ⓒ Getty Images Bank

تقول العديد من التقارير إن نظرة الشباب للزواج في كوريا الشمالية قد غيّرت كثيرا. تعرف على هذه الاتجاهات الاجتماعية المتغيرة من الباحثة "جو جونغ آه" نائبة رئيس المعهد الكوري للتوحيد الوطني.

نائبة رئيس المعهد الكوري للتوحيد الوطني"جو جونغ آه ":

في السابق، كان الأقارب أو كبار المسؤولين في الشركات يرتبون الزواج للشباب في كوريا الشمالية، أي أنه كان من الشائع أن يرتبط الرجال والنساء من عائلات من خلفيات متشابهة. توصف هذه الظاهرة في كوريا الشمالية بأنها "الطيور على أشكالها تقع"، أو "طيور السنونو مع السنونو، وطيور العقعق مع العقعق". لكن في هذه الأيام، يفضل الكثير من الناس الحب الحر، حيث أصبحت الزيجات عن طريق الحب أكثر شيوعا. ولذلك، فإن عدد الزيجات بين "السنونو والعقعق" آخذة في الارتفاع، في تحول عن التقاليد. 

وفقا لقانون الأسرة في كوريا الشمالية، يُسمح بالزواج بدءا من سن 18 عاما للرجال، و17 عاما للنساء. وحتى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان العمر المثالي للزواج يتراوح بين 23 و25 عاما للنساء، وبين 27 و30 عاما للرجال. لكن في هذه الأيام، صار الزواج المتأخر سائدا أكثر. 

نائبة رئيس المعهد الكوري للتوحيد الوطني"جو جونغ آه ":

تُظهر الإحصائيات في عام 2014 أن متوسط العمر للزواج لأول مرة في كوريا الشمالية هو 25 عاما للنساء و28 عاما للرجال، وهو ما يعد أصغر بكثير من متوسط عمر الزواج للكوريين الجنوبيين. وفقا للهاربين الكوريين الشماليين الذين قدموا مؤخرا إلى الجنوب، فإن الكوريين الشماليين، وخاصة النساء المتعلمات تعليما عاليا، يميلون إلى الزواج في وقت متأخر. أعتقد أن شابات كوريا الشمالية يجدن حياتهن صعبة للغاية. بمجرد الزواج، يتعين عليهن إعالة أزواجهن، وأداء الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال وحتى كسب المال. أستطيع أن أفهم أن العديد من النساء لا يرغبن في بدء مثل هذه الحياة المزدحمة والصعبة في وقت مبكر. أولئك اللائي يأملن في بناء حياتهن المهنية، على وجه الخصوص، يجب أن يتخرجن من الجامعة وأن يصبحن عضوات في الحزب. مطلوب منهن الخدمة في الجيش لأكثر من ثلاث سنوات للحصول على عضوية الحزب. يستغرق الإجراء بأكمله وقتا طويلا. لذلك، تؤجل بعض النساء الزواج حتى أواخر العشرينيات أو أوائل الثلاثينيات. 

أيضا تغيرت صفات الزوج المثالي في الشمال. فقد كانت النساء في السابق يفضلن الرجال الذين يعملون في منظمات قوية مثل الحزب الحاكم ووزارة أمن الدولة. ولكن في هذه الأيام، يُعتبر الرجال الذين يمكنهم السفر إلى الخارج أو كسب الأموال الأجنبية بسهولة"، مثل الدبلوماسيين والعاملين في التجارة، هم الأكثر تفضيلا كأزواج.

نائبة رئيس المعهد الكوري للتوحيد الوطني"جو جونغ آه ":

علاوة على الوضع العائلي للرجال وعضوية الحزب، يتم أيضا أخذ مهنهم وخلفياتهم السياسية وقدراتهم الاقتصادية وإمكانيات نموهم في الحُسبان. تقليديا، كان يعتقد أن الرجال في الزي الرسمي بما في ذلك ضباط الجيش لديهم السلطة ويكسبون الكثير من المال ويضمنون حياة مستقرة. تعمل العديد من النساء الكوريات الشماليات في الأسواق الخاصة بعد الزواج. ولذلك، فإنهن يبحثن عن رجال أقوياء بما يكفي لدعمهن. يعتبر الرجال الذين يديرون أعمالا تجارية كبيرة، والسائقون والمهنيون وأولئك الذين يعملون في الحزب أو الوكالات الإدارية، أزواجا جيدين. عند الحديث عن إمكانيات النمو، يفضل أعضاء الحزب الأذكياء الذين تخرجوا من الجامعة. 

من ناحية أخرى، فإن الزوجات المرغوبات في كوريا الشمالية هن اللاتي لديهن الكثير من المال وتخرجن من الجامعة ولديهن تقاليد عائلية جيدة ويتمتعن بمظهر جيد.  

نائبة رئيس المعهد الكوري للتوحيد الوطني"جو جونغ آه ":

يتم تفضيل المرأة التي لديها هاتف محمول ودراجة نارية كزوجة، لأن ذلك يعني أنها ثرية. الرجال غير المستقرين اقتصاديا يختارون أيضا النساء اللاتي يمكنهن دعم دراستهم ومعيشتهم ماليا أيضا. يفضل الرجال ذوو الدخل المنخفض النساءَ اللاتي يقمن بأنشطة السوق بنجاح، أي اللاتي لديهن قدرة قوية على الحفاظ على سبل العيش. إذا كان الرجال هم أنفسهم أثرياء ولديهم خلفية عائلية جيدة، فلن يبحثوا بالضرورة عن نساء قادرات على كسب المال. بدلا من ذلك، يرغبون في أن يكون لديهم زوجة أنيقة ومتعلمة.

من بين عوامل التفضيل في الزواج أيضا، الإقامة في بيونغ يانغ. ولهذا فإن الأزواج الأكثر مثالية، بغض النظر عن الجنس، هم أولئك الذين يقدمون فرصة للمعيشة في العاصمة.

نائبة رئيس المعهد الكوري للتوحيد الوطني"جو جونغ آه ":

على عكس مواطني كوريا الجنوبية، لا يُسمح للشعب الكوري الشمالي باختيار المكان الذي يريدون العيش فيه. عندما يحصلون على وظائف بعد التخرج من المدرسة الثانوية أو الجامعة، تخصص الدولة لهم الوظائف. هذا يعني أن الدولة تقرر أين ينبغي أن يعيشوا. في الغالب، يتم منح الناس وظائف في مواطنهم. وهناك نوعان من الاستثناءات لهذا. أولا، يحصل بعض الأشخاص على وظائف في أماكن أخرى غير مساقط رؤوسهم. ثانيا، يمكنهم الانتقال إلى مناطق أخرى من خلال الزواج. فإذا تزوج رجل لا يعيش في بيونغ يانغ من امرأة من مواطني بيونغ يانغ، يمكن للرجل أن يصبح مقيما في بيونغ يانغ أيضا. والعكس صحيح أيضا. وإذا تزوجت امرأة من مواطن بيونغ يانغ وعاشت في بيونغ يانغ، يمكن لأطفالها أن يصبحوا من مواطني بيونغ يانغ. يفضل الكوريون الشماليون أولئك الذين يعيشون في بيونغ يانغ كزوج محتمل، لكن ليس من السهل العثور على مثل هذا الزوج. 

هكذا غيّر الكوريون الشماليون نظرتهم ليس فقط حول الظروف المثالية للزوج أو الزوجة، ولكن للزواج نفسه. فبعض الأزواج الشباب لا يسجلون زواجهم ويعيشون معا فقط. أيضا يتم التركيز بشكل أكبر على القدرة المالية للمرأة، وليس عمرها.

نائبة رئيس المعهد الكوري للتوحيد الوطني"جو جونغ آه ":

في كوريا الشمالية يعتبر الطلاق صعبا ويستغرق وقتا. لذلك، يختار العديد من الأزواج عدم تسجيل زواجهم والعيش معا لفترة من الوقت. وعندما يجدون أن كل شيء على ما يرام، يسجلون زواجهم. في الماضي، كان العيش معا بدون حفل زفاف يعتبر من المحرمات الاجتماعية، لكنه أصبح أكثر قبولا الآن في بعض المناطق. أيضا في الماضي كان من الصعب على المتزوجات السابقات أن يتزوجن من رجال لم يسبق لهم الزواج، لكن هذا لم يعد مشكلة الآن. 

يتعين على الأزواج في كوريا الشمالية تسجيل زواجهم حتى تتمكن الدولة من تزويدهم بالمنازل والحصص الغذائية، لكن هذا الدعم صار أكثر صعوبة حاليا. أيضا فإن وعي الشباب بالأسرة والمجتمع صار مختلفا بشكل واضح عن وعي الجيل الأكبر سنا.

نائبة رئيس المعهد الكوري للتوحيد الوطني"جو جونغ آه ":

أود أن أقول إن نظام الزواج في كوريا الشمالية يهتز. تعيش النساء عادة في هيكل عائلي أبوي وتمييزي. لكن في الوقت الحاضر، فإن المزيد من النساء يسعين وراء سعادتهن ورغباتهن ونجاحهن في المستقبل. النساء الناجحات ماليا في الواقع يحققن رغباتهن. ومن المتوقع أن تتسارع التغييرات المستمرة الحالية في الهيكل الأسري. فقد تختار العديد من النساء الكوريات الشماليين البقاء عازبات، في حين أن معدل الطلاق قد يرتفع. 

هكذا من المتوقع أن تؤدي اتجاهات الزواج المتغيرة في كوريا الشمالية إلى تغييرات عميقة في العلاقات الأسرية والاجتماعية بشكل عام، ربما خلال المستقبل القريب.