يقدر المؤرخون أن الكاياغم قد ابتكرت قبل القرن الميلادي السادس، أي أن عمرها يتجاوز ألف وخمسمائة عام. وكانت الآلة الأصلية لها 12 وترًا فوق جسم خشبي مصنوع من أشجار قفاز الثعلب، لكن الكاياغم المستخدمة هذه الأيام لعزف المقطوعات الإبداعية لها 25 وتر. وحتى الذين لا يعرفون الموسيقى الكورية التراثية جيدًا يعدون الكاياغم أيقونة موسيقى الكوغاك الكورية التراثية. وصوتها الواضح الخفيف يتيح لعازفها التعبير عن طيف واسع من المشاعر والأنواع الموسيقية المختلفة. وأصبح من المعتاد أن نرى محترفي الموسيقى التراثية يعزفون المقطوعات الغربية الحديثة باستخدام الكاياغم. ولا شك أن "هوانغ بيونغ-غي" هو رائد عزف الكاياغم الإبداعي الحر. في ستينيات القرن الماضي، تخلى العديد من الموسيقيين عن الموسيقى التراثية التي ظل حالها يتدهور باستمرار حتى كادت تختفي. تغير كل ذلك عندما أطلق "هوانغ بيونغ-غي" مقطوعة بعنوان "غابة" عزفها عزفًا حرًّا على الكاياغم، ليستعرض القدرات الكامنة في هذه الآلة الساحرة الصغيرة. وأول ما سنستمع إليه اليوم، هو المقطع الثاني بعنوان "بوكوغي 뻐꾸기"، والمقطع الثالث بعنوان "بي 비" أو مطر من مقطوعة "سوب 숲" أو غابة، عزف "هوانغ بيونغ-غي" على الكاياغم، و"أن هييه ران" على الجانغو.

بدأ "هوانغ" في عزف الكاياغم في مدينة بوسان عام 1951 عندما كان طالبًا في المدرسة الإعدادية. وفي العام الذي تخرج فيه في كلية القانون بجامعة سيول الوطنية، افتتح أول قسم لتدريس الموسيقى التراثية في كلية الموسيقى بالجامعة نفسها. استطاع "هوانغ" أن يدرس الموسيقى التراثية في ذلك القسم بناء على ترشيح "هيون جيه-ميونغ" الذي كان مدير كلية الموسيقى في ذلك الوقت. وكان الناس ينظرون نظرة دونية للموسيقى التراثية في ذلك الوقت، ولذلك لم يكن من المعتاد أن يعمل خريج قانون في تدريس الموسيقى التراثية. تردد "هوانغ" كثيرًا في قبول العرض، لأسباب مفهومة، لكن مدير كلية الموسيقى أقنعه بالأمر في النهاية، إذ قال له إن البلاد بها الكثير من المحامين، لكن ليس فيها إلا قلة نادرة من عازفي الكاياغم الموهوبين، وإنه يجب ألا يضيع تلك الفرصة النادرة كي يفعل شيئًا جديدًا مميزًا. كان هوانغ يحب ابتكار انواع جديدة من الموسيقى. وقد كتب "غابة" أولًا كأغنية "كاغوك"، وهي من الأغاني الكورية التراثية، مستوحاة من قصيدة الشاعر "باك دو-جين" بعنوان "تشونغ سان دو" أو الطريق إلى الجبل الأزرق، لكنه غير رأيه بعد فترة، وجعلها مقطوعة عزف حر مخصصة للكاياغم، لأنه كان خبيرًا في عزفها. وضعته مقطوعة "غابة" في مقدمة الملحنين الموهوبين، وسافر حول العالم ليعرف الناس بالكاياغم، الآلة الكورية التراثية الساحرة. وسوف نستمع الآن إلى الحركة الأولى والثانية من مقطوعة "تشيم هيانغ مو 침향무"، أو الرقص وسط البخور العطر، وهي من أكثر أعمال "هوانغ بيونغ-غي" على الكاياغم شيوعًا، وهي مستوحاة من رقصات أهل مملكة شيلا القديمة أمام تمثال بوذا. نستمع إليها الآن بعزف "هوانغ بيونغ-غي" على الكاياغم، و"أن هييه-ران" على الجانغو.

ألف "هوانغ" مقطوعة "تشيم هيانغ مو 침향무" –التي صدرت عام 1974- وهو يتخيل كيف كانت موسيقى عصر شيلا القديم. ولذلك، فبدلًا من عزف الكاياغم بطريقة تقليدية، راح يجرب طرقًا جديدة، مثل استخدام أصابعه لتحريك الأوتار. كما استخدم نفس التكنيكات مع طبول الجانغو المزدوجة، فكان يقرع جسم الطبل الشبيه بالساعة الرملية، بدلًا من قرع رأسي الطبل على طرفي الجسم المتقابلين. حقق "هوانغ" شهرة عالمية بسبب طرقه غير المألوفة في العزف، ونغماته المميزة المتفردة. وسوف نستمع الآن إلى "ميكونغ 미궁"، وهي من أكثر أعمال "هوانغ" تميزًا. وقد ألفت بناء على طلب مهرجان الموسيقى الحديثة العالمي الذي عقد في المسرح القومي في كوريا عام 1975. وقد قرر أن يستغل الفرصة لتأليف مقطوعة موسيقية على أعلى مستوى. عزف أوتار الكاياغم بعصا كالفيولين، وعزف على جسمها الخشبي عن طريق المسح عليه بعصا قرع طبل الجانغو. كما استخدم أصوات ضحك وبكاء الناس ليصنع مؤثرات صوتية مميزة. كانت هذه المقطوعة غريبة وصادمة لدرجة أنه تقرر منع عزفها، واستمر الحظر على عزفها ثلاث سنوات، كما شاعت أسطورة بين المراهقين أن من يستمع إلى هذه المقطوعة لثلاثة مرات متتالية، فالموت هو مصيره.

المقطوعات المقدمة في حلقة هذا الأسبوع:

-    "بوكوغي 뻐꾸기"، والمقطع الثالث بعنوان "بي 비" أو مطر من مقطوعة "سوب 숲" أو غابة، عزف "هوانغ بيونغ-غي" على الكاياغم، و"أن هييه ران" على الجانغو.

-    مقطوعة "تشيم هيانغ مو 침향무"، أو الرقص وسط البخور العطر، بعزف "هوانغ بيونغ-غي" على الكاياغم، و"أن هييه-ران" على الجانغو.

-    "ميكونغ미궁"، بعزف "هوانغ بيونغ –غي" على الكاياغم، وغناء "هونغ شين-جا".