الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

كوريا الشمالية

النساء الكوريات الشماليات اللاتي يتحدين المحرمات في المجتمع الشيوعي الذكوري

#تطورات شبه الجزيرة الكورية l 2022-11-30

تطورات شبه الجزيرة الكورية

ⓒ YONHAP News

تتمسك كوريا الشمالية تقليديا بالصور النمطية للنساء اللاتي يضحين بأنفسهن من أجل أسرهن ويظهرن الولاء لوطنهن. لكن الأمور تغيرت، بما يتماشى مع الأنشطة الاجتماعية النشطة للشابات اللاتي ولدن في التسعينيات من القرن الماضي وينتمين إلى ما يسمى بجيل جانغ مادانغ، أي الأسواق الخاصة. وفي رسالة إلى مؤتمر الاتحاد النسائي الاشتراكي في عام 2021، شدد الزعيم الكوري الشمالي "كيم جونغ أون" على أن المزيد من النساء بحاجة إلى الانخراط في الأنشطة الاجتماعية. وفي ظل حكم كيم جونغ أون، تتحدث وسائل الإعلام الكورية الشمالية كثيرا عن ضرورة مشاركة النساء في مختلف المجالات التي كانت تعتبر من قبل حكرا على الرجال. 


الدكتورة "لي جي سون 이지순"  من المعهد الكوري للتوحيد الوطني:

اعتمدت كوريا الشمالية قانونا للمساواة بين الجنسين في عام 1946. حقوق المرأة محمية ومضمونة في العديد من القوانين، بما في ذلك الدستور الاشتراكي، وقانون حقوق المرأة، وقانون الأسرة، وقانون الإجراءات المدنية، وقانون السلامة الصناعية. لكن في الواقع، لا تزال كوريا الشمالية مجتمعا ذكوريا متجذرا ولا تزال الصور النمطية المتعلقة بأدوار الرجال والنساء سائدة. المزيد والكثير من النساء يدعمن أسرهن ماليا منذ فترة المسيرة الشاقة في تسعينيات القرن الماضي، مما أدى لاهتزاز الثقافة التي تركز على الذكور. ومع ذلك، لا تزال الدولة تسيطر على مظهر المرأة وملابسها في إطار الجمال الاشتراكي. أيضا فإن اللوائح القانونية المتعلقة بحماية المرأة من الأعمال الخطرة تقيد في الواقع حريتها في اختيار المهنة. 


منذ أن تولى "كيم جونغ أون" السلطة، ركزت الروايات الكورية الشمالية على النساء اللاتي يعملن في مواقع الإنتاج الصناعية، والنساء اللاتي لديهن وظائف في المجالات العلمية والبحثية. وقد كان من المحرمات بالنسبة للنساء الكوريات الشماليات من قبل أن يعملن في مثل تلك الوظائف التي تعد ضمن عالم الرجال فقط. ومن بين تلك الروايات والقصص، رواية للكاتب "بيه كيونغ هوي" بعنوان "الخطوة الأولى"، والتي نشرتها مجلة "أدب جوسون" في عام 2017.


تدور القصة حول فتاة تدعى "أون سوك"، تفخر أسرتها بأن جدها ووالدها وعمها عملوا جميعا كسائقي شاحنات في الأراضي المستصلحة. ولأن والدها صار على وشك التقاعد، فقد شعر بالحزن لأنه ليس لديه ابن ليرث مهنة العائلة. 


يقول الأب: "قيادة شاحنة ليست وظيفة للنساء". عند سماع ذلك، تخلت "أون سوك" عن حلمها في أن تصبح سائقة. وفي الماضي، اعتاد الناس في كوريا الجنوبية أيضا على مناخ اجتماعي مماثل. ولكن يبدو أن المرأة في الشمال لا تزال ممنوعة من ممارسة مهن معينة.


"لي جي سون 이지순" : 

ينص قانون السلامة الصناعية في كوريا الشمالية على أنه لا يجوز للعاملات القيام بأعمال قد تضر بصحتهن. لا يمنع القانونُ المرأةَ من قيادة السيارة بنفسها، ولكن من المفترض أن يقوم السائقون في كوريا الشمالية بإصلاح المركبات عند الضرورة، وقيادة المركبات كانت منذ فترة طويلة ضمن عالم يغلب عليه الذكور. أيضا في الشمال لا يُسمح للمرأة بالحصول على وظائف تتطلب مجهودا بدنيا مثل صهر المعادن والتعامل مع المواد المتعلقة بالصناعات الكيماوية الثقيلة، حيث يحظر القانون على النساء الانخراط في تلك الأعمال المرتبطة مباشرة بصحتهن.


قررت "أون سوك" ألا تصبح سائقة بسبب رفض عائلتها. ولكن في أحد الأيام، صادف أنها شاهدت برنامجا تلفزيونيا عن سائقة، ومن ثم غيّرت رأيها. ورغم معارضة أسرتها، اختارت أن تصبح سائقة بدلا من الالتحاق بالجامعة. وفي البداية، كانت تقود شاحنة بوزن خمسة أطنان. وبمساعدة من والدها، أمكنها إصلاح أعطال السيارة بنفسها، وفي وقت لاحق تمكنت من أن تقود شاحنة تزن 25 طنا بمفردها. ومع ذلك، فإنها واجهت واقعا أقسى مما كانت تعتقد. لكنها تحملت كل الصعوبات، وحصلت في نهاية المطاف على الاعتراف بها كسائقة.


"لي جي سون 이지순" : 

في الرواية، تعرضت "أون سوك" للتوبيخ من قبل مسؤول في إدارة المواد لدرجة أنها شعرت بالإهانة، وقدمت شكوى حول ذلك لسكرتير رابطة الشباب. ولكن ما قاله السكرتير كان الموضوع الرئيسي للرواية، حيث قال: "يمكنك قيادة شاحنة، حتى لو كنت امرأة، ليس لأنك تتمتعين بالكفاءة ولكن لأن الزعيم "كيم جونغ أون" يقدر الشباب تقديرا عاليا. إذا طلبت معاملة أفضل، فهذا يعني أنك لن تسددين للقائد العزيز إلا الجحود". هذا يعني أن "أون سوك" كانت قادرة على تحقيق حلمها فقط بفضل القائد، ولذا يجب أن تكون ممتنة للقائد وتفي بواجباتها نحو المجتمع. هذه هي الرسالة الرئيسية للقصة. 


قام التلفزيون المركزي في كوريا الشمالية ببث برامج تتحدى التفضيل التقليدي للأبناء الذكور، وتحاول كسر الصور النمطية عن الوظائف. على سبيل المثال، يقدم برنامج تلفزيوني امرأة في العشرينيات من العمر تُسمى "كيم أون سيم" كسائقة من ذوي الخبرة وهي تسافر على طرق جبلية غير ممهدة بشاحنتها المحملة. ومن خلال مقابلة مع والدها الذي لديه أربع بنات، يسلط البرنامج الضوء على أن تلك الشابة جيدة مثل أي شاب آخر. هذا مقطع من المقابلة مع والدها. 


"لي جي سون 이지순" : 

تُظهر النساء اللاتي قدمتهن وسائل الإعلام عموما، نمطا مشابها، أي أن البنات يستحوذن على أعمال العائلة بدلا من الأبناء. إنه لأمر مخزٍ أن تركز القصص بشكل أكبر على الحاجة إلى استبدال الأبناء، وليس على الإرادة الحرة للمرأة لتحدي مجال معين ورغبتها في تحقيق النجاح.


تقول وسائل الإعلام الكورية الشمالية إن "كيم جونغ أون" أعرب عن تقديره الشديد "لكيم أون سيم". 


"لي جي سون 이지순" : 

يمكن وصف عملية تحدي شيء ما وتحقيق النجاح والشعور بالإنجاز على أنها إدراك للمرأة بذاتها. لكن النجاح الملحوظ الذي حققته النساء في الروايات ووسائل الإعلام في كوريا الشمالية يتم إرجاع فضله بالكامل إلى القائد العزيز الذي يفكر كثيرا في الشباب. أي أنه يتم إغفال تحديات ومساعي الأفراد، والتركيز بدلا من ذلك على الإشادة بإنجازات القائد وحكمته. 


من ناحية أخرى، أظهر التلفزيون الكوري الشمالي مؤخرا العديد من النساء اللاتي دخلن بنجاح إلى مجالات كانت تعتبر في السابق ساحة للرجال. ومن بين هؤلاء عاملة جرافة تعمل في مواقع البناء، وعاملة تستخدم الآلات، وامرأة تصنع الجرارات بنفسها.


"لي جي سون 이지순" : 

تشجع قصصُ النجاح النساءَ على المضي قدما في المجتمع. تهدف تلك القصص أيضا إلى استخدام عمالة الإناث. تذهب النساء العاملات في الغالب إلى أسواق جانغ مادانغ في الصباح الباكر لكسب أرباح اقتصادية من خلال أنشطة السوق. ترى كوريا الشمالية أنه من الضروري إعادة العمالة ورأس المال إلى المجتمع لاستخدامها للمصالح العامة والتنمية الوطنية، ولذلك تحتاج كوريا الشمالية إلى حث الشابات على الانخراط في أنشطة العمل العامة مثل مواقع البناء، وليس في الأسواق الخاصة. أيضا فإن نسبة النساء العاملات تعد مؤشرا على المساواة بين الجنسين، وهذا هو السبب في أن كوريا الشمالية تشجع النساء بنشاط على السعي للحصول على وظائف اجتماعية.


منذ وصول "كيم جونغ أون" إلى السلطة، هيأت كوريا الشمالية جوا يركز على الكفاءة المهنية للمرأة ويحث النساء على إظهار قدراتهن من خلال الأنشطة الاجتماعية. على سبيل المثال، سلطت كوريا الشمالية الضوء على الطيارات اللاتي يقدن مقاتلات نفاثة. وفي عام 2014، ذكرت وسائل الإعلام المحلية أن الزعيم "كيم" شاهد تدريب طيران لأول طيارات مقاتلات في البلاد. وفي العام التالي، ذكرت وسائل الإعلام مرة أخرى أن القائد شاهد الطيارات وهن يقمن برحلات تجريبية على طائرات تفوق سرعة الصوت.


"لي جي سون 이지순" : 

من الصعب جدا على المرأة أن تقود طيارة نفاثة مقاتلة في أي بلد. لا يوجد الكثير من الطيارات المقاتلات في العالم، والقليل من الدول لديها عدد قليل منهن. والمثير للدهشة أن بعض الشابات ظهرن كطيارات مقاتلات في كوريا الشمالية. هذا بالتأكيد شيء تفتخر به كوريا الشمالية وتريد التباهي به في جميع أنحاء العالم. أظهرت كوريا الشمالية أن لديها نخبة من النساء المجندات، تماما مثل القوات الجوية المتقدمة في البلدان الأخرى، وتتباهى بقدراتها الدفاعية. 


الآن يمكننا أن نرى الكثير والمزيد من النساء الكوريات الشماليات وهن يتحدين المجتمع في مجالات كان يُنظر إليها تقليديا على أنها عالم خاص بالرجال، وقد حققن مهمتهن بنجاح. والسؤال الآن هو كيف يمكن لهذه التغييرات في حياة النساء في كوريا الشمالية أن تؤثر على المجتمع الشيوعي بشكل عام.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;