ⓒ KBS

بعض الشباب ربما لم يستخدموا الطوابع من قبل. ففي الماضي كان الناس يبعثون برسائل عليها طوابع إلى أصدقائهم أو أقاربهم لإلقاء التحية. ولكن هذه الأيام نادرا ما يتم استخدام الطوابع البريدية، حيث يمكن إرسال الرسائل عبر الإنترنت لحظيا. رغم ذلك، فإن الطوابع لا تزال تستخدم على نطاق واسع حتى الآن في كوريا الشمالية. سنتعرف على الطوابع في كوريا الشمالية من البروفسورة "جونغ أون تشان" من المعهد الوطني لتعليم التوحيد.

البروفسورة "جونغ أون تشان " من المعهد الوطني لتعليم التوحيد:في كوريا الشمالية، تعتبر الطوابع الخاصة مثل الطوابع التذكارية أغلى من الطوابع العادية. أتذكر أنني أشعر بالسعادة عندما أرسل رسائل بطوابع خاصة إلى معلميّ الذين كانوا يسعدون أيضا باستلامها. في كوريا الجنوبية، يستخدم الناس في الغالب رسائل البريد الإلكتروني أو شبكات التواصل الاجتماعي، وليس من الشائع إرسال رسائل مكتوبة بخط اليد في مظاريف ووضع طوابع عليها. في كوريا الشمالية، يتم تقييد استخدام الهاتف المحمول ولا يزال عدد كبير من المواطنين يستخدمون الطوابع مقارنة بنظرائهم في كوريا الجنوبية. 

تعرّف موسوعة كوريا الشمالية الطابع بأنه شهادة ورقية للبريد. وفي الأعياد الوطنية، تصدر كوريا الشمالية طوابع تذكارية تحتوي على رسائل سياسية أو تقدس زعيمها الأعلى، أي أنها تستخدم الطوابع كوسيلة للترويج لسياسات الدولة. وبينما تروج العديد من الدول لثقافتها أو تاريخها من خلال الطوابع، تركز الطوابع الكورية الشمالية بشدة على الدعاية للنظام الحاكم، كما رأينا في الطوابع التذكارية للمؤتمر الثامن لحزب العمال هذا العام. 

البروفسورة "جونغ أون تشان " من المعهد الوطني لتعليم التوحيد:

في أثناء المؤتمر الثامن للحزب مطلع هذا العام، وهو العام العاشر لحكم "كيم جونغ أون"، أعلنت كوريا الشمالية عن خطة تنمية اقتصادية مدتها خمس سنوات، كما تم انتخاب الزعيم الشمالي أمينا عاما للحزب. انعكست قرارات الحزب المهمة في مثل هذه في الطوابع التذكارية. تظهر الطوابع أن كوريا الشمالية تؤكد على الوحدة الداخلية ومبدأ "خدمة الشعب هي خدمة السماء" في السياسة، و"الاعتماد على الذات" في الاقتصاد، و"التوحيد المستقل لكوريا" عندما يتعلق الأمر بالعلاقات بين الكوريتين. الغرض الرئيسي من طوابع كوريا الشمالية هو تعزيز إنجازات النظام والزعيم.

صدرت أول طوابع كورية في عام 1884 عندما تم إنشاء مكتب البريد الكوري. كانت الطوابع من فئتي 5 و10 "مون 문"، التي كانت العملة في ذلك الوقت. وصدرت الطوابع الأولى لكوريا الشمالية في عام 1946، وقد أظهرت ببساطة تصميم وردة الشارون فقط، وباللونين الأحمر والأخضر، وبقيمة 20 "جون 전". أما الطوابع الثانية فتحمل صورة صخرة "سام صون 삼선" في جبل "غُم كانغ". وصدرت النسخة الثالثة يوم 15 أغسطس من عام 1946 للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى على تحرير كوريا من الحكم الاستعماري الياباني. ومنذ ذلك الحين، تم إصدار حوالي 7 آلاف نوع من الطوابع في الشمال.

البروفسورة "جونغ أون تشان " من المعهد الوطني لتعليم التوحيد:

تعتبر الطوابع مهمة في كوريا الشمالية لأنها تعكس ما تريد الدولة أن تقوله وتنشره. عندما كانت كوريا الشمالية على علاقة جيدة مع الاتحاد السوفييتي السابق، على سبيل المثال، غالبا ما كانت الطوابع الكورية الشمالية تصف العلاقات بين البلدين. في أوائل الستينيات من القرن الماضي، انخفضت المساعدات من الصين والاتحاد السوفييتي بشكل كبير، وبالتالي صار التعبير أقل حول الاتحاد السوفييتي في الطوابع الكورية الشمالية. في الثمانينيات، عرضت العديد من الطوابع الكورية الشمالية صورا من دول العالم، وكان لهذا بالتأكيد علاقة بقانون المشروعات المشتركة الذي سنته كوريا الشمالية في عام 1984 بغرض إجراء أعمال مشتركة مع الدول الرأسمالية التي كانت صديقة لكوريا الشمالية وإدخال التكنولوجيا الحديثة. تصدر كوريا الشمالية الطوابع في المناسبات المهمة أو عندما تحتاج إلى الترويج لشيء ما بنشاط.

قامت كوريا الشمالية مؤخرا بتنويع الطوابع، حيث أنتجت طوابع ذات تأثير ثلاثي الأبعاد، وطوابع ذهبية، وهي تستخدم الطوابع كعنصر سياحي لكسب العملات الأجنبية.

البروفسورة "جونغ أون تشان " من المعهد الوطني لتعليم التوحيد:

يتم إصدار الطوابع بواسطة دار نشر اللغات الأجنبية التابعة لإدارة الدعاية والتحريض في حزب العمال الحاكم، وشركة كوريا للطوابع، هي البائع الحصري لها في كوريا الشمالية. تُباع الطوابع محليا، وتبيع كوريا الشمالية الكتب المتعلقة بطوابعها في المناطق الصينية المتاخمة لها. يبيع موقع "كوريا ستامب" الطوابع الكورية الشمالية عبر الإنترنت لهواة الجمع في كل أنحاء العالم. يتضمن الموقع كتالوج الطوابع التي تحدد تاريخ كوريا الشمالية بالترتيب الزمني وتوفر المعلومات المتعلقة بالطوابع في ملف "بي دي إف PDF". يهدف الموقع إلى الترويج لطوابع كوريا الشمالية دوليا وكسب العملات الأجنبية.

أصدرت كوريا الشمالية طوابع بريدية للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى على قمتها الأولى مع الولايات المتحدة في سنغافوره في عام 2018. وتعتبر الطوابع التذكارية هي الأعظم والأكبر على الإطلاق من حيث الشكل والكم.

البروفسورة "جونغ أون تشان " من المعهد الوطني لتعليم التوحيد:

قامت كوريا الشمالية بدعاية كبيرة للقمة الأولى بين زعيمها "كيم جونغ أون" والرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" في سنغافوره. وبمناسبة الذكرى الأولى على انعقاد تلك القمة التاريخية، أصدرت كوريا الشمالية مجموعة من ثلاثة طوابع تصور مصافحة "كيم" و"ترامب" وتوقيعهما على بيان مشترك بعد الاجتماع والنص الكامل للبيان. من الواضح أن الطوابع ساهمت في تعزيز صورة النظام الكوري الشمالي دوليا. تم تسعير الطابعين اللذين يصوران كيم وترامب بـ200 وون كوري شمالي لكل منهما، وكان الطابع الذي يظهر البيان المشترك بـ50 وون، حيث إن الطابع الذي يحتوي على صورة القائد الأعلى أغلى بكثير من الطابع الذي لا يتضمنه. وللمقارنة، يتقاضى العامل الكوري الشمالي العادي أجرا شهريا قدره 3000 وون. 

تعكس الطوابع تاريخ وسياسة وثقافة كل بلد. ومن المثير للاهتمام أن بعض الطوابع في كل من الكوريتين تظهر نفس الموضوع، مثل جزر دوكدو والقمة بين الكوريتين، على الرغم من أن الجانبين لم يتفقا على ذلك من قبل. 

البروفسورة "جونغ أون تشان " من المعهد الوطني لتعليم التوحيد:

تشترك الكوريتان في العديد من الأشياء عندما يتعلق الأمر بتصميم الطوابع. على سبيل المثال، لدى كل منهما طوابع متشابهة تتضمن صورة المناضل من أجل الاستقلال "آن جونغ كُن 안중근" وشخصيات تاريخية أخرى مثل الأدميرال "إي سون شين" والسفينة السلحفاة الخاصة به. مباشرة بعد تحرير كوريا من الاستعمار الياباني، ظهرت طوابع كورية الشمالية تحمل صورة زهرة الشارون، وهي الزهرة الوطنية لكوريا الجنوبية. وهذا يدل على أنها كانت الزهرة الوطنية لكوريا لفترة ما بعد التحرير، قبل أن تصنف كوريا الشمالية زهرة "ماغنوليا magnolia"، كزهرة وطنية لها بتعليمات من الزعيم السابق "كيم إيل سونغ". ظلت الكوريتان منقسمتين خلال أكثر من 70 عاما، ولكن من الجميل أن لديهما طوابع مماثلة تسلط الضوء على نفس الموضوعات، بفضل تاريخهما المشترك.

حتى الطوابع الصغيرة تذكرنا بأن الناس في الجنوب والشمال ينتمون لنفس الثقافة والتاريخ. ونأمل أن تصل مثل تلك الرسائل التي تحملها الطوابع البريدية في الكوريتين إلى كل مكان في شبه الجزيرة الكورية.