كوريا الشمالية هو أحد العوائق أمام جهود مكافحة التدخين. وفي تقرير صدر في يوليو من العام الماضي، قالت المنظمة إن إجراءات مكافحة التبغ وسياسات مكافحة التدخين في كوريا الشمالية كانت غير كافية بشكل واضح. وتماشيا مع الاتجاه العالمي لمكافحة التدخين، شجعت كوريا الشمالية مواطنيها على التخلص من هذه العادة في الآونة الأخيرة. وفي يوم 29 مايو، عرضت صحيفة بيونغ يانغ تايمز الكورية الشمالية الناطقة باللغة الإنجليزية حملة مكافحة التدخين في البلاد، وقالت إنه تم إنشاء المزيد من الأقسام المخصصة لغير المدخنين في الأماكن العامة. 

المحررة "كانغ مي جين":

بدأت كوريا الشمالية في وضع رسائل تحذيرية أقوى على علب السجائر في مارس 2016. في السابق، كان هناك نص تحذيري مثل "التدخين ضار بصحتك"، وتم استبداله لاحقًا بعبارة مرعبة، هي:"التدخين يزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية"، مع إضافة تحذير أكثر تفصيلاً. وفي عام 2016، بث التلفزيون المركزي الكوري الذي تديره الدولة برنامجًا مدته 40 دقيقة بعنوان "عنصر تفضيل شخصي يهدد الحياة". في ذلك البرنامج، شرح أحد المعلقين أضرار التبغ، بينما تحدث بعض الضيوف عن المشاكل الناجة عن التدخين. ونشرت صحيفة رودونغ شينمون الناطقة باسم الحزب الحاكم مقالاً حول التأثير الضار للتدخين على الجسم. وبهذه الطريقة، تقوم وسائل الإعلام الحكومية في كوريا الشمالية بنشاط بحملة لمكافحة التدخين. لكن من المفارقة أن كوريا الشمالية تزيد من عدد مصانع التبغ من أجل تحقيق المزيد من الإنتاج، وفي نفس الوقت تشجع الناس على الإقلاع عن التدخين.

عدلت كوريا الشمالية قانون مكافحة التبغ في العام الماضي، بحيث يتم تقييد استيراد العلامات التجارية الأجنبية للتبغ وحظر السجائر الإلكترونية. لكن "كيم جونغ أون" ظهر في أثناء فحصه لتدريبات إطلاق المدفعية في شهر مارس ومعه سجائر. وأيضا، شوهد بسيجارة في يده عندما كان يصعد جبل بيكدو في ديسمبر، وعندما كان يتفقد مصنع للأسمدة الشهر الماضي. وبما أن القائد الأعلى يشاهد وهو يدخن في الأماكن العامة، فمن غير المؤكد أن تكون حملة مكافحة التدخين في الدولة الشيوعية ذات أي فائدة.