الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

كوريا الشمالية

التطريز الكوري الشمالي

#تطورات شبه الجزيرة الكورية l 2022-05-11

تطورات شبه الجزيرة الكورية

ⓒ YONHAP News

في أوائل شهر يناير من هذا العام، نشرت صحيفة "رودونغ شين مون" الرسمية في كوريا الشمالية، مقالا عن فنانين يعملون في مجال التطريز الفني لعرض الرموز الوطنية، من معهد بيونغ يانغ للتطريز. في الواقع، تقدم وسائل الإعلام الكورية الشمالية العديد من القصص المتعلقة بالتطريز في الكثير من الأحيان، باعتباره نوعا من الحرف الرئيسية في كوريا الشمالية، حيث تعتبر أعمال التطريز إحدى عناصر التصدير الرئيسية في الشمال، وأيضا وسيلة لتثقيف الجمهور حول الأيديولوجية السياسية. وقد صنفت كوريا الشمالية التطريز على أنه تراث ثقافي غير مادي في عام 2016. 

الدكتورة "جانغ كيونغ هي " الأستاذة في قسم الحفاظ على التراث الثقافي في جامعة "هان صو ":

تحظى قطع التطريز المُخيّطة يدويا بشعبية كبيرة في كوريا الشمالية. في بلد لا تكفي فيه الموارد، يمكن للناس إنشاء أعمال فنية صغيرة طالما لديهم إبرة وخيوط وقطع صغيرة من القماش. يمكن لأولئك الذين يجيدون التطريز أن يصبحوا فنانين. في أواخر القرن التاسع عشر، كانت تكلفة أعمال التطريز عشرة أضعاف تكلفة اللوحات في كوريا. في العصر الحديث، عندما تعلم الكوريون الفن الغربي، كان التطريز يعتبر جزءا من الحرف اليدوية التقليدية لإنشاء قطع صغيرة، مثل الحقائب الصغيرة. في كوريا الشمالية، يحظى التطريز بتقدير كبير، حيث يتم استخدامه لتعزيز تقديس شخصية القائد الأعلى. أعتقد أنه يلعب أيضا دورا في تعزيز الوحدة الداخلية. 


بدأ التطريز الحديث في كوريا الشمالية على يد "كيم جونغ سُوك"، الزوجة الأولى لمؤسس كوريا الشمالية "كيم إيل سونغ"، ووالدة الزعيم السابق "كيم جونغ إيل". وقد وُلدت في مقاطعة شمال "هام كيونغ" في عام 1917، ومن المعروف أنها انضمت إلى وحدة حرب العصابات المناهضة لليابان في عام 1935، وتزوجت من "كيم" في عام 1940 وتوفيت في أثناء الولادة في عام 1949. وهي تحظى في الشمال بالاحترام باعتبارها رائدة في إصلاح التطريز الكوري بالطريقة الحديثة، من حيث الشكل والمضمون. 

الدكتورة "جانغ كيونغ هي " الأستاذة في قسم الحفاظ على التراث الثقافي في جامعة "هان صو ":

بصفتها عضوا في الجيش الثوري الشعبي الكوري، صنعت "كيم جونغ سوك " المناديل والأعلام والأوشحة اللازمة للجنود جنبا إلى جنب مع العضوات الأخريات. كانت الإبداعات في الغالب عبارة عن إمدادات عسكرية، لذا فقد أعطت أهمية أكبر للعملية أكثر من القيمة الفنية. على سبيل المثال، كان منديلا صغيرا صنعته في عام 1937 مطرزا ببساطة بأنماط بتلات زهور الأزاليا الوردية الفاتحة. ومنذ أن أشاد "كيم إيل سونغ" بالأزاليا باعتبارها الزهرة المهمة في البلاد، اعتُبر المنديل المسمى "الوطن" عملا فنيا مهما للغاية. 


بعد تحرير كوريا من الحكم الاستعماري الياباني في عام 1945، قدمت "كيم جونغ سوك" عدة مقترحات لوضع الأساس للتطريز في كوريا الشمالي، التي تعتبر فيها الأعلام المطرزة بالأحرف مهمة، لأنها مرتبطة بالدعاية والتحريض. وقد أنتجت "كيم" أشكالا مختلفة من الأعلام، بما في ذلك الأعلام العسكرية لاستخدامها من قبل الجيش. وفي عام 1947، أنشأت معهد بيونغ يانغ للتطريز، بغرض تطوير مهارات التطريز ومساعدة المرأة على بناء حياتها المهنية في المجتمع والانخراط في الأنشطة الاقتصادية.

الدكتورة "جانغ كيونغ هي " الأستاذة في قسم الحفاظ على التراث الثقافي في جامعة "هان صو ":

في كوريا الشمالية، يتوجب على النساء أن يعملن مثل الرجال، بعد إرسال أطفالهن إلى مراكز رعاية الأطفال أو الحضانات. يمكن للمرأة كسب المال بسهولة نسبية من خلال أعمال الإبرة. أعتقد أن هذا أحد أهداف معهد التطريز. في المرحلة الأولى، كان للمعهد هيكل بسيط. فقد كان هناك مدير واحد، ومصمم، وحوالي ست عاملات تطريز، وعامل للنجارة لكي يصنع الإطارات. لكن عدد العاملين زاد تدريجيا، مع ارتفاع عدد المطرزات إلى ثلاثين. 


أنتج المعهد أشياء صغيرة كانت تستخدم في الحياة اليومية والديكورات في مرحلته الأولى. وبدأ أولئك الذين تميزوا في التطريز في إنشاء أعمال تجسد صورة "كيم إيل سونغ"، وفي هذه العملية، عزز المعهد مكانته.

الدكتورة "جانغ كيونغ هي " الأستاذة في قسم الحفاظ على التراث الثقافي في جامعة "هان صو ":

في الشمال، يُطلق على القائد الأعلى لقب "رقم واحد"، وتُعرف صورته باسم الصورة "رقم واحد". لقد أنشأت كوريا الشمالية حوالي 14 عملا مطرزا تعرف بـ"الصورة رقم واحد" بين عامي 1968 و1974. عندما زار الزعيم الأسبق "كيم إيل سونغ" مواقع البناء ومحطات الطاقة والمناجم في الستينيات من القرن الماضي، صفق له العمال هناك لتحيته. وكان الفنانون يرسمون صورا للمناظر ويرسلونها إلى معهد التطريز، حيث يبتكر متخصصو التطريز أعمالا فنية تعتمد على اللوحات. وفي سبعينيات القرن الماضي، بدأت قطع التطريز في وصف مشاهد "كيم إيل سونغ" وهو مع الأطفال، أو صورته جالسا في حديقة ويقرأ إحدى الصحف، حيث تم الاعتراف به كمرشد أعلى وأب للأمة.


تمت إعادة تنظيم معهد التطريز وتوسيعه ليصبح المعهد المركزي للتطريز في عام 1948، ثم المعهد الوطني للتطريز في عام 1953، ثم معهد بيونغ يانغ للتطريز في عام 1958. وفي غضون ذلك، قام المعهد بتدريب المتخصصين أيضا، بالإضافة إلى إنتاج الأعمال الفنية. وقد انتقل معهد بيونغ يانغ للتطريز إلى مبنى جديد على ضفاف نهر "بوتونغ" في عام 1978، ومازال في نفس الموقع حتى اليوم.

الدكتورة "جانغ كيونغ هي " الأستاذة في قسم الحفاظ على التراث الثقافي في جامعة "هان صو ":

سافرت إلى كوريا الشمالية في عامي 2005 و2006 للتحضير لمعرض بين الكوريتين للحرف التقليدية. في ذلك الوقت، عمل حوالي 200 كوري شمالي، بمن في ذلك فنانون رفيعو المستوى وطلاب من المدارس الثانوية، معا في معهد التطريز من أجل هذا الحدث، حيث قاموا بتطريز الحروف على الأعلام، وخياطة أنماط مختلفة على أشياء صغيرة كما عملوا على أشكال أكثر تعقيدا. في الشمال، تتمكن النساء اللاتي يتعلمن مهارات التطريز من تحقيق الاستقلال الاقتصادي، ويمكن لأولئك اللاتي تم تدريبهن في معهد التطريز الانخراط في الأعمال ذات الصلة في جميع أنحاء البلاد. لقد اكتشفت أن المعهد ابتكر أعمالا مبنية على لوحات رسمها فنانون.


يعقد "معهد بيونغ يانغ للتطريز" اجتماعات منتظمة لإجراء مراجعة مشتركة وتقييم أعماله وتحسين جودتها. وفي أثناء تقديم تقنيات التطريز وطرق التطبيق المختلفة، بدأ المعهد في التركيز بشكل أكبر على الفن، وتجاوز مرحلة الإنتاج البسيط للعناصر اليومية الصغيرة. وقد حقق الفنانون المنتمون إلى المعهد نتائج جيدة في العديد من المعارض، بما في ذلك المعارض التي تقام في الخارج. ونتيجة لذلك، كان التطريز الكوري الشمالي بمثابة قناة لجلب العملات الأجنبية.

الدكتورة "جانغ كيونغ هي " الأستاذة في قسم الحفاظ على التراث الثقافي في جامعة "هان صو ":

تتميز اللوحات الكورية الشمالية بمستوى عالٍ من الواقعية. وينطبق الشيء نفسه على أعمال التطريز. تستخدم كوريا الشمالية مجموعة متنوعة من تقنيات التطريز. الحرفية دقيقة للغاية ومتقنة لدرجة أن شعر الكلب في قطعة تطريز يبدو كما لو كان يهب فعلا بسبب الريح بينما يبدو الطائر وكأنه يتحرك في الحقيقة. هكذا تعتبر أعمال التطريز أكثر واقعية من الصور. في الستينيات، فازت أعمال التطريز الكورية الشمالية بالجوائز الأولى أو الثانية في المسابقات التي كانت تُقام في بلغاريا ورومانيا وتشيكوسلوفاكيا. وحتى اليوم لا يزال يتم اعتبارها منتجات من الدرجة الأولى.


كانت "ري وان إين" إحدى أشهر الفنانات اللاتي عملن في معهد بيونغ يانغ للتطريز، وقد بدأت حياتها المهنية كمدرسة في المعهد في عام 1954، وأصبحت أول فنانة تحصل على اللقب الفخري "فنانة ذات جدارة" في عام 1962. وأصبحت أيضا "فنانة الشعب" في عام 1982. وباستخدامها تقنيات تطريز متنوعة، أنتجت عملا هائلا يصور أنشطة "كيم إيل سونغ" الثورية. ومن بين أعمالها المميزة لوحة بعنوان "النمر" في عام 1965. 

الدكتورة "جانغ كيونغ هي " الأستاذة في قسم الحفاظ على التراث الثقافي في جامعة "هان صو ":

النمور التي تظهر في اللوحات الشعبية الكورية لطيفة وفيها روح دعابة، بينما النمر الذي يظهر في لوحة "ري" مخيف إلى حد ما. الصورة مستوحاة من نمر حقيقي في حديقة حيوانات، وهو يحدق في ثور عابر ويطلق زئيرا مرعبا وعيناه مفتوحتان. تتناسب صورة هذا المخلوق الشرس مع الواقعية الاشتراكية لكوريا الشمالية. لقد قدمت لوحة "النمر" للفنانة "ري" دفعة جديدة لمشهد التطريز المحلي. مستوى العمل مرتفع جدا من حيث تقنيات التطريز. يبدو النمر واقعيا وديناميكيا للغاية، مما يضيف إحساسا بالبعد. تعبر خيوط الحرير اللامعة بدقة عن نسيج فرو النمر، بينما تُستخدم الخيوط الحمراء الخشنة لرسم شجرة قديمة. التصميم النابض بالحياة، منسجم مع المظهر الحي للحيوان بناء على مهارات التطريز الدقيقة، وهو ما رفع التطريز الكوري الشمالي إلى مستوى أعلى. 


وفي الوقت نفسه، يقوم استوديو "مان سو ديه" للفنون بتدريب فناني التطريز وإنتاج الأعمال الفنية. وقد تم إنشاء هذا الاستوديو في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي لبناء تمثال يرمز إلى "حركة تشولليما" التي تهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية السريعة. وكلمة "تشولليما" تشير إلى حصان أسطوري مجنح. وبحلول سبعينيات القرن الماضي، أصبح الاستوديو مركزا للإنتاج الفني يشمل جميع المجالات، بما في ذلك الرسم التقليدي بالحبر، والحرف اليدوية، والفن الصناعي، والتطريز. وبعد ذلك، ركز الاستوديو الفني على مشروعات الدعاية المصممة لبناء النظام الأيديولوجي المرتبط للحزب. وتم نقل بعض المتخصصين في معهد بيونغ يانغ للتطريز إلى استوديو "مان سو ديه" للفنون.

الدكتورة "جانغ كيونغ هي " الأستاذة في قسم الحفاظ على التراث الثقافي في جامعة "هان صو ":

كان أحد الأغراض الرئيسية لمعهد بيونغ يانغ للتطريز هو تدريب النساء على أعمال الإبرة ومساعدتهن على العيش بالاعتماد على أنفسهن من الناحية المالية. وتم نقل نسبة واحد في المائة من أعضاء المعهد، بمن في ذلك أولئك اللاتي وصلن إلى مستوى "فنان شعبي"، إلى استديو "مان سو ديه 만수대" الفني للانضمام إلى مشروع إنشاء أعمال تطريز حول "كيم إيل سونغ" وأيديولوجيته. 

يتفق الخبراء على أن التطريز الكوري الشمالي يتميز بمستوى عالٍ من التقنيات. لكن من المخجل أن الدولة لا تبدي اهتماما حقيقيا بالطبيعة الحقيقية للحرف اليدوية، حيث تستخدمها لتحقيق أرباح بالعملة الأجنبية أو لتعليم الأيديولوجيا، بدلا من ذلك.

الدكتورة "جانغ كيونغ هي " الأستاذة في قسم الحفاظ على التراث الثقافي في جامعة "هان صو ":

العديد من أعمال التطريز الكورية الشمالية المعروضة في المعارض الفنية تتضمن صورا لأطفال أجانب أو كلاب لطيفة. على ما يبدو، فهي مصممة لجذب المشترين الأجانب، بدلا من التعبير عن المشاعر الشخصية. وهذا يعني أن كوريا الشمالية تضع الأرباح من العملات الأجنبية في الحسبان. لكي تبتكر كوريا الشمالية أعمالا فنية عالية المستوى يمكن أن تستمر إلى الأبد، أعتقد أنها بحاجة إلى أن تعكس بعض العناصر الفلسفية في قطع التطريز الخاصة بها.

 

في كوريا الجنوبية، تم تصنيف التطريز كجزء من التراث الثقافي الوطني غير المادي، كما يُصنف التطريز في كوريا الشمالية أيضا على أنه تراث ثقافي غير مادي. ونأمل أن تتمكن الكوريتان من استعادة التجانس الثقافي بنهما من خلال التبادلات الثنائية خاصة في مجال التطريز.      

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;