الأخبار

شبه الجزيرة الكورية من الألف إلى الياء

من داخل كوريا الشمالية

كيف تواجه كوريا الشمالية فيروس كورونا

2020-03-26

ⓒ YONHAP News

مر شهران منذ أن بدأت كوريا الشمالية في بذل جهود شاملة لمكافحة فيروس كورونا-19، أي منذ أن بدأ ذكر الفيروس للمرة الأولى في وسائل إعلامها يوم 21 يناير، حيث أعلنت بعدها فرض حالة طوارئ وطنية ضد المرض شديد العدوى. وبالتالي أغلقت بالكامل حدودها مع العالم الخارجي منذ يوم 31 يناير، وعلقت جميع الرحلات الدولية وخدمات القطارات والشحن. وتدعي كوريا الشمالية أنه ليس لديها حالات مؤكدة من الفيروس حتى الآن. لكنها أجلت بدء العام الدراسي الجديد مرتين، وحظرت على الركاب استخدام وسائل النقل العام دون ارتداء أقنعة. وبالنظر إلى ذلك، يتوقع الكثيرون أن الفيروس انتشر بالفعل في كوريا الشمالية. 


الباحث "لي جون صوك " في جامعة الدراسات الكورية الشمالية: 

من المعروف أن البنية التحتية الطبية لدى كوريا الشمالية متخلفة جدا، فهي تحتل المرتبة 193 من بين 195 دولة في مؤشر الأمن الصحي العالمي لعام 2019 الصادر عن مركز "جونز هوبكنز" للأمن الصحي. بسبب عدم كفاية المرافق والمعدات الطبية والأدوية وكذلك سوء النظافة في كوريا الشمالية، توفي العديد من المواطنين هناك بسبب الأمراض، بما في ذلك الأمراض المعدية مثل السل والتيفود، لعدم الحصول على التشخيص أو العلاج المناسب. أعتقد أن كوريا الشمالية تتكتم على تفشي فيروس كورونا. لقد اندلع الفيروس في الصين في نوفمبر الماضي، ومن ثم أغلقت كوريا الشمالية حدودها مع الصين في أواخر يناير. وخلال تلك الفترة، أتخيل أن عددًا لا يحصى من المهربين كانوا يعملون على طول الحدود بين البلدين. أي أن العديد من الكوريين الشماليين سافروا من وإلى الصين رسميًا وبشكل غير رسمي قبل إغلاق الحدود. وبالنظر إلى ذلك، فإنني أشكك في ادعاءات كوريا الشمالية بأنها لم تسجل حالة مؤكدة واحدة من الإصابة بالفيروس.


نظرًا لأن المجتمع الدولي أصبح شديد الحذر من فيروس كورونا، فقد اتخذت كوريا الشمالية إجراءات صارمة لتعزيز الحجر الصحي في الموانئ والمناطق الحدودية. ووفقًا لصحيفة رودونغ شين مون، وهي الصحيفة الرسمية لحزب العمال الحاكم في كوريا الشمالية، تم تعزيز اللوائح المتعلقة بالحجر الصحي وتطهير البضائع المستوردة، كما تم توفير ملابس واقية ومعدات للحجر الصحي ومطهرات للموانئ والمناطق الحدودية.


الباحث "لي جون صوك " :

تركز المبادئ التوجيهية الجديدة التي وضعتها السلطات الكورية الشمالية على منع دخول فيروس كورونا-19 إلى البلاد من الخارج. تحدد المبادئ التوجيهية معايير المطهرات والملابس الواقية، وكذلك الطرق المختلفة لتعقيم القطارات والشاحنات والسفن. لقد شددت الحكومة الكورية الشمالية مرارا على إجراءات الحجر الصحي من خلال وسائل الإعلام الحكومية. لكن في الواقع، من الصعب تنفيذ تلك الإجراءات. للتصدي لتفشي مرض الالتهاب الرئوي الحاد، "سارس"، في عام 2003، كان الكوريون الشماليون يشربون ببساطة عصير الثوم لاعتقادهم بأنه مطهر. في هذه المرة أيضًا، لا أعتقد أن هناك ما يكفي من المطهرات في الشمال. ربما، تم جلب ملابس واقية على عجل من الصين. وقد أظهر التلفزيون أو الصحف الكورية الشمالية جهود الحجر الصحي المكثفة. لكن ذلك كان في الغالب لأغراض الدعاية. من الناحية العملية، من الصعب على المسؤولين استخدام معدات الحجر الصحي


في يوم 17 مارس قالت صحيفة "رودونغ شين مون" إن إجراءات الطوارئ جارية في جميع أنحاء البلاد لمنع فيروس كورونا-19 من الدخول والانتشار، كما أشارت إلى أنه تم تحقيق إنجازات رائعة في تطوير علاجات وأقنعة ومعقمات.


الباحث "لي جون صوك " :

تقول الصحيفة إن التطهير الشامل يحدث في صالونات الحلاقة وصالونات تصفيف الشعر، حيث تخضع جميع المستلزمات للتطهير بالأشعة فوق البنفسجية كما يتم تعقيم أجهزة تنقية الهواء بشكل منفصل، لكنني أعتقد أن عددًا قليلاً فقط من هذه الأماكن في البلد بأكمله مزود بأجهزة لتنقية الهواء. في يوم 25 فبراير، أفادت كوريا الشمالية بأن المعاهد الطبية المحلية وقسم الصيدلة في كلية الطب في بيونغ يانغ كانت تجري اختبارات سريرية لدواء مضاد لفيروس كورونا-19، وقالت أيضا إن الدولة نجحت في تطوير قناع جديد ومولد هباء فوق صوتي، زعمت أنه سيساعد على منع وعلاج أمراض الجهاز التنفسي عند تنشيطه بالماء المالح وعصير الثوم والمضادات الحيوية. ومن المهم أن نذكر هنا أن جميع التقارير التي تظهر في وسائل الإعلام الكورية الشمالية تتبع بدقة الإرشادات التي أصدرتها إدارة الدعاية والتوجيه في حزب العمال.


في محاولة لاحتواء الفيروس، فرضت كوريا الشمالية على شعبها ارتداء الكمامات. ومنذ أوائل الشهر الماضي، أظهرت صور الأخبار السكان في الشمال وهم يرتدون كمامات، لكن تلك الكمامات بدت غريبة نوعًا ما، حيث لا يظهر في تلك الكمامات البيضاء إضاءة أو ظل على الإطلاق، كما لا يبدو أن التصاقها بالوجه طبيعيًا، مما يجعل المراقبين يعتقدون أن تلك الصور تم تحويرها. وإذا كان ذلك صحيحًا، يمكننا أن نفترض أن كوريا الشمالية تجد صعوبة في تأمين كمامات كافية. 


الباحث "لي جون صوك " :

من الواضح أنه من الصعب على الكوريين الشماليين الحصول على كمامات للوجه. تدعي كوريا الشمالية أن عددًا من مصانع الملابس في جميع أنحاء البلاد ينتج عشرات الآلاف من الكمامات يوميًا لتلبية الطلب. ومع ذلك، ظلت كوريا الشمالية تخضع لعقوبات دولية صارمة، كما تم تعليق تجارتها مع الصين تقريبًا، بسبب المخاوف من انتشار الفيروس الفتاك. من الطبيعي أن يجد الشمال صعوبة في تأمين المواد اللازمة لإنتاج الكمامات، على الرغم من ادعاءات السلطات. باستثناء كبار المسؤولين ورجال الأعمال المنخرطين في التجارة والأطقم الطبية، أعتقد أن المواطنين بشكل عام يرتدون كمامات صنعوها من الملابس البالية. بالطبع، هذه الكمامات ليست صحية أوفعالة على الإطلاق.


يقول بعض المحللين إن كوريا الشمالية تمكنت من وقف انتشار الفيروس من خلال إجراءات وقائية جذرية في مرحلة مبكرة، وأشاروا إلى أن كوريا الشمالية أجرت القليل من التبادلات مع مدينة ووهان الصينية، حيث نشأ الفيروس، وأغلقت أبوابها مع الصين بسرعة. أيضا، فإن السفر مقيد للغاية في كوريا الشمالية، وبالتالي فإن احتمال الإصابة بالعدوى منخفض إلى حد ما. وعلاوة على ذلك، شارك الجنود الكوريون الشماليون في تدريبات عسكرية مؤخرًا. وبالإشارة إلى كل ذلك، يعتقد المحللون أن حالة الفيروس ليست خطيرة للغاية في كوريا الشمالية. 


الباحث "لي جون صوك " :

كوريا الشمالية هي الدولة الأكثر إنغلاقًا في العالم. ويمكنها أن تمنع كل شيء من العالم الخارجي. وقد أغلقت حدودها لمدة ستة أشهر خلال تفشي فيروس سارس في عام 2003 ولمدة أربعة أشهر خلال وباء إيبولا في عام 2014. وفي ذلك الوقت، زعمت بيونغ يانغ أنها لم تسجل أي حالات على الإطلاق. ولكن على الرغم من أن حدودها مغلقة بإحكام في الوقت الحالي، إلا أنه من المستحيل منع المهربين من عبور الحدود لأنهم يخاطرون بحياتهم من أجل البقاء، كما أن لديهم صلات مع حرس الحدود، الذين يتلقون أموالا مقابل غض الطرف عنهم. ليس من الممكن أيضًا وضع جميع المرضى المشتبه بهم تحت الحجر الصحي وعلاج المرضى المؤكدين، نظرا للنظام الطبي غير الفعال في البلاد. وحتى لو كانت هناك وفيات مرتبطة بالفيروس، فلن تكشف الدولة الشيوعية عنها، لأنها تدعي أن نظام الرعاية الصحية الاشتراكي الخاص بها هو الأكثر تقدمًا في العالم. بغض النظر عن عدد الإصابات أو الوفيات التي قد تشهدها، تحتاج كوريا الشمالية لأن تُظهر للداخل والخارج أن القيادة العظيمة للزعيم "كيم جونغ أون" ونظامها الصحي الممتاز يحميان البلاد والشعب من الوباء العالمي.


يمكن أن تكون الجهود التي تركز على منع دخول فيروس كورونا إلى كوريا الشمالية، بما في ذلك إغلاق الحدود، فعالة في المراحل المبكرة. ولكن في حالة انتشار المرض المعدي في كوريا الشمالية، فقد يتطور الوضع بطريقة لا يمكن التنبؤ بها. وللحد من هذا الخطر غير المرغوب فيه، سيكون من الضروري على الكوريتين بناء نظام تعاوني في مجال الرعاية الصحية بشكل عاجل. 

أحدث الأخبار