الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الاقتصاد

ما تعنيه التغييرات في عائدات السندات الأمريكية

#قضية اقتصادية l 2021-04-05

ⓒ Getty Images Bank

تحدثت الأخبار الاقتصادية كثيرا مؤخرا عن موضوع عائدات السندات الحكومية الأمريكية. فقد ارتفعت عائدات السندات في الولايات المتحدة بشكل حاد، مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر. وكان مثل هذا الارتفاع الحاد في عائدات السندات الأمريكية نادرا على مدى العقديْن الماضيين. وفي مثل هذا الوقت تقريبا من العام الماضي، تراجعت عائدات الخزانة الأمريكية، حيث كانت تسيطر على السوق مخاوف من تفشي وباء كورونا. أما الآن، فيبدو أن الارتفاع في عوائد السندات يشير إلى أن السوق قد عادت إلى طبيعتها، كما يمكن اعتباره علامة على الانتعاش الاقتصادي. لكن العديد من المحللين يقولون إن ارتفاع عائدات السندات ليس مؤشرا جيدا دائما للسوق. وقد يبدو أن عائدات السندات الأمريكية لا علاقة لها بكوريا، لكنها في الواقع يمكن أن يكون لها تأثير على فوائد قروض الائتمان وقروض الرهن العقاري في كوريا، وكذلك على الاقتصاد الكوري. 


معهد الاقتصاد والصناعة الكوري الباحث "كيم كوانغ صوك":

 يسمى المستند الذي يثبت الديْن المستحق بـ"سند ضمان"، وهو يتضمن تفاصيل القرض ومدفوعاته. قد تقترض الحكومات والشركات الأموال عند الضرورة. وفي هذه الحالة، يصدرون سندات ضمان، بينما يسمى بخلاف ذلك بـ"سند". إذا أصدرت الحكومة سندا، يطلق عليه "السند الحكومي"، وإذا أصدرت شركة سندا، فيتم الإشارة إليه على أنه سند شركة. ومثل القرض، السند يدفع فائدة.

تعتبر السندات الحكومية أصولا آمنة. وعندما لا يكون الاقتصاد في حالة جيدة، يكون المستثمرون أكثر اهتماما باستثمارات الملاذ الآمن مثل السندات الحكومية، مما يتسبب في انخفاض عائدات السندات. ولكن عندما يظهر الاقتصاد علامات على التحسن، يميل المستثمرون إلى مغادرة سوق السندات والبحث عن بدائل أكثر خطورة وأكثر ربحية، مما يؤدي إلى ارتفاع عوائد السندات. لذلك، يتم تفسير ارتفاع أسعار السندات الحكومية على أنه علامة على الانتعاش الاقتصادي. ولكن لماذا يهتم العالم بأسره بأسعار سندات الخزانة الأمريكية على وجه الخصوص؟ السبب هو أنها يمكن أن تؤدي إلى رفع أسعار الفائدة في البلدان الأخرى، وتعكس تغييراتها حالة السوق. وكما أشرنا من قبل، أظهرت عائدات السندات الأمريكية اتجاها تصاعديا في الآونة الأخيرة.

معهد الاقتصاد والصناعة الكوري الباحث "كيم كوانغ صوك":

 بفضل الإطلاق السريع لعمليات التطعيم باللقاحات المضادة لفيروس كورونا في الولايات المتحدة، تعافت مشاعر المستهلكين والشركات إلى المستويات التي كانت عليها قبل حدوث الوباء. وتحسنت المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، مثل الصادرات والتوظيف هذا الشهر بشكل واضح على أساس سنوي، بسبب ما يسمى بـ"تأثير القاعدة الإحصائية"، كما أن حزمة التحفيز الهائلة التي تنفذها حكومة بايدن ترفع التوقعات بحدوث انتعاش اقتصادي. هذه العوامل تضع ضغطا تصاعديا على عائدات السندات الأمريكية.

يؤدي الانتعاش الاقتصادي بشكل عام إلى زيادة الاستهلاك وارتفاع الأسعار، أي أن ارتفاع عائدات السندات يمكن أن يكون نذيرا بحدوث تضخم. ولذلك فإن البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم قلقة بشأن هذه المسألة، وقد يفكرون في رفع أسعار الفائدة الرئيسية من أجل ترويض التضخم، لأن الزيادة المفاجئة في الأسعار ستولد آثارا جانبية مختلفة. والآن تتجه عيون العالم مرة أخرى إلى الولايات المتحدة، حيث تراقب العديد من الدول ما إذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيرفع سعر الفائدة الأساسي في وقت أبكر مما كان متوقعا، وإن كان سيشدد سياساته النقدية كاستراتيجية للخروج.

معهد الاقتصاد والصناعة الكوري الباحث "كيم كوانغ صوك":

 عملت الحكومات في العديد من البلدان بنشاط على توفير السيولة للسوق للمساعدة في تخفيف الصدمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا، كما قامت بتخفيض أسعار الفائدة، لأن أسعار الفائدة المنخفضة ستشجع الشركات على زيادة الاستثمارات وتحفيز الاستهلاك وزيادة فرص العمل. لكن العديد من الدول لم تتعاف بعد من صدمة فيروس كورونا. لقد شهدت بعض البلدان المحظوظة تحسنا في مشاعر المستهلكين والاستثمار بعد توزيع اللقاحات، في حين أن بعض البلدان النامية لم تجلب اللقاحات حتى الآن. وفي هذه الحالة، قد يكون رفع أسعار الفائدة بمثابة صدمة كبيرة للبلدان غير المستعدة للتعافي بعد. ولذلك لا يزال يتعين عليهم الحفاظ على اتجاه سعر الفائدة منخفضا لتنشيط اقتصاداتهم. لكن العوائد على سندات الخزانة الأمريكية آخذة في الارتفاع، مما يوسع الفجوة بين قيمة الدولار الأمريكي وقيمة عملات بعض الاقتصادات الناشئة، وهو ما قد يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال من تلك البلدان.

من ناحية أخرى، فإن العائد على السندات الحكومية الكورية ظل أيضا في ارتفاع متزامن مع ارتفاع أسعار السندات الأمريكية. ويتحول الاهتمام إلى ما إذا كان البنك المركزي الكوري سوف يرفع سعر الفائدة الرئيسي، بعيدا عن مخاوف التضخم. ومن جانبه قال البنك المركزي إنه ليس لديه خطة لتغيير سياساته النقدية، لكن المحللين يتوقعون أن زيادة أسعار الفائدة ستكون حتمية إذا أدت الارتفاعات المستمرة في عائدات السندات الأمريكية إلى زيادة التضخم.

معهد الاقتصاد والصناعة الكوري الباحث "كيم كوانغ صوك":

 أعتقد أن رفع أسعار الفائدة سيثني الشركات عن الاستثمار واستكشاف صناعات جديدة واعدة. يشعر الكثيرون بالقلق أيضا بشأن ديون الأسر وديون الشركات وديون الحكومة في كوريا، والتي تستمر جميعها في الارتفاع. إذا توجب على اللاعبين الاقتصاديين دفع المزيد من الفوائد، فسوف يمتنعون عن الأنشطة الاقتصادية بما في ذلك الاستهلاك. بعبارة أخرى، ستضع زيادة أسعار الفائدة عبئا ثقيلا على عاتقهم لتقليل زخم التعافي في البلاد.

ولكن على الرغم من ذلك، هناك سبب آخر يجعل من الصعب إطالة اتجاه سعر الفائدة المنخفض. فإذا كانت أسعار الفائدة في كوريا أقل من نظيرتها في الولايات المتحدة، فسوف ينسحب رأس المال الأجنبي من السوق الكورية. ولهذا السبب قامت بعض الاقتصادات الناشئة مثل البرازيل وتركيا وروسيا برفع أسعار الفائدة الأساسية. في الواقع، حذر صندوق النقد الدولي من هروب رؤوس الأموال من البلدان النامية نتيجة لارتفاع عائدات السندات الأمريكية. وبينما تصنف كوريا الجنوبية على أنها اقتصاد ناشئ، فإن التضخم لديها ليس حادا للغاية، ولذلك من غير المرجح أن تنخفض قيمة العملة المحلية بشكل حاد، كما أن هناك إمكانية محدودة لهروب رؤوس الأموال الأجنبية. ومع ذلك، تستعد الدول الآسيوية الرئيسية، بما في ذلك اليابان، لتشديد سياساتها النقدية داخليا.

معهد الاقتصاد والصناعة الكوري الباحث "كيم كوانغ صوك":

 يجب أن تكون كوريا الجنوبية أكثر حرصا عند اتخاذ القرارات ذات الصلة بتدابير السياسات النقدية، كما يجب أن تراقب الحكومة الكورية عن كثب أي تغيير في السياسات الاقتصادية للدول المتقدمة. وأيضا يتعين على السلطات المالية دراسة الاستراتيجيات المتعلقة بالصادرات إلى الاقتصادات الناشئة، بالنظر إلى إمكانية حدوث أزمة اقتصادية في تلك البلدان. وقد تتقلب مؤشرات الاقتصاد الكلي بشكل كبير بما يتماشى مع التغيرات في أسعار الفائدة العالمية. ومن ثم تحتاج كوريا إلى مراقبة العملات الأجنبية وأسواق الأوراق المالية بشكل نشط، والتوصل إلى إرشادات مناسبة حتى لا يتأثر اللاعبون الاقتصاديون بشدة بتقلبات السوق.

تزداد الأوضاع الاقتصادية تعقيدا داخل وخارج كوريا الجنوبية، ولذلك تحتاج الحكومة الكورية إلى العمل على إنعاش الاقتصاد المتضرر من الوباء، وإدارة ديون الأسر والشركات المتزايدة باستمرار، ومنع هروب رؤوس الأموال الأجنبية، كما يجب أن تراقب بعناية تحركات عائدات السندات الأمريكية، مع وضع تدابير لتقليل التأثيرات الناجمة عن اضطراب السوق.

مصطلح اقتصادي مثير للاهتمام، ومصطلح هذا الأسبوع هو "FIRE Movement"، أي "حركة فاير". وكلمة "FIRE" في هذا المصطلح هي اختصار مكون من الحروف الأولى من عبارة باللغة الإنجليزية تعني "الاستقلال المالي، والتقاعد مبكرا"، حيث يسعى الكثيرون حاليا إلى التقاعد وهم في أواخر الثلاثينيات أو أوائل الأربعينيات من العمر، أي قبل سن التقاعد التقليدي بكثير. ولهذا الغرض، فإن الناس في العشرينيات من العمر الذين قد بدؤوا للتو حياتهم المهنية، يكونون على استعداد لتقليل الاستهلاك، ويعيشون بشكل مقتصد للغاية، لتوفير ما يصل إلى 80% من دخلهم من أجل الاستعداد للتقاعد المبكر، وليس لكي يصبحوا أغنياء. ولكي ينجحوا في تخفيض تكاليف معيشتهم، ينتقلون إلى منازل أصغر، ويستخدمون سيارات قديمة، ويقلصون الإنفاق على تناول الطعام في الخارج وعلى السفر. وقد ظهرت حركة "فاير" لأول مرة في الولايات المتحدة في التسعينيات من القرن الماضي، وانتشرت في جميع أنحاء العالم في أعقاب الأزمة المالية العالمية في عام 2008. والكثير من دعاة هذه الحركة متعلمون جيدا ويتقاضون رواتب عالية. ويقول المحللون إن هذا الاتجاه له علاقة بالرضاء عن العمل، ومعدلات بطالة الشباب المرتفعة، والشكوك الاقتصادية المتزايدة.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;