ⓒ YONHAP News

نسائم الربيع تهب برفق، وتتحول الجبال جميعا إلى اللون الأخضر في شهر أبريل، الذي يعتبر بالفعل أفضل موسم للتنزه في كوريا، ولذلك يقوم طلاب المدارس والجامعات برحلات جماعية هذه الأيام. وفي هذا الوقت من العام، ينشغل الطلاب في كوريا الشمالية أيضا في التحضير لرحلاتهم المدرسية.

في هذا الفيديو الكوري الشمالي، يخبر صبي أمه أنه ذاهب في "وان جوك"، وهو ما يشير إلى النزهة. وهذه الكلمة تعني حرفيا "السير إلى مكان بعيد للاستمتاع". ويذهب الطلاب الكوريون الشماليون في نزهات أو رحلات، عادة في الربيع والخريف. وعندما يقترب يوم الرحلة، يشعر الطلاب بالإثارة والسعادة. 

البروفسورة "جونغ أون تشان 정은찬" من المعهد الوطني لتعليم التوحيد:

قبل أيام من الرحلة المدرسية، يشعر الطلاب الكوريون الشماليون بالسعادة والإثارة عند التفكير في أنواع الطعام التي سيشاركونها مع أصدقائهم وما سيحصلون عليه كجوائز في لعبة البحث عن الكنز في أثناء الرحلة. أعتقد أن الطلاب هنا في كوريا الجنوبية يشعرون بنفس الشعور. عندما كنت صغيرة، أحببت فكرة مشاركة الطعام اللذيذ مع أصدقائي في أثناء النزهة، لكنني كنت أتطلع حقا إلى لعبة البحث عن الكنز، والتي كانت عبارة عن منافسة بين الطلاب. تمنيت بشدة أن يفوز فصلي الدراسي لدرجة أنني شعرت بسعادة غامرة حتى قبل النزهة. 

ينص الدستور الاشتراكي لكوريا الشمالية على أن المواطنين يتمتعون بحرية السفر. لكن في الواقع، تحد الدولة من حرية تنقل السكان. ولهذا السبب يشعر الطلاب الكوريون الشماليون بسعادة غامرة عند القيام برحلة مدرسية، حيث إنها تتيح لهم الابتعاد عن روتينهم اليومي، حتى ولو لفترة قصيرة. ولكن إلى أين يذهبون في تلك الرحلات؟

تختلف مواقع التنزه في كوريا الشمالية حسب المناطق، حيث يذهب الطلاب في المدن الكبرى، بما في ذلك بيونغ يانغ، إلى مرافق ترفيهية شهيرة، مثل حديقة "ننغ نا" الشعبية التي تشتهر كمكان مفضل للعائلات، ومتنزه "موران بونغ" الذي يضم عددا من الآثار التاريخية. لكن الطلاب الذين يعيشون في المناطق الريفية لديهم أماكن مختلفة.

"جونغ أون تشان 정은찬":

عادة ما يذهب الطلاب في المناطق الريفية في نزهات إلى الجبال أو التلال القريبة. يقوم المعلمون بفحص موقع النزهة المحتمل مسبقا بحيث يتجنبون التلال شديدة الانحدار، ويختارون المنحدرات الخفيفة والأرض المستوية. تتنافس المدارس على تأمين الأماكن المثالية للنزهة. إذا اختارت جميع المدارس في المنطقة نفس التاريخ للنزهة، فستجد صعوبة في تحديد موقع مناسب. لذلك، تحدد المدارس تواريخ مختلفة لرحلاتها وتعيين موقع النزهة الخاص بها مسبقا.

في التسعينيات، عانت كوريا الشمالية من نقص في الغذاء والطاقة بالإضافة إلى الصعوبات الاقتصادية بسبب انهيار الكتلة الاشتراكية والكوارث الطبيعية. ولذلك قام سكانها بقطع الأشجار على الجبال عشوائيا لتأمين الوقود وإخلاء مساحة للزراعة، وهو ما أدى إلى تدمير الغابات، وبالتالي جعل من الصعب على المدارس العثور على أماكن للنزهة. وحاليا، يسعى الطلاب لابتكار أفكار خاصة حول كيفية قضاء وقت ممتع خلال الرحلات المدرسية. وعند وصولهم إلى موقع النزهة، يبدأ حدث رياضي. 

لعبة شد الحبل هي النشاط المفضل في الحدث الرياضي خلال الرحلات المدرسية.

لعبة شد الحبل شائعة جدا لدرجة أن التلفزيون المركزي الكوري الشمالي الذي تديره الدولة يقدم نصائح خاصة حول كيفية الفوز في هذه اللعبة. ويشارك الطلاب في العديد من الألعاب الأخرى، لكن أفضل جزء في الرحلة المدرسية هو ممارسة لعبة "البحث عن الكنز".

"جونغ أون تشان 정은찬":

لعبة "البحث عن الكنز" هي بالتأكيد أهم ما يميز الرحلات المدرسية. خلال هذه اللعبة من المفترض أن يجد الطلاب قصاصات ورق مخبأة في الأدغال أو تحت الأشجار. تتم كتابة بعض التعليمات على الأوراق، مثل "أحضر مدرس الرياضيات إلى مكان معين في وقت معين." وفي هذه الحالة، قد يسمى البحث عن الكنز "البحث عن الناس". وهناك تعليمات أخرى تخبر الطلاب بالذهاب إلى مكان معين وإحضار زهرة معينة. وعندما ينجز الطلاب المهمة، يتم منحهم هدية. في هذه الأيام، يتلقى الطلاب هدايا عندما يجدون فقط القصاصات المخفية.

في الماضي، كانت لعبة "البحث عن الكنز" هي الجزء الأهم في الرحلات المدرسية في كوريا الجنوبية أيضا، حيث كان الطلاب يفحصون الشقوق بين الصخور وما بين أغصان الأشجار للعثور على قصاصات الورق التي أخفاها المعلمون مسبقا. وبنفس الطريقة، يشارك الطلاب الكوريون الشماليون بحماس في لعبة البحث عن الكنز. وعندما يقول أحدهم "لقد وجدتها!" ويصرخ من الفرح، فإن أولئك الذين فشلوا في العثور عليها يتنهدون بعمق. في أثناء اللعب بقوة، يشعر الطلاب بالجوع. 

"جونغ أون تشان 정은찬":

مشاركة الطعام مع الأصدقاء تعتبر سحرا آخرا للرحلات المدرسية. يرسل الآباء من العائلات الغنية ما يصل إلى عدة كيلوغرامات من كعك الأرز مع أبنائهم حتى يتمكن جميع زملائهم في الفصل من مشاركتها. يمكن للطلاب إحضار كعك الأرز أو الأرز الأبيض أو الأرز بالذرة لتناول الغداء، اعتمادا على مستويات معيشتهم. قد يجلب أولئك الذين ينتمون إلى أسر ميسورة موادا غذائية نادرة مثل البيض واللحوم، بينما يحضر الطلاب من العائلات الفقيرة البطاطس فقط.  

في يوم النزهة، يحضر الطلاب الطعام من منازلهم ويشاركونه مع أصدقائهم ومعلميهم. ويعتبر وقت الغداء هو الجزء الأكثر إثارة في الرحلة، لكنه يكشف أيضا عن الاختلاف في مستويات معيشة الطلاب. بالنسبة لأبناء العائلات الثرية، فإنهم يحضرون معهم أطعمة تشمل الأرز الأبيض والبيض المسلوق واللحوم. ويجلب البعض كعك الأرز أيضا. ونظرا لأن الأرز نادر في كوريا الشمالية، فإن أولئك الذين يستهلكون كعك الأرز يعتبرون من بين الأغنياء. في كوريا الجنوبية، فإن "كيم باب"، أي لفائف الأرز في الأعشاب البحرية، تعتبر من بين أشهر الأطعمة في الرحلات، لكن كيم باب في كوريا الشمالية يعتبر تماما مثل كعك الأرز، دليلا على ثروة الأسرة.

مع تزايد التجارة بين كوريا الشمالية والصين في الوقت الحاضر، يعرض التلفزيون الكوري الشمالي كيفية صنع كيم باب. ولكن حتى تسعينيات القرن الماضي، كان الكيم باب يمثل وجبة شهية يتم تضمينها في صندوق الغداء لأبناء العائلات ميسورة الحال. ومن ناحية أخرى، كان الأطفال من العائلات الفقيرة يجلبون الذرة أو البطاطس. أيضا، تَظهر القوة الاقتصادية للطلاب في صندوق الغداء الذي يقدمونه للمعلمين.

"جونغ أون تشان 정은찬":

يقوم الآباء الذين يتمتعون بمستويات معيشية عالية بتضمين أطعمة مثل الفواكه، في صندوق الغداء للمعلمين، بينما يقوم بعض الآباء غير الميسورين بإعداد غداء للنزهة للمعلمين لأنهم يرغبون في إظهار امتنانهم. ونتيجة لذلك، قد يتلقى المعلمون العديد من صناديق الغداء. بالطبع، لا يستطيع العديد من الطلاب تحمل تكاليف إعداد الغداء لمعلميهم. بمجرد النظر إلى علب الطعام، يعرف المعلمون المستويات المعيشية للطلاب. بعض علب الطعام تكون رائعة حقا، بينما الأخرى قد لا تكون جيدة جدا. إلا أن بعض المعلمين يختارون تناول الأخيرة أولا. 

في كوريا الشمالية، يعتبر إعداد الغداء للمعلمين جزءا من التعبير عن المودة والامتنان، ويُظهر صندوق الغداء ما إذا كانت عائلة الطالب غنية أم فقيرة. لكن في هذه الأيام، صارت الأسواق الخاصة "جانغ مادانغ" تتيح الفرصة لمعظم الآباء لإعداد غداء جيد لأطفالهم خلال الرحلات المدرسية. وبعد تناول وجبة الغداء، يشارك الطلاب في مسابقة إظهار المواهب بين الفصول. 

"جونغ أون تشان 정은찬":

بعد الغداء، يشارك الطلاب في مسابقة المواهب أو الغناء أو الرقص أو العزف على الآلات الموسيقية أو إلقاء قصائد شعرية. أيضا، غالبا ما تعقد مسابقات للخطابة. أعتقد أن العديد من الطلاب الكوريين الشماليين يحبون الكي بوب. ولكن إذا غنوا أغنية كورية جنوبية في الأماكن العامة، فسوف يواجهون مشكلة كبيرة. بدلا من ذلك، هم عموما يغنون بعض الأغاني التي تعلموها في المدرسة، بما في ذلك الأغاني التي تقدس القائد الأعلى. وقد يتم تنظيم عرض المواهب والحدث الرياضي في الصباح أو بعد الظهر.

يتباهى الطلاب الكوريون الجنوبيون بمواهبهم من خلال أداء بعض الأغاني والرقصات العصرية وسرد نكات مرحة خلال رحلاتهم المدرسية. وبالمثل، فإن الطلاب في كوريا الشمالية حريصون على عرض مواهبهم. ويتمتع الطلاب ذوو المواهب بشعبية كبيرة خلال الرحلات المدرسية.

"جونغ أون تشان 정은찬":

ينقسم الشعب الكوري الشمالي إلى مجموعات معينة، بما في ذلك الجماعات السياسية. والطلاب ليسوا استثناء من ذلك، فهم أعضاء في مجموعات مختلفة، ولكل مجموعة رئيسها الخاص. وإذا تقدم بعض رؤساء المجموعات لعرض مواهبهم خلال الرحلات المدرسية، فسوف يكونون على الفور محبوبين لدى الطلاب. خلال الأحداث الرياضية، يقود بعض الطلاب فرقة الهتاف ويرقصون ويصفقون بأيديهم، فهم أيضا مشهورون. ولقيادة المجموعة المبهجة بشكل جيد، يجب أن يكون لديهم صوت جيد ويرقصون بشكل جيد، وبالتالي سرعان ما يصبحون مركز جذب.

الرحلات المدرسية تعطي للطلاب والمدرسين جميعا ذكريات لا تُنسى. ونتمنى أن يتمكن الطلاب والمدرسون من الكوريتين في الخروج معا في رحلات مدرسية في مثل هذه الأيام الربيعية الجميلة، خلال المستقبل القريب.