ⓒ YONHAP News

في تصريحات أدلى بها مؤخرا، قال وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكين" إن إدارة "جو بايدن" تمضي قدما في تعيين مبعوث خاص لحقوق الإنسان في كوريا الشمالية. جاء ذلك في جلسة استماع للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب يوم 7 يونيو، حيث أضاف "بلينكين" أنه لا يوجد حتى الآن جدول زمني محدد لهذا التعيين، مشيرا إلى أن عملية التدقيق قد أصبحت أكثر تعقيدا وتستغرق وقتا أطول. 

المعلق السياسي "تشيه يونغ إيل ":

تهتم إدارة "جو بايدن" بشدة بأوضاع حقوق الإنسان في كل من الصين وكوريا الشمالية، فمنذ تنصيب "بايدن"، ساد الاعتقاد على نطاق واسع بأنه سيعين قريبا مبعوثا خاصا لحقوق الإنسان في كوريا الشمالية. من المتوقع أن تتبنى الولايات المتحدة استراتيجية ذات مسارين للتواصل مع كوريا الشمالية، دبلوماسيا من خلال ممثلها الخاص الجديد لكوريا الشمالية من ناحية، ومن ناحية أخرى الضغط على بيونغ يانغ فيما يتعلق بقضية حقوق الإنسان. قد يستغرق تعيين مبعوث خاص لحقوق الإنسان في كوريا الشمالية بعض الوقت، ربما بضعة أشهر، حيث تعمل الولايات المتحدة الآن على التواصل مع بيونغ يانغ من خلال ممثلها الخاص لكوريا الشمالية.

تم تعيين مبعوث أمريكي خاص لحقوق الإنسان في كوريا الشمالية بعد أن سن الكونغرس "قانون حقوق الإنسان في كوريا الشمالية" في عام 2004، ثم أقره بالإجماع مجلس النواب، وكذلك مجلس الشيوخ، في نفس العام. وبعدها مباشرة، قام الرئيس الأمريكي آنذاك "جورج دبليو بوش"، بالتوقيع على هذا القانون الذي يدعو إلى تحسين أوضاع حقوق الإنسان للشعب الكوري الشمالي، وتقديم مساعدات إنسانية، وحماية الهاربين الكوريين الشماليين كلاجئين. وينص القانون على توفير 24 مليون دولار سنويا من عام 2005 إلى 2008 لتمويل الأنشطة المتعلقة بتعزيز حقوق الإنسان في كوريا الشمالية. وفي عام 2008، وافق الكونغرس بالإجماع على تمديد القانون، وفي العام التالي، تم تعيين "روبرت كينغ" مبعوثا خاصا لحقوق الإنسان في كوريا الشمالية.

المعلق السياسي "تشيه يونغ إيل ":

على عكس سلفه، الذي شغل منصبا مؤقتا، تولى "روبرت كينغ" منصبه بدوام كامل برتبة سفير. في ذلك الوقت، كان الكوريون الشماليون في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية، وكانوا يعانون من نقص الغذاء وأنظمة الرعاية الصحية غير الملائمة. وكانت المناقشات جارية حول توفير برنامج الغذاء العالمي للغذاء للشعب الكوري الشمالي الجائع بالإضافة إلى المساعدة الطبية للأطفال في البلاد. وقد ساعد "كينغ" في حل هذه القضايا. في ذلك الوقت، أصبحت قضية حقوق الإنسان في كوريا الشمالية معروفة للعالم الخارجي، بينما ركزت كوريا الشمالية على تطوير أسلحتها النووية. أقامت الدول المعنية محادثات نووية سداسية الأطراف بهدف إقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن طموحاتها النووية. وقد ساهم "كينغ" في تسهيل عملية تنظيم المفاوضات متعددة الأطراف خلف الكواليس.

لكن منصب المبعوث الأمريكي الخاص لحقوق الإنسان في كوريا الشمالية ظل شاغرا خلال السنوات الأربع الماضية منذ يناير 2017، عندما تقاعد "كينغ". وقد أعربت إدارة "جو بايدن" عدة مرات منذ تنصيبها عن مخاوفها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في كوريا الشمالية. وخلال القمة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة في مايو، أصدر "بايدن" إعلانا غير متوقع بأنه قرر تعيين "سونغ كيم"، السفير الأمريكي السابق في إندونيسيا، كممثل خاص إلى كوريا الشمالية، ليكون مسؤولا عن المفاوضات مع كوريا الشمالية.

المعلق السياسي "تشيه يونغ إيل ":

في تطور مفاجئ، عين "بايدن" ممثلا خاصا لكوريا الشمالية أولا، قبل تعيين مبعوث خاص لحقوق الإنسان. هذا يدل على احترام الولايات المتحدة لمبادرة الرئيس الكوري الجنوبي "مون جيه إين" للسلام، المعروفة باسم "عملية السلام في شبه الجزيرة الكورية"، والتزامه بدفع العلاقات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة إلى الأمام. أيضا يُظهر تعيين "سونغ كيم" أن إدارة بايدن تركت الباب مفتوحا للحوار مع كوريا الشمالية، مما زاد من الآمال في أن يتمكن الجانبان من تنشيط قناة حوار قبل أن تقوم الولايات المتحدة بتعيين مبعوث خاص لحقوق الإنسان في كوريا الشمالية.

أثار القانون الأمريكي لحقوق الإنسان في كوريا الشمالية رد فعل قوي من جانب بيونغ يانغ، التي وصفته بأنه "يستهدف خلق بيئة للإطاحة بالنظام الكوري الشمالي". وانتقدت بيونغ يانغ واشنطن لاستخدامها قضية حقوق الإنسان كسياسة معادية. عندما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "نيد برايس" في بيان إن كوريا الشمالية هي واحدة من أكثر الدول قمعا في العالم، رد عليه المتحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الشمالية قائلا إن الولايات المتحدة تهين كرامة القيادة العليا لكوريا الشمالية.

المعلق السياسي "تشيه يونغ إيل ":

تدّعي كوريا الشمالية أنها لا تنتهك حقوق الإنسان على الإطلاق، كما أنها لا تعترف بالتقارير الدورية أو غير الدورية الصادرة عن الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة حول أوضاع حقوق الإنسان فيها، وتصف مثل هذه التقارير بأنها سياسة معادية تجاهها، كما تقول إن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي يتدخلان في شؤونها الداخلية ويحتقرانها بذكر قضية حقوق الإنسان. ولذلك، ظلت بيونغ يانغ شديدة الحساسية ومنزعجة من المبعوثين الأمريكيين لحقوق الإنسان ومن قانون حقوق الإنسان في كوريا الشمالية، وقرارات الأمم المتحدة بشأن هذه القضية. وفي حال عينت الولايات المتحدة مبعوثا خاصا لحقوق الإنسان في كوريا الشمالية، فمن المرجح أن تنتقد بيونغ يانغ الولايات المتحدة بشدة. 

في غضون ذلك، عُقدت قمة مجموعة السبع في مدينة "كورن وول" في إنجلترا خلال الفترة من 11 إلى 13 يونيو. وقد تمت دعوة كوريا الجنوبية لحضور القمة هذا العام كضيفة إلى جانب أستراليا وجنوب إفريقيا والهند. وخلال المؤتمر، ناقش المشاركون مختلف القضايا العالقة بما في ذلك سبل التغلب على جائحة كورونا وتغير المناخ. وتضمن البيان الصادر عن القمة المخاوف المتعلقة بكوريا الشمالية، بما في ذلك قضية حقوق الإنسان.

المعلق السياسي "تشيه يونغ إيل ":

تناولت القمة الأخيرة في شهر مايو بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة قضية حقوق الإنسان في كوريا الشمالية ببساطة من حيث المبدأ، كما ذكرت "إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية"، وأعتقد أن هذا التعبير يمكن أن تقبله كوريا الشمالية. لكن البيان المشترك الذي تم الإعلان عنه في قمة مجموعة السبع يعالج نفس القضايا بشكل أكثر تحديدا، حيث يدعو إلى التخلي بشكل يمكن التحقق منه ولا رجعة فيه عن أسلحة الدمار الشامل غير المشروعة لدى كوريا الشمالية، وبرامج الصواريخ الباليستية، كما يدعو كوريا الشمالية إلى احترام حقوق الإنسان للجميع. وبطبيعة الحال، لن تجذب هذه الرسالة ردا إيجابيا من قبل كوريا الشمالية. 

تقول الولايات المتحدة إنها ستعين مبعوثا خاصا لحقوق الإنسان في كوريا الشمالية، على الرغم من أنها لم تحدد جدولا زمنيا محددا، بينما يطرح المجتمع الدولي هذه القضية باستمرار للضغط على بيونغ يانغ، التي يتوقع أن يكون رد فعلها على هذه التحركات قويا.