70 عاما عمر الاستقلال

Open the window of AOD"سيه ما أول 새마을" أي "حركة المجتمع الجديد"

"سيه ما أول 새마을" أي "حركة المجتمع الجديد"

2015-04-28

قائمة

حركة المجتمع الجديد، وكان اسمها في البداية حركة القرية الجديدة، تكونت في مطلع سبعينيات القرن الماضي لتحقيق النمو والحداثة والتطور الاقتصادي في كوريا.
كان يتم ترديد وبث أغنيات الحركة بصوت عالٍ من فوق مكبرات الصوت من أجل تحفيز وتشجيع أهالي القرى على الانطلاق والتجديد منذ الصباح الباكر كل يوم. وقد تعوّد الفلاحون على النهوض وبدء يومهم بكل نشاط وحيوية على أنغام وإيقاع الموسيقى الحماسية المنبعثة من مكبرات الصوت.

بدأت حركة المجتمع الجديد أنشطتها وهي تحمل الأمل والبشارة بحياة كريمة مشرفة. ونجحت الحركة في تغيير مفاهيم الكوريين القرويين البسطاء الذي كانوا يعتبرون الفقر قدرهم ومصيرهم.
تعرضت كوريا خلال ربيع 1970 إلى جفاف شديد منع الفلاحين من زراعة الأرز، مما دفع السلطات الحكومية للدعوة لاجتماع للمسؤوليين المحليين لبحث كيفية اتخاذ إجراءات تساعد على التصدي لتلك الكارثة. وكان الاجتماع برئاسة الرئيس "بارك جونغ هي" نفسه، والذي اقترح تنظيم حملة ريفية قومية شاملة تقوم على مرتكزات مدروسة. وكانت تلك هي البداية الحقيقية التاريخية لحركة المجتمع الجديد.

كانت تلك الحركة تدعو لرفع الروح المعنوية والعمل من أجل النهوض والتطور من خلال التعاون والاعتماد على الذات. وكان الهدف الأول والرئيسي لها هو توفير العيش الكريم والحياة الشريفة لكل سكان المناطق الريفية والمجتمعات القروية في كوريا.

في مطلع سبعينيات القرن الماضي عند نشوء الحركة، كان نحو 80% من كل بيوت القرى الكورية مبنية من القش وكانت الكهرباء تصل إلى بيتين فقط من بين كل عشرة بيوت. كما كانت كل الطرق داخل المناطق الريفية ضيقة ومتعرجة وغير ممهدة. ولم يكن ممكنا الوصول بالسيارة إلا لنحو 30% فقط من كل المناطق الريفية في البلاد.

لكن أغلب تلك المجتمعات الريفية في كوريا بدأت تتطور وتتغير بشكل ملحوظ مع تنفيذ حركة المجتمع الجديد. وقد بدا الأمر جليا في مشهد المتطوعين والسكان وهم يرتدون قبعات زرقاء ترمز للحركة. قرويون كثيرون شاركوا في تلك المشروعات، من كل أطياف المجتمع الريفي.

في عام 1972 خصصت الحكومة الكورية حوالي 8.5 مليون دولار لتجديد اسقف بيوت القرى وتسوية الطرق، حيث بلغ الطول الإجمالي لتلك الطرق 6780 كيلومترا، وبلغ عدد الجداول والأنهار والترع التي تم تنظيفها وتنقيتها 7300. وسرعان ما ظهرت منازل حديثة مجهزة محل بيوت القش التقليدية القديمة، وانتشرت حقول الأرز وازداد عددها بشكل ملحوظ. وصار الفلاحون منهمكين في العمل على مدار العام وحتى في موسم الشتاء الطويل الذي كان موسم جمود.

كان الفلاحون تواقين لتغيير نمط حياتهم نحو الأفضل. وصارت المجتمع الريفية والقرى تتسابق نحو التجديد والتغيير والنجاح. وكان نجاح كل قرية يمثل حافزا ودافعا لقرى ومجتمعات ريفية أخرى لتحقيق تطور مماثل. وكان ذلك يتخذ عدة صور وأشكال، مثل تسوية وتمهيد الطرقات والشوارع وبناء الجسور والكباري وتنظيم حملات تبرعات لتمويل مشروعات مختلفة. من جانبها شرعت الحكومة في تنظيم مشروع خاص بتدريب وتطوير القيادات باعتبار أن وجود قيادات مؤهلة تكون قدوة، يعتبر ضمانا لوجود مجتمع أفضل. وهكذا تعددت وتكاثرت قصص وحكايات وملاحم النجاح التي كانت مصدر أخبار تصدرت صفحات الجرائد والمجلات ونشرات الأخبار في وسائل الإعلام المختلفة في مختلف أنحاء البلاد.

الدفعة الأولى من قادة حركة المجتمع الجديد كانت تسمى بحاملي الرايات من أجل تطوير وتحديث أرض الآباء والجدود. وقد نالوا الكثير من الاعترافات والأوسمة والجوائز، ونجحوا في إقناع معظم المواطنين بفائدة وأهمية التغيير.


وبعد عامين من حملات حركة المجتمع الجديد بدأت الحكومة مشروعا جديدا لرفع الدخول وزيادة المدخرات الخاصة بأهالي القرية. وكان الرئيس بارك قد وعد في خطاب له بتحقيق ذلك كهدف حكومي.

ومن أجل ذلك، تم غنشاء جمعيات تعاونية زراعية لتنظيم عمليات الفلاحة والزراعة من خلال توفير الأسمدة والمخصبات ونشر قنوات البيع والتوزيع للمنتجات الزراعية المختلفة من خضروات وفواكه وزهور. وتم كذلك توزيع أنواع جديدة من البذور سريعة النمو ووفيرة العائد من أرز وخلافه.

كما تم بناء مصانع جديدة بالقرب من القرى مما خلق وظائف ووفر فرص عمل جديدة للكثير من القرويين. وشرعت الحكومة كذلك في تدريب المزارعين على طرق وأساليب زراعة جديدة. وظهرت نتائج كل تلك الممارسات الجديدة بوضوح في نوعية حياة الفلاحين. فمتوسط دخل المواطن في المناطق الريفية قبل بدء حركة المجتمع الجديد كان لا يزيد عن 67% عن متوسط دخل المواطن في المناطق الحضرية، غير أن ذلك تغير كثيرا، حتى إنه في عام 1974 تعدى متوسط دخل المواطن الريفي متوسط دخل المواطن الحضري بنسبة كبيرة.

وبسبب النجاح الذي حققته حركة المجتمع الجديد في القرى والأرياف، بدأت الفكرة تنتشر حتى في المناطق الحضرية وفي المصانع والأسواق التجارية، حتى صارت حركة قومية شاملة.

كانت حملات حركة المجتمع الجديد في القرى ذات طابع شمولي عام لا يتقيد لا بالعمر ولا بالفئة أو الطبقة الاجتماعية ولا بالجنس أو النوع أو الإقليم. وكان الكثير من الأحياء والمناطق تعقد اجتماعاتها بشكل منتظم كأسرة واحدة ممتدة وملتزمة بكل ما فيه خير المنطقة المعنية.

قيم ومظاهر المثابرة والحرص والتعاون والاعتماد على الذات وغيرها، انتشرت بشكل مدهش. وكان الكوريون موقنين بأن تلك الروح هي ما سيخلق لهم دولة مزدهرة متطورة ومجتمعا للرفاهية والوفرة. ولذلك فقد سادت تلك الروح المجتمع بشكل كامل، وكان الحصاد نجاحا للجميع، شعبا ومجتمعا وأفرادا وحكومة.

بدأت حركة المجتمع الجديد في مطلع حِقبة السبعينيات من القرن الماضي تحت شعار "تعالوا بنا لنعيش حياةً افضل". كانت الحركة عبارة عن الرافعة النفسية التي دفعت كل افراد وقطاعات الشعب الكوري للعمل بعزم راسخ من أجل تطوير الاقتصاد، وحفزّتهم لاستلهام إرادة حرة لقهر المستحيل اعتمادا على قدراتهم الذاتية. وقد صار نجاح حركة المجتمع الجديد علامة ودرسا ونموذجا تاريخيا لكيفية تمازج المناطق الريفية والحضرية من أجل خلق تجربة تنموية فريدة على مستوى العالم.