الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

الوزير والمظلة

2021-10-08

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، وتحديدًا في عصر جوسون، كان الناس يطلقون على الموظفين الحكوميين ذوي الضمائر اليقظة والسجلات النظيفة اسم "تشونغ بيك ري"، وهو اسمٌ يشير إلى نظافة سجل صاحبه واستقامته في حياته المهنية. وخلال عصر جوسون الذي امتد 500 عام، لم يحظَ بهذا اللقب رسميًّا سوى 150 شخصًا فقط. ومن أشهر هؤلاء الذين حصلوا على هذا اللقب، رجلٌ من العاملين في القصر عُرف باسم "يو غوان"، وكان مستشارًا للدولة في عصر الملك "سيجونغ" في القرن 15. ورغم أنه كان من كبار رجال الدولة، ظل يعيش في كوخٍ بسقف من القش طوال حياته، ولم يكن يرتدي إلا الملابس المتواضعة. وقيل إنه كان يذهب إلى عمله سيرًا على الأقدام وهو يستند على عكاز، رغم أنه كان مؤهلًا لركوب هودج أو عربة. كما كان يزرع الخضراوات في باحة منزله الخلفية. فكان من الممكن أن يختلط الأمر على الناس فيظنونه من العامة أو الفلاحين. وفي قصتنا اليوم، سنستعرض تواضعه واستقامته.

ذات يوم صيفي، جلس "يو" يطالع كتابًا في غرفته، حيث سقطت نقطة ماء من السقف على صفحة من صفحات الكتاب. عندما نظر إلى أعلى وجد الماء قد تسرب عبر السقف تاركًا بقعًا رطبة واضحًا. عندما نظر عبر النافذة إلى الخارج، اكتشف أنه قد استغرق في القراءة تمامًا ففاته أن المطر الغزير ينهمر في الخارج. كان كوخه قديمًا متهالكًا، وكان السقف القش مهترئًا غيرَ قادرٍ على عزل الماء الناتج عن الأمطارِ الغزيرة، مما جعل الماء يتسرب إلى داخل المنزل. كان وحده في المنزل بعدما خرجت زوجته لتقضي حاجة ما، وظل هو يسير داخل غرفته ذهابًا وإيابًا في ارتباك وحيرة، وهو لا يدري ما يجب أن يفعله في ذلك الموقف. وبينما هو كذلك، رأى مظلة على الأرض، فابتسم لنفسه في سرور.

عندما عادت الزوجةُ إلى المنزل ودخلت غرفة زوجها، صُعقت مما رأت. فقد كان زوجها جالس يقرأ كتابًا ما وهو يمسك مظلة. سألته مندهشة: "ما هذا المشهدُ الغريب الذي أرى؟ ماذا حدث؟" فأجابها بابتسامة: "لا شيء! إنني أقرأ كتابي وأنا ممسكٌ بالمظلة لأن ماء المطر يتسرب من السقف". أدهشتها إجابته أكثر وأكثر، ولكنها كانت تعرف زوجها جيدًا، فلم تعلق. بل اقتربت منه، وجلست بجواره وهي تحمل مظلة أخرى.

قال لها: "بفضل هذه المظلة، نستطيع أن نتحاشى ماء المطر. إننا من المحظوظين. ولكن ماذا عن هؤلاء الذين لا يملكون مظلات؟ لا بد أن الفصل المطير قاسٍ عليهم". اندهشت زوجته من جديد من قلقه على الفقراء الآخرين بينما هو غارق في مشكلته عاجز عن حلها، ولكنها لم تتحدث عن ذلك، بل قالت في حنان متفهم: "لا تقلق. لا شك أن من لا يملك مظلة سيجد طريقة أخرى ليحل بها المشكلة". وحرصت على ألا تذكر له أن من يملك سقفًا لا يسرب الماء لن يحتاج إلى أي مظلة. انتشرت قصة المظلة بين الناس في القرية، وصاروا يطلقون عليه "وزير المظلة". وعندما مات الوزير، حزن الملك على موته، وارتدى ملابس بيضاء علامة على العزاء والاحترام.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;